تعليمية اللغة العربية بين النظرية والتطبيق

أ. روابح عبد الوهاب

 


        إن لِـلُغتنا تاريخا مجيدا وعريقا، ولنا الشرف أنْ نعتز بها، فقد كانت سيدة يوم دانت لها اللغات، وكانت بحرا للعلوم يوم ضاقت بِرَكُ اللغات، وكانت راقية برقي علومها وعلمائها وأمتها، أما اليوم فقد تغير حالها حيث تقهقرت عن المراتب العليا، وحُوصرت في عقر دارها، وتخلفَـتْ عن ركب التقدم الحديث، فهل العيب فيها؟  أم في أهلها الذين قصروا في حقها؟  أم في مناهجها؟ أم في طـرائـق تدريسها؟ أم في مدرسيها؟ أم في متمدرسيها؟ 
        الأكيد أنَّ عوامل كثيرة مجتمعة ساهمت في هذا الأمر بدرجات متفاوتة، وعلينا واجب التشخيص والعلاجِ  و العصرنة بتحديث برامجنا التنموية كلها كي نرقى إلى مراتب التقدير والاحترام، لأن الذي لا يتقدم يتقادم، والذي لا يسعى إلى صنع الحياة يسعى إليه الموت، ولا يمكننا أن نحقق ذلك إلا بالعمل على ترقية وتطوير مناهجنا وبرامجنا و مخططاتنا التربوية لأنها مفتاح عوالم الازدهار، ولتكن البداية من اللغة العربية إذ لا رقي بلا لغة راقية، ولا لغة راقيةً بلا رقي لأمتها، وذلك باستحداث طرائق جديدةٍ لتعليمها، وتـدريب فعال لحُماتها وحَمَلة رسالتها  لأنها لسان حالنا ومرآة شخصـيتـنا و لباس أفكارنا ومـتـرجمُ مشاعـرنا ووعاء موروثنا الفكري، وبها تُدرَّس كل المواد التعليميةِ الأخرى من علوم إنسانية و علوم دقـيقة وتكنولوجيا، وإن لم نحمها ونهتم  بها فستبلى ويقال علينا السلام.                           
        إنّ لُغَتَنَا العربية تعاني اليوم أكثر من أي وقت مضى من ضرَّاتها ومِن أهلها بين أهلها الذين لم يغوصوا في بحرها ولم يسـألوا الغواصين عن صـدفاتها الجميلة، ومن مظاهر هـذه المعاناة الضعـف اللغوي العام في المـدارس والمـعاهد نـطـقا وكتابـة على نطاق واسـع، وهـذا ما أكده أستاذ اللسانيات يحيى بعيطيش في مقاله بمجلة المربي ((وعلى الرغم من التـطبـيق الحَرْفي للـكثيـر مـن الإصلاحات إلا أن مـشـكـلة الضـعـف اللغوي ما زالـت مـتـفـشـية عـند الأغلبية من طلاب العربية، وما فتئت تتوسع وتتعمق مع مرور الزمن إلى أن أصبحت ملازمة للناشئة ولطلاب الجامعات، وحتى لبعض المتخصصين في اللغة العربية))  1 
         وبهذا الضعف اللغوي الذي تَسَبب في العزوف عنها، أو ربما العزوف عنها هـو الـذي تَـسَـبب في ضعفها، اقتحمت العولمة اللغوية أسوارنا وبلداننا متسربة عـبر وسائل الاتصال الحديثة وما حضرنا لمواجهتها سلاحا ولو بسيطا إذ لو كانـت قلاع لـغـتـنا محصنةً لمَا وصلتْ إلى ماهي عليه اليوم. ومن موجبات تحـصيـنها العمل بجـديــة على إحصاء مظاهر ضعفها وتشخيص أسباب تخلفها والاعترافِ بنقائصها ـ وفي الاعتراف فضيلة ـ ثم العمل على علاجها بالاستفادة من تجارب البلدان التي حققت نجاحا في برامجها التربوية ثم ندمـجها مـع تجاربنا الناجحة ولا حـرج في أنْ نأخذ من غيرنا، وقد أخذ الغير منا بالأمس.
        يجب أن نعترف بأن طلاب العلم عندنا يعشقون الشهادة ولا يعـشـقون العـلم يحـبون النـجاح ولا يحبون الاجتهاد، يحبون العلامة ولا يحبون المعلومة، يحضرون للنجاح الضيق المحدود ليلة الامتحان ولا يحضرون للمستقبل والنجاح البعيد في الحياة، يهيمون بحب لغات أخرى ويتغزلون بها ويتركون لغتهم معرضين عنها وفيها الجمال كله.
       كـيف نلوم أبناءنا؟ وكِـتَابُ مادة اللغة العربية المقرر رديء الطبع كـثـير الأخـطاء بكل أنـواعها مبعثرُ الأوراق ضعيف الغراء والالتصاق، أما كتب المواد الأخرى التي تدس باللغة العربية فمصيبة الأخـطاء فـيها أفـدحُ والعذر 
                                                           ـ 1 ـ


 أقبح لأنها ليست كتبَ أدب ولا نحو ولا بلاغة، فلا تهتم بجمال التـعبير ولا بسـلامة الأسـلوب من الأخطاء النحوية أو الإملائية أو اللغوية ناهـيك عن أساتذة هذه الموادِ الأخرى الذين بدورهم لا يراعون حرمة للغة العربية، فكيف نطلب من المتعلم أن يكون مثاليا مجتهدا مقبلا لا مدبرا، محبا لا نافرا بهذا الوجه المُنَفر من التعليم، نلوم أبناءنا ولغَتَنَا والعيب فينا فما لهُما عيبٌ سوانا. وعن أساب الضعف أضاف الأستاذ بعيطيش قائلا: ((إنها تعود إلى مؤطري تعليم اللغة العربية سواء أكانوا مفتشين أو معلمي لغة أو معلمي النحو بصفة خاصة، فهؤلاء وأولئك يغلب على تكوينهم الطابع التقليدي، والمرجعية اللغوية التراثية. إذ لم يستفد أغلبهم من النظريات اللسانية المعاصرة ... وهذا ما أثر سلبا على مردود العملية التربوية بصفة عامة وعلى تعليم اللغة العربية ونحوها بصفة خاصة)). 2 وهذا يعني أننا في وضع لا نحسد عليه، وما زاد طينها بلة إعراض أبنائها عن المطالعة من المحيط إلى الخليج وظاهر ذلك إحصائيات مُخجلة للمقروئية في الوطن العربي مقارنة بالدول الغربية التي ترتفع عندها نسب طبع الكتب وتعلو نسب مطالعتها، ولهذا المقام أسوق طرفة ـ ومن الطرائف ما يحزن ويُخجل ـ قالها الأستاذ رشيد بن عيسى وقد كان ممثل الجزائر في منظمة اليونسكو: سافرت عبر القطارات والحافلات كثيرا في أوربا وكنت كلما وجدت شخصا لا يطالع أقف عند رأسه وأقول له السلام عليكم، فيرد عليّ قائلا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فهل نحن من أمة اِقرأ؟ كلا نحن من أمة لا تقرأ. 
  إن توفرت لدينا الإرادة لإصلاح الوضع وإرجاع القطار إلى مساره الصحيح فإننا لا نعدم ذلك لأننا نملك من الطاقات المادية و البشرية ما يحقق المعجزات ـ لو تعلق قلب المرء بالثريا لوصله ـ بل لقد وصله اليوم فعلا، وإن أردنا البحث عن الرجال فحماتها وعشاقها والمختصون في علومها خميسٌ عرمرم لا يبخل عليها بالنفس والنفيس، كل هذا كفيل بإيصالها إلى الثريا، وإن كانت المركبة التي نصل بها إلى هذا الكوكب تبدأ من أصغر قطعة حديدية، فعلاجُ إصابات اللغة يبدأ من أصغر شيء في النظام التربوي وهو النقطة، ولا تعجبوا فأنا أقصد  نقطة التقويم التي هي معيار للنجاح والانتقال إلى المستوى الأعلى، فكلما كانت دقيقة صادقة كان النجاح أصدق، كما يجب أنَّ رفع معامل اللغة العربية في حـساب مـعـدلات النجاح لـتـلامـيـذنا أو جعل علامتها نـقـطة إقصائية إن كانت تحت المعدل ،أمرٌ ضروري لرفع مكانتها وجعلها حية بين الأحياء، وإن كـان في الاقتراح  بعض من القسوة بسبب ارتفاع  نسب الضعف فليطبق على مراحل بالتدريج، وهنا أذكر قصة قالها الأستاذ مولود قاسم ( ر)ـ وهو كاتب جزائري  كان وزيرا للتـعـليم الأصلي ـ عن فتاة ألمانية رسبت في امتحان شهادة البكالوريا لأنها لم تحصل على المعدل في اللغة الألمانية برغم تـفوقها في بقيـة المـواد، وبعد مقاضاتها  لوزارة التربية في بلادها حكمت المحكمة عليها ولم تحكم لها، بسبب إهمال اللغة الأم، فـرُقَي الأمـة علميا واقتصاديا من رقي لغتها، واحترام اللغة من احترام أمتها، فلماذا لا نفعل نحن الشيء نفسه ونسعى في سبيل حماية لغتنا بآليات كثيرة لا نعدمها. وهذا ما تفعله بعض الدول الأوربية في الجزائر وفي غيرها لحماية لغتها خارج حـدودها ببرامج تبدو بسيطة، ولكنها عظيمةُ الفاعلية، وهي أنها تـعنى بأساتـذة لغاتها في العطل الصيفية بدعـوتهم إلى بلدانها على حسابها للتكوين والدعم بأحدث البرامج التعليمية ناهيك عن السياحة والهدايا وكلِ ما يجعلهم يحبون تلك اللغة حبا جما. أفلا تكون الحكمة ضالتَنا أنَّى وجدناها نأخذها؟ أفلا يكون الناجحون قدوة لنا في كل مكان؟ إن المقام لا يتسع للحديث عن آليات الترقية والتطوير غير العلامة والمعامل لأنها كثيرة والأفضل ترك المجال إلى فئة مختصة مهيأة لهذا الغرض، وإنه لا يخفى على أحد أن مستقبل اللغة العربية مرهون بمستقبل أبنائها فإذا بدأ أهلها مسيرتهم نحو التقدم الثقافي والتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي سارت معهم اللغة وتطورت وتقدمت.
                                                             ـ 2 ـ

    إن معظم كُتّاب العربية المنظرين لها متفقون بأن العيب في المناهجِ والبرامج التي يجب تطـويرها وفي طرائقِ التدريس التي يجب تحديثها، وفي المُـنَـفذ المدرس الذي يحتاج إلى تكوين جيد لتطبيقها، وعلى هذا الأساس جَـربتِ الدول العربية في مدارسها كل البـيداغوجيات التعليمية قديمها وحديثها، إذ طبقت في بداية الأمر  بيداغوجيا المقاربة بالمضامين أو المحتويات التي ترى المعلم  مالكا وحيدا للعلم والمعرفة، وعليه أنْ يحشو ذهن المتعلم بأكبر قدر ممكن من هذه المعارف، ويوم الامتحان يردُّ إلينا هذا المتعلم بضاعتنا ثم ينجح، ولما ثبت فـشل هذه النظرية أو ضعفها على الأقل، ظهرت بيداغوجيا المقاربة بالأهداف التي تعمل بالمثير والاستجابة، وتخطط لأهداف يُسعى لتحقيقها بغـض النظر عن النفعية والفائدة في ميادين الحياة، وسرعان ما لاحت نقائصها أيـضا، فظهرت إلى الوجود حديثا المقاربة بالكفاءات أو الكفايات وهي مقاربة نفعية الأهداف عِلمية المـنهج واقعية الطرح، وهي المطبقة  اليوم في الجزائر ومن أبرز مبادئها تكوين متعلم قارئ ناقد كفء مالك للمعارف متحكم فيها قادر على  توظيفها في حل مشاكله في الحياة  (( لقد تغيرت النظرة إلى التعليم اليوم، حيث لم تعد تركز على المعرفة وإنما على اكتساب الوسائل المؤدية إليها وإلى تطويرها، وحسب البيداغوجيات الحديثة  فإن ذلك لن يتأتى إلا بطرائق تدريس نشطة  )) . 3                   
     إن تعليم اللغة العربية اليوم لا يحتاج إلى كـمِّ المعارف، فبطون الكتب في المكتبات تفيض بها، والمواقع المتخصصة مائدة غنية مليئة بما لذ وطاب من أنواع الغذاء الفكري، بل يحـتاج إلى معلمين وأساتذة أكْفاء وطرائق تدريس جديدةٍ لتوصيل المعارف إلى أصحابها المتعلمين بنجاح، على أن يكون المعلم حامل رسالة لا مجرد ساعي بريد، وقد ورد عن  الدكتور حمد الهمامي مدير مكتب اليونسكو ببيروت قوله (( مهما كانت نوعية وجودة المناهج الدراسية ووفرة التقنيات التربوية، ومهما بنينا من خطط أو استراتيجيات يبقى نجاحها مرهونا بيد المعلم، لذلك فالاهتمام بتدريبه وتأهيله يعتبر من ضروريات نجاح النظام التربوي )) 4 وهذا رأي سديد لأن المعرفة العلمية الجيدة في يد معلم  فاقد للطرائق الإجرائية غيرِ قادر على الإبداع  مصيرها الفشل والضياع، ولهذا فحاجتنا إلى برامج  إعداد المعلمين ملحةٌ، كما يراها الدكتور محمد الدريج في قوله ((وقد عَرفتْ برامجُ إعداد المعلمين العديد من التطورات كان من أهمها مدخل الكفايات بدلا من اعتماد المعرفة كإطار مرجعي، والتي أصبحت من  أبرز ملامح التربية المعاصرة، خاصة لدى الجهات المسؤولة عن تأهيل المعلمين...))  5  
        وبعد مطالعاتي لبعض مجلات وكتب التنظير لتدريس اللغة العربية، وكتب المقاربات الجديدة، استخلصت منها أنها معظمَها تشير إلى أن سبب الضعف اللغوي يعود إلى المعلم حيث يعاني من قلة التكوين والتدريب الفعال ويفتقر إلى طرائقِ التطبيق وأنماط التبليغ أكثر من حاجته إلى المادة العلمية بكثير، وقد وجدتُ تركيزها
على نـشاط القـواعد النحوية بالـدرجة الأولى على أنه السبب الرئيس أو قل هو العقبة الكؤود في طريق إنجاح تعليمية اللغة العربية وهذا ما يؤكده الدكتور محمد مجاور في قوله: ((...والخلاصة أن النحو لا يزال مشكلة رئيسة من مشكلات تعليم اللغة في اللغة العربية))، 6 يليه نشاط البلاغة ثم الأنشطة الأخرى بدرجات أقل.
ولا أكشف سرا إن قلت أن عقدة الخوف من النحو واللحن في اللغة العربية تصيب فئة كبيرة من أهلها في كل المستويات بما فيها العليا، وهي العقدة نفسها التي عانى منها سيبويه حين لحن في مجلس طلبِ علوم الفقه وقال ساعتها والله لأطلبن علما لا ألحن به أبدا. 
         وبحكم وظيفتي أستاذا للغة العربية في مرحلة التعليم الثانوي بالجزائر وتجربتي في الميدان مع المتعلمين، اطلعت عن كثب على الكثير من مواطن الضعف وأسباب الفشل والنفور من تعلم اللغة العربية أذكر منها أن
                                                          ـ 3 ـ

 وزارة التربية الوطنية في الجزائر رفعت مستوى التعليم إلى الأعلى بتطبيق المقاربات الجديدة مستعينة بالنظريات اللسانية والدراسات التربوية الحديثة ـ وفي هذا الأمر فائدة عظيمة لا شك في ذلك ـ إلا أنها تركت المعلم والمتعلم في الأسفل يعانيان، وكان الواجب تحديث وعصرنة كـل الأطـراف المشاركة في المنظومة التربوية لإنجاحها، لتعود بالفائدة على مجتمعاتنا وأبنائنا. وبالعودة إلى كُتب التنظير والمطبوعات التربوية للوزارة التي ركزت معظمها على المقترحات النظرية حين تحدثت عن الواجبات وضرورة التحديث والتطوير وأعدت حُزمًا كثيرة من النصائح والتوجيهات وأثقلت كاهل المعلم بأثقال من الواجبات ولكنها قلما تتعرض إلى تقديم الحلول الإجرائية في الميدان إلا من بعض المحاولات البسيطة، وإني أرى مَـثَـلَ الأستاذ في هذه الحال كمثل مريض يقول له ناصح أنصحك بالعلاج لتـشفى وهو في الحقيقة بحاجة إلى من يعطيه الدواء ليَشفى، أو كمثل من يفكر في كيفية عبور نهر، يأتيه ناصح ويـقـول له أنصحك بأن تَـرْكَبَ قاربا لتعبر النهر، وهو في الحقيقة بحاجة إلى من  يعطـيه القارب ويقولُ له اركبْ واعبرْ. فهل يجد المعلم في الميدان الدواء والقارب يوم يقف أمام المتعلمين حائرا في كيفية إنجاح درسه؟ حتى وإن كان زاده المعرفي معه بين يديه، إننا ننتظر منه أن يشفى بلا دواء وأن يعبر بلا قارب وهذا غير ممكن لأن المقاربة بالكفاية كما عرفها الدكـتور محمد الدريج ((قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معين ويتكون محتواها من معارف ومهارات وقـدرات مندمجة بـشـكـل مركب)) 7 وهذه القدرات المكتسبة هي الدواء وقارب النجاة. لأن امتلاك الزاد المعرفي ومراحلِ إنجاز الدرس كالتي ابتكرها رجل التربية الألماني هربارت فريديريك في القرن التاسع عشر والمطبقة في الكتب المقررة لا تكفي المعلم لإنجاح درسه، إذْ ((يكون المعلم كفءا إذا زاد على المعارف قدرات أخرى)). 8  وهذا ما دفعني إلى العمل على  استخلاص هذا الدواء وبناء هذا القارب مستعينا بخبرتي و تجربتي  في الميدان وبما سمعت في الندوات والملتقيات وما قرأت عن هموم العزيزة العربية هنا وهناك عبر مـساري المهني في الميدان، وكانت النتيجة أنْ توصلت إلى طرائق جديدة  في تعليمية أنشطة اللغة العربية خاصةٍ بمرحلة التعليم الثانوي، كنت أجمعها منذ مدة، و هي بمثابة المفتاح الذي يحل إشكالات وصعوبات تعليمية أنشطة اللغة العربية ويكشف عن مجاهيلها لتصبح معلومة و عن تعقيداتها لتصبح ميسورة واضحة جلية مُضاءة لا غبار عليها، وبهـذه الطرائق الجديدة  تتحقق الأهداف المسطرة في المنهاج وتـتـجـسد الكفاءات المطلوبة، وقد أثبت  الميدان نجاعتها بأداء المعلم أداء ممتعا ناجحا وفعالا في وقت قصير وجهد يسير ومردود وفير، أما المتعلم الذي كانت أسباب تنفيره أكثرَ من أسباب تشويقه، فيُـقـبِل على المادة ولا ينفر منها لأنها أصبحت سهلة جدا ومن طبع الإنسان عموما النفورُ من كل غامض معقد صعب، والإقبالُ على كل سهل ممتع، وبها يتحول هذا المتعلم من وعاء يُصَب فيه العلم إلى مشارك في العملية التعلُّمية ومنتج ومكتسبٍ للمعرفة فاهِمٍ لها وناقـدٍ ومفكرٍ بطريقة علمية، وتـتـحـقـق فيه الكفاءة اللغوية كما تدعو إلى ذلك المقاربة بالكفاءات التي ((تحوِّلُ جزءا مـن المعارف الدراسية إلى موارد لحل مشاكل، أو تحقيق مشاريع، أو اتخاذ قرارات)).  9       
      يبقى هذا المقال حبرا على ورق كما هي حال كل المقالات والبحوث وكتب التنظير للغة العربية بلا قيمة إن لم تجد مهندسين لغويين مبتكرين لبرامج النجاح متمكنين من تطبيقها في الميدان لإثبات نجاحها الملموس. ويبقى هذا المهندس أيضا ـ إن وجدناه ـ عاملا عاطلا بلا وظيفة إن لم يجد إرادة سياسية صادقة تأمر بذلك، وتنفق من أجل ذلك، وتحقق النجاح للمعلم والمتعلم، وفي نجاحهما الخير الكثير للبلاد والعباد.    
                                                           ـ 4 ـ                      


قائمة المراجع:
ـ 1 ـ مجلة المربي (المركز الوطني للوثائق التربوية) جزائرية عدد 19 ــ 2003   ص 75
ـ 2 ـ المرجع السابق نفسه ص 74
ـ 3 ـ مجلة موعدك التربوي (المقاربة بالكفاءات) جزائرية عدد 17 ـ 2005    ص 19
 ـ 4 ـ موقع مكتب اليونسكو في بيروت على جوجل
 ـ 5 ـ التدريس الهادف د محمد الدريج ط 1 ـ 2004 دار الكتاب الجامعي الإمارات العربية م  
     ص 299
 ـ 6 ـ تدريس اللغة العربية في المرحلة الثانوية د محمد مجاور 1998 دار الفكر العربي   ص402
 ـ 7 ـ المرجع رقم 5     ص 283  
 ـ 8 ـ المرجع رقم 3    ص 19 
 ـ 9 ـ سلسلة من قضايا التربية (جزائرية) العدد 34  ـ 2000    ص 11