للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الأمن اللغوي

أ. محمد الباهلي

 في الأسابيع الماضية قمت بالذهاب إلى العديد من المكتبات لأبحث فيها عن مجموعة من الكتب ذات العناوين المختلفة، وما أثار انتباهي أثناء البحث في هذه المكتبات التي ذهبت إليها أن الكتاب العربي في بعضها أُزيل بالمرة، وفي بعضها الآخر أزيل من واجهة المكتبة وتم وضعه في زاوية صغيرة داخل المكتبة لا تثير الانتباه، وأصبح تسعون في المئة من الكتب المعروضة في هذه المكتبات هي كتب إنجليزية، وعندما سألت بعض أصحاب المكتبات عن السبب في ذلك، كانت الإجابة واحدة: غالبية زوار المكتبات لا يفضلون قراءة الكتاب العربي ويسألون فقط عن الكتاب الأجنبي.

هذه الملاحظة مؤشر مهم يدل على أن اللغة العربية، رغم القرارات العديدة لتحسين وضعها، والوعود العديدة أيضاً لدعمها تواجه مشكلة خطيرة، تتمثل في أن رفض الكتاب العربي وتفضيل الكتاب الأجنبي، هو أحد إفرازات التعليم باللغة الإنجليزية واستعمالها بشكل واسع في بعض المؤسسات، حيث تحولت اللغة الإنجليزية لدى العديد من الدارسين في المدارس والجامعات التي تدرس باللغة الإنجليزية والتي توسعت نشاطاتها في التعليم في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة وخطيرة عند الكثير من الدارسين فيها إلى أن تكون اللغة الإنجليزية هي لغتهم الأم.
 
وعلى الرغم من عدم وجود أرقام ودراسات دقيقة حول هذه الظاهرة الحساسة، فإن آثارها واضحة للعيان، حيث إن معظمهم جعلوا ثقافتهم الأولى هي الثقافة الأجنبية، وأصبحوا يعانون من خلل كبير في القراءة باللغة العربية، وغير قادرين على الكتابة والحديث بها بصورة سليمة ويواجهون صعوبة كبيرة في الاتصال بالمصادر الثقافية العربية، وهذا في حقيقته سيزعزع سلامة الأمن اللغوي في المجتمع واستقراره، وسيؤدي إلى ظهور جيل من المواطنين لا يفكر إلا باللغة الإنجليزية، بل وقد يطالب بالتخلي عن العربية.. والأخطر أنه قد يفتعل معارك وصراعات لمحاربتها بالقوة، مستغلاً في ذلك نشاطها الكبير في المجتمع والخليط اللغوي الذي يدعم موقفها، والذي أخذ هو الآخر يتوسع داخل المجتمع على حساب اللغة العربية، وأيضاً المعارك التي تفتعلها بعض المؤسسات ضد اللغة العربية في بلدها الأم بطرق ووسائل غير مكشوفة لترويج اللغة الأجنبية.
ومن مظاهر مثل هذا الخلل اللغوي، تبدو في مواقف كثيرة منها مثلاً: الشكاوى المتكررة من الأخطاء اللغوية في التعليم والإعلام والثقافة.. معظم الأفراد يستلمون الرسائل من بعض المؤسسات الخدمية باللغة الإنجليزية، وأكثر التعاملات الخدمية والمصرفية تعتمد على لغة أجنبية، حتى تولد عن ذلك مصطلحُ يسميه المختصون في علم اللغة «الإعاقة النفسية» التي تصيب علاقة الفرد في المجتمع بلغته بحيث تصبح مكانة اللغة الأم عندهم ليست لها المكانة الأولى في قلوبهم أو عقولهم ولسانهم، فتراه في كثير من الحالات غير مرتاح نفسياً من استعمالها على المستوى الشفوي، وهذا يولد لديه مركب النقص مما يؤدي إلى ضعف الغيرة على لغته والدفاع عنها والاعتزاز بها.

اللغة هي الوعاء العميق الذي يضم في داخله عقيدة الأمة (القرآن الكريم والسنة النبوية) وهويتها وتاريخها وحضارتها وفكرها وإبداعها وتراثها، وهي المقياس الحقيقي لثروة الأمة الروحية والفكرية والحضارية، لذلك يلجأ علماء النفس والاجتماع والسياسة والتاريخ إلى اللغة لمعرفة خصائص أي أمة، والأمة التي تتهاون مع لغتها أو تهملها وتجعلها فريسة للغات الأخرى فهي تحول تاريخها وحضارتها وعقيدتها إلى شيء من التاريخ، وبما أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم فقد تصبح مثل هذه الحالة مع مرور الوقت آيات القرآن وسوره غريبة تحتاج إلى معاجم لغوية لكي نفهمها.
 

الاتحاد

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية