للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

البرنامج الدولي والعامية يفترسان العربية الفصيحة

أ. ندى شحادة

 

« لم أتوقع يوما أن إصراري على تدريس ابني للبرنامج الأجنبي في إحدى المدارس الخاصة التي تدّرس البرنامج الدولي،سيفقد ولدي ثقته بلغته الأم ،ويكون سببا في ضعفه في لغته العربية ،كتابة وقراءة ومحادثة ،فكان هدفي الوحيد ملاحقة التطور،ومواكبة مستجدات العصر الحديث دون أن ألتفت إلى أن اللغة العربية هي السبيل الوحيد للنجاح في معظم اللغات الأجنبية «. هكذا عبرت « أم زيد ياسين « عن خيبة أملها لعدم إتقان ولدها للغة العربية، وتغليبه اللغة الإنجليزية على حديثه داخل وخارج المنزل.

أصبح إخضاع الطلبة للتعليم الأجنبي على حساب اللغة العربية ظاهرة منتشرة ،وتنذر بخطر جسيم على اللغة العربية ، فقد أثبتت الحقائق العلمية والتربوية والنفسية على أن تعليم اللغات الأجنبية للأطفال بسن مبكرة يؤثر سلبا على تعلمهم للغتهم الأم ويحد من إتقانهم ،وفقا لما صرح به «للرأي» متخصصين.

وتشير الإحصائيات الصادرة عن مديرية التعليم الخاص بأن عدد المدارس التي تدرس البرامج الدولية في المملكة يبلغ ( 90 ) مدرسة من إجمالي (1350 ) مدرسة خاصة.

ورصدت «كاتبة التقرير» أن عدد انتساب الطلبة للبرامج الدولية في زيادة واضحة خلال السنوات الأخيرة، فمن خلال سؤالها لأكثر من عشرين ولي أمر طالب ،أبدى أربعة عشر منهم رغبتهم في خضوع أبنائهم لدراسة البرامج الدولية في المدارس بغض النظر عن تأثيرها على لغتهم العربية .

وتنطلق أهمية اللغة العربية من كونها إحدى اللغات الرسميّة الست في الأمم المتحدة منذ عام 1973؛ أما اللغات الأخرى فهي الإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية والصينية. وكانت «اليونسكو» خصصت يوما في السنة ليكون يوماً عالمياً لإحدى هذه اللغات من بينها اللغة العربية.

ويذكر أن أكثر من 400 مليون إنسان داخل الوطن العربيّ وخارجه يتكلمون اللغة العربية في أكثر من 60 بلداً؛ ويستعملها بليون مسلم في صلواتهم وقراءة القرآن والأدعية والأحاديث النبوية ، وهي بهذا ثاني لغة في الانتشار العالميّ بعد الإنجليزية.

ويوضح مدير الدراسات والنشر في وزارة الثقافة الأستاذ مخلد بركات بأن :»المحافظة على اللغة العربية جزء من المحافظة على الهوية الوطنية والقومية لما تشكله من حاضنة للفكر والممارسات الاجتماعية والسلوكية، فاللغة العربية لغة متجددة في أبنيتها النحوية والصرفية وصالحة لكل زمان «.

ويشدد مدير مديرية التعليم الخاص أيمن الشديفات على :»أهمية التركيز على تعليم أبنائنا اللغة العربية ،وتدريسها لهم بشكل صحيح من قبل الأسرة والمدرسة لكونها لغة القرآن الكريم ،وتعبر عن هويتنا القومية ،وثقافتنا وحضارتنا «.

وتنص الفقرة (أ) من المادة 8 من قانون حماية اللغة العربية رقم (35) لسنة 2015 على أن :»يلتزم المعلمون في مراحل التعليم العام وأعضاء هيئة التدريس في التعليم العالي باستخدام اللغة العربية في التدريس،ويعاقب كل من يخالف أحكام قانون حماية اللغة العربية أو الأنظمة أو التعليمات الصادرة بموجبه بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة الآف دينار» .

وبحسب مديرية الإعلام والنشر والتوثيق في مجمع اللغة العربية فإن :»قانون حماية اللغة العربية يهدف إلى إصلاح التلوث الحاصل من طغيان اللهجة العامية ،واللغات الأجنبية في الأماكن العامة والمراسلات والمخاطبات دون التنكر إلى الحاجة على الانفتاح ،وتعلّم اللغات العالمية».

ويؤكد :» أهمية إبراز اللغة القومية في حياتنا، فهذا القانون يعمل على حماية اللغة العربية ،والإعلاء من مكانتها، فهي وعاء الحضارة وهوية الأمة، وبإهمالها نتخلى عن أنفسنا وحضارتنا وتاريخنا ومجدنا وتراثنا وديننا ،وتطبيق القانون لا يتم إلا من خلال التعاون بين المجمع والجهات ذات العلاقة» .

معضلة حقيقية

يقول الطالب الجامعي إبراهيم التلاوي:» أنهيت الثانوية العامة وتقدمت للدراسة في الجامعة، فواجهت صعوبة كبيرة، وذلك لخضوعي للنظام الأجنبي طيلة فترة دراستي المدرسية، ففوجئت بمساقات كثيرة في الجامعة تحتاج إلى إتقان اللغة العربية ،ما أوقعني في مشكلة حقيقة «.

ويبين أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأردنية الدكتور عوني الفاعوري بأن :»اكتساب اللغات الأخرى بات أمرا مهما ،لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب اللغة العربية ، فيجب الاهتمام بها بشكل خاص ، وعلينا أن نتذكر دائما بأن اللغة العربية ،كانت في الماضي لغة عالمية ،خاصة أثناء العصر الذهبي للحضارة العربية في القرن الرابع الهجري ، فقوة اللغة ترتبط بقوتنا وعلينا مواجهة التبعية للدول الأجنبية» .

ويلفت إلى أن :»بعض الطلبة الخاضعين للنظام الأجنبي يواجهون صعوبة كبيرة في الجامعة ،خاصة طلبة التخصصات العملية كالهندسة والطب « .

أخطاء لغوية

طلبت «كاتبة التقرير» من الطفل زهير القصراوي ،وهو طالب في الصف الثالث الابتدائي كتابة عدة جمل باللغة العربية الإ أنه وجد صعوبة في كتابتها فضلا عن ارتكابه أخطاء إملائية عديدة ، في حين أنه كتب عدة جمل باللغة الإنجليزية بسهولة ويسر .

تقول والدة زهير « منذ أن دخل ولدي الروضة ،وهو يتلقى التعليم الأجنبي ،ولاحظت أنه أصبح يواجه صعوبة في دراسة مواد اللغة العربية ،فعزمت على أن أعطيه مساحة اهتمام أكبر باللغة العربية حتى يتمكن من كتابتها وقراءتها بشكل أفضل».

ويبين الشديفات بأن :»أساليب تطور اللغة الإنجليزية باتت أكثر جاذبية خاصة الكتب المستخدمة لتعليم الطلبة ، ما يؤثر سلبا على تقبل الطلاب للغة العربية ويخلق اتجاها سيئا نحوها ،خاصة في ظل تقديم البرامج التلفزيونية التعليمية باللغة الإنجليزية ،وإصرار بعض الأهالي على أن تكون جزءا أساسيا في حياة الأطفال ،ما يخلق خطرا يحيط باللغة العربية في ظل تحييد دور الأسرة في رعاية تعلم ابنها للغة العربية ،واعتمادهم على الأجنبية».

ويركز على أن « التأثر باللغة العربية أو الأجنبية يعتمد على درجة وعي القائمين على المؤسسات التعليمية الخاصة،والتي تدرس البرامج الأجنبية «.ويشدد بركات على أن :»المحافظة على اللغة العربية الفصيحة تكون من خلال الكتابة الإبداعية ،ويجب أن تعمل أجهزة الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة على بناء الوعي لدى الإنسان» .

ويضيف « نحن لسنا ضد تعلم اللغة الانجليزية ،ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب اللغة الأم ،فمثلما يتفاخر الغرب بلغتهم يجب أن نفتخر نحن بلغتنا» .

أحرف لاتينية

اعتاد الطالب يوسف دهشان على كتابة اللغة العربية بالأحرف اللاتينية ،ويقول :» أتبادل الرسائل مع أصدقائي بالأحرف اللاتينية ، وأستطيع الكتابة بهذه الطريقة بسرعة كبيرة على عكس الكتابة بالأحرف العربية ، و الخوف من الوقوع في مصيدة الأخطاء الإملائية الكثيرة ،هو السبب لهروبي من الكتابة بالعربية ،وذلك نتيجة خضوعي للتعليم الأجنبي ،والذي أتقنت فيه اللغة الإنجليزية ،ولم أتعلم فيه اللغة العربية بشكل كاف «.

يوضح الشديفات بأن :»كتابة اللغة العربية ،بحروف لاتينية يمثل انهيارا جديدا للغة العربية ، فقد انتشرت مؤخرا بين أوساط الشباب في رسائلهم المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الهاتف المحمول ،وهو ما يسميه الجيل الجديد باللغة العربية الإنجليزية «العربيزي «وهو ما ينعكس سلبا على اللغة العربية «.

لهجة عامية

«جيت بوئتك ، أهوة أفندينا « أخطاء لغوية وإملائية واضحة للعديد من الإعلانات المتواجدة ،والمنتشرة في الشوارع ،والطرقات ،وأصبح طلاب المدارس والجامعات يقومون بكتابتها كما اعتادوا أن يشاهدوها ، فأصبح الطلبة يقومون بكتابة الكلمات العربية باللهجة العامية .

وتنص المادة الرابعة من قانون حماية اللغة العربية على أن :»أي إعلان يبث أو ينشر أو يثبت على الطريق العام ،أو في أي مكان عام أو وسائط نقل عام، ويجوز أن تضاف ترجمة له بلغة أجنبية على أن تكون اللغة العربية أكبر حجماً وأبرز مكاناً».

ويشدد بركات على أن:»نعمل على المحافظة على اللغة العربية بجدية كبيرة ، فلا يكاد يخلو أي إعلان بالشارع من الأخطاء اللغوية أو الإملائية ، وهذا يحتم على الآباء والأمهات تدريس أبنائهم للغة العربية والاستعانة بأهل الاختصاص من اجل تقويم اللسان ،والتعود على النطق السليم في مخارج الحروف والكتابة الصحيحة» .

مبادرات ملكية وحكومية

بالإضافة إلى المبادرات الملكية و الحكومية العديدة للمحافظة على القراءة والكتابة كانت هناك مبادرات فردية تهدف إلى إنشاء جيل ينير طريقه بالقراءة والمعرفة ، ومثال ذلك مبادرة «كتابي « ومبادرة « غسق « للكتابة والقراءة وغيرهم من المبادرات التي تحث وتشجع على القراءة.

وفي عام 2015 أطلقت جلالة الملكة رانيا العبد الله برنامجاً تعليمياً وطنياً يهدف إلى تحسين مهارات القراءة والحساب لدى طلاب المرحلة الابتدائية في كافة مدارس المملكة الحكومية ،وأشرف على تنفيذه وزارة التربية والتعليم .

وأطلق مؤخرا الملك عبد الله الثاني :»مبادرة لختم القرآن في بداية شهر رجب من العام الجاري ،وتضمنت قراءة ربع حزب من القرآن الكريم بعد كل صلاة من الصلوات الخمس من قبل الأئمة والمصلين ،وهذا ما يعزز مكانة اللغة العربية لكونها لغة القرآن الكريم انطلاقا من قوله تعالى :» إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا».

وتقول ديانا الحسن وصاحبة «مبادرة كتابي» :» إن القراءة مفتاح للعلم والتطور وبناء جيل واع ،وقادر على التعلم والإبداع ، وأن إيمانها ويقينها بأهمية القراءة للأطفال منذ الصغر هو ما جعلها تطلق المبادرة «.

ويبين صاحب مبادرة غسق للقراءة مارسيل أحمد بأن:»أهمية القراءة تكمن بأنها غذاء للروح، وبها نكتسب المهارات المختلفة التي تمكننا من النجاح في حياتنا، ونتخطى بها جميع حواجز الجهل التي تواجهنا، فتصبح القراءة كمنارة تنير طريق الشعوب وتعلي من شأنه وتعمل على الارتقاء به».

وتطالب ديانا الجهات الحكومية بتعزيز مكانة اللغة العربية من خلال تشجيع المبادرات التي تحث على القراءة والكتابة ورعايتها ماليا ومعنويا.

ويشدد أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور حسين خزاعي على :»أن نعمل جاهدين يدا بيد للمحافظة على لغتنا العربية الأم ،وأن نستمر بالتحدث مع أبنائنا بالعربية ليتمكنوا من إتقانها» .

ويطالب القائمون على مجمع اللغة العربية بتأليف الكتب التي تنمي المهارات اللغوية لدى الطلبة ، واقامة المسابقات الثقافية الخاصة باللغة العربية قراءة وكتابة ومحادثة ، وتخصيص مكافآت مالية مجزية لغرس حب اللغة في نفوس الطلاب ،وعقد الدورات والمشروعات المجانية لمهارات اللغة العربية ،وغيرها من الفعاليات التي تنهض بها .
 

الرأي

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية