للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

نعم .. اللهجة الدارجة آفة التعليــــــم في المغرب

أ. عمر الطيبي

 

أثار ادراج بعض المواد بالدارجة المغربية، ضمن الكتاب المدرسي للغة العربية الخاص بالفصول الاولى من التعليم الابتدائي، نقاشا واسعا، في الصحافة ووسائل الاعلام،تركز بالخصوص حول موضوع المفاضلة بين اللغة العربية الفصحى والدارجة كلغة اساسية في التعليم.

  وكان من الطبيعي، أن يعود موقف ورأي الاستاذ عبد الله العروي، المعروف بدفاعه عن خيار اللغة العربية ورفضه تدريس الدارجة كمادة اساسية، الى الواجهة كمافي كل مرة طرح فيها هذا الموضوع، غير أن ما لا ينتبه اليه المهتمون كثيرا في هذا الاطار، هو تحذير المفكر المغربي الكبير من ان اعتماد الدارجة لغة أساسية، من حيث انها حتى ولو ساعدت على تقليص الامية، الى حد ما، كما حصل في بعض البلدان الافريقية، فانها لنتتيح لمتعلمها الارتقاء الى أكثر من درجة ما يسميه بـ "المتعلم غير المتمكن" (اليتري بالفرنسية).

  والواقع أن هذا "المتعلم غير المتمكن" هو النموذج الذي دأبت المدرسة العمومية بمختلف مراحلها على تخريجه منذ عقود وما زالت، وذلك من دون حاجة حتى لترسيم الدارجة، فمشكلة التعليم بالمغرب، أضحت تتمثل تحديدا، وعلى عكس ما يوصي به الخبراء والمفكرون، وضدا على مقتضيات الدستور، في هيمنة الدارجة، على مناهج وبداغوجيا التدريس هيمنة مطلقة، لا كمادة تدرس، ولكن كوسيلة لتدريس جميع المواد، بما فيها اللغات الرسمية، بحيث يمكن الجزم وبدون ما تردد، بأن آفة التعليم المغربي باتت اليوم هي اللهجة الدارجة بالذات، وذلك بسبب انها اصبحت أداة تخريج نموذج "المتعلم غير المتمكن" الفعلية.

  ولعل مما يضاعف من تاثير الدارجة المدرسية السلبي على الخريج هو واقع ان المحيط اللثقافي والاعلامي واللهجي الموروث، لا يساعد التلميذ والطالب على تنمية مهاراته اللغوية سواء في اللغة العربية، او في غيرها من اللغات المعتمدة، ليس بسبب طبيعة الذخيرة الاجتماعية الموروثة في هذه الميادين وحدها، ولكن أيضا بفعل فاعلين اقتضت مصالحهم توجيه رأس المال اللغوي للمغاربة في هذا الاتجاه.

  ولعل أبرز مثال على ذلك ما قام به نور الدين عيوش وولده وشركاهما وزملاؤهما في الاعلام والاعلان، وطبعا مع من يقف وراءهم، من الوكلاء المحليين للميتروبول الفرنكوفوني، عن قصد واقتناع وعلى مدى عقود، بنصيب وافر في تجريف اللغة العربية من الشوارع والبيوت والمحلات العامة، كما في تحقيرها وتبخيس قيمتها لدى الشباب والناشئة.

  وقد نفذوا هذه العملية الالتفافية من دون احترام حتى للذوق العام ولا للحد الادنى من الحس الفني، عبر ترجمات دارجة، كانما مستمدة من مطرح نفايات لغوي، والامر واضح جلي، في لوحات الاعلان، ووصلات الاشهار، ودبلجة مطولات الانتاجات الدرامية الاجنبية الرديئة .. حتى اذا ما اطمأنوا الى التسليم بسوء صنيعهم من طرف الراي العام، وتحصيل مقابله مبالغ طائلة من المال العام، اتجهوا مباشرة لتبخيس قيمة اللغة الوطنية (العربية)، بزعم  تنمية الانتاج الوطني، والدليل على ذلك، برامج من قبيل برنامج "الشاليني تيفي" لصاحبه حسن الفذ، ومسلسل "الخواسر" لاصحابه المشخصاتية الفاشلون.

ثم ها هو عيوش، يدعو بكل بساطة الان، بينما "الكلاب تنبح والقافلة تسير"، على حد تعبيره، ليس الى اعتماد الدارجة لغة رسمية في التعليم، فقط، ولكن ايضا الى نقل تجربة مؤسسته (زاكورة) في شبكة المدارس القروية المجانية، "كتجربة رائدة" الى مدارس التعليم العمومي.

 وتتمثل هذه التجربة، حسب صاحبها، في اعتماد مرحلة ابتدائية تستغرق ثلاث سنوات، بدلا من خمسة، تتوج بالشهادة الابتدائية المعترفة بها من طرف الدولة، والعمل لاحقا على ضغط سنوات الدراسة في المستويين الاعدادي والثانوي بدورها في ثلاث سنوات بدل ستة، زاعما أن تلاميذ شبكة المدارس القروية اثبتوا تفوقهم الكبير على نظرائهم في المدارس العمومية، من حيثالنتائج ومستوى التحصيل.

  ان مشروعا بهذه المواصفات ليكشف بالضبط الغاية من هذا الاصرار الهستيري، من طرف عيوش وصحبه، على ترسيم الدارجة لغة اساسية في التعليم العمومي، فالعامية "المضغوطة" وحدها تتيح امكانية تخريج "المتعلم غير المتمكن" اي ذلك المتعلم الذي ليس أميا يجهل القراءة والكتابة بالمرة، وفي الوقت نفسه غير متعلم كفاية، بحيث يمكنه ارتياد آفاق معرفية أرحب. 

 واذا ما قسنا ذلك على مختلف المهن التي يمارسها السيد عيوش والقطاعات التي يمثلها، أي من حيث وضعه كصاحب شركة اعلانات، وكناشط جمعوي يشرف على شبكة مدارس قروية، وكرئيس جمعية بنكية للقروض الصغرى، وخبير تواصل دائم الحضور في وسائل الاعلام والاتصال، وكمستفيد دائم من الريع ... تتبين لنا خطاطة او "شيما" الاهداف الكامنة وراء التخطيط لتخريج "المتعلم غير المتمكن" من مدرسة المسقبل العيوشية.

  ان هذا الخريج هو شخص يفهم رسالة المعلن ويتفاعل معها مهما كان الثمن، وهو الذي يهب كل سنة الى اقرب مؤسسة بنكية لاقتراض ثمن خروف العيد، يؤدي بعدها اقساطه الربوية على مدار السنة، وهي لالة نمولة التي تبكي يوم الاربعاء القادم على الساعة السابعة مساء، معبطلة مسلسل "سامحيني" التركي المدبلج الى الدارجة في انتظار الحلقة التي تليها، وهو نمول الذي تبدو له اقفاص الضحى كقصور منيفة بفعل اعلانات السيد عيوش، انه شخص مرهق، طيع، خنوع، يسهل التحكم فيه .. انه دارج وتافه .. انه باختصار عضو دائم العضوية في جماعة "المداويخ".

  هذه هي اهداف مشروع السيد عيوش ومن يقف وراء السيد عيوش، بكل اختصار ووضوح، ترى ماذا انتم فاعلون ايتها الاطراف المعنية والمتعارف عليها وطنيا، من اجل انقاذ اللغة العربية ورد اعتبارها، وحماية المدرسة العمومية من خطرالاندثار، والحفاظ على مجانية التعليم، وضمان حق ابناء المغاربة في الحصول على تعليم متطور ؟؟.

لكم

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية