أ. عبير يونس
حين يتعلم الإنسان لغة أخرى، عليه ألا ينسى لغته، فكيف إذا كانت لغته هي العربية التي لا تقل أهمية عن غيرها من لغات العالم.
والتي بها كتب الشعراء وأبدعوا أجمل القصائد التي تحاكي الإنسانية على مر العصور. ولكن الواقع مختلف تماماً، بعد أن عجزت كل صيحات جمعية حماية اللغة العربية، عن وقف التدهور الذي أصابها، كنتيجة طبيعية لعجز أهلها في الحفاظ على مكانتها بل إهمالها، لدرجة أن الإنجليزية أصبحت لغة الشارع، حتى إن مسامعنا ألفت سماع الناس يتحدثون بها في المرافق العامة على اختلافها.
وهو ما يعكس ما يحدث في المنزل والمدرسة، والأخطر أنه يكرس لقناعة تتلخص بأن تعلم الإنجليزية هو الأهم، حتى لو كان على حساب اللغة العربية الأم.
ميثاق العربية
يقول الإسبان: «إن الإسباني الجيد هو الذي يعيش عمره كله محاولاً تعلم لغة أخرى»، وما هو إلا دليل على احترامهم للغتهم الأصلية، فاللغة الأم تلتصق بالإنسان كما لون عينيه وبشرته، وكلما حاول أن يتخلص من حقيقتهما يصاب بالتشوه. فهي جزء لا يتجزأ من هوية الشخص، وانتمائه لوطنه.
ولهذا كانت تحرص الدول المستعمرة على فرض لغتها على الدول التي تستعمرها، كنوع من سلخ الإنسان عن جذوره وتاريخه.
واقع التعامل مع اللغة العربية دفع مجلس الوزراء في 2008 لإصدار قرار يلزم كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية في جميع إمارات الدولة باعتماد العربية لغة رسمية، في كافة أعمالها ومكاتباتها ومخاطباتها، بهدف تطابق التنظير مع الممارسة وتدارك انحسار اللغة العربية.
لكن الحديث عن خطورة الأمر واهتمام الدولة بتعزيز العربية، لم يتعدَ في أحيان كثيرة بأن يكون مجرد احتفالية سنوية تقام لهذا الغرض، فالكثير من الدوائر والمؤسسات التعليمية والثقافية، بل والمتحدثين باسمها لا يستغنون عن الإنجليزية، وهو ما يراه بعض القانونيين ثغرة حقيقية، في حال حدوث خلاف مع أطراف أخرى، ستستفيد الجهة المقابلة من ثغرات الترجمة في أي نزاع لا يحل إلا بأروقة المحاكم.
ولاطلاع القيادة ومعرفتها بخطورة ما يحدث، جاءت مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، القائمة على أن «رؤية الإمارات 2021»، والتي تهدف إلى جعل الدولة مركزاً للامتياز في اللغة العربية، كأداة لتعزيز الهوية الوطنية باعتبارها لغة حية غنية نابضة بالحياة والأصالة.
البيان