للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

أي مستقبل ينتظر اللغة العربية؟

أ. ليون برخو

 اللغات لها الكثير من الشبه مع الكائنات الحية. كما أن الكائنات تمر بدورة تطور تبدأ من الولادة أو الوجود على وجه الأرض ومن ثم تتطور وتنمو وتشيخ وبعدها قد تنقرض كذلك اللغات.

نظرية التطور evolution theory الداروينية، اختلفنا أو اتفقنا معها، تنطبق على اللغات أيضا كما أنها تنطبق على الحضارات والثقافات واليوم تستخدم أيضا لمراقبة أنظمة الحكم والمؤسسات والشركات والمنظمات.

ونظرية التطور كما عرفناها أعلاه قد تأخذ آمادا طويلة (آلاف أو عشرات الآلاف من السنين) وربما آمادا قصيرة (حياة الإنسان على الأرض).

المدى القصير لا نكترث له كثيرا رغم أهميته. كثير منا ينظر إلى صوره عندما كان طفلا أو يافعا وإلى حاله اليوم وقد بلغ من الكبر عتيا وغزا الشيب رأسه وتغيرت كل ملامح وجهه وأعضاء جسمه.

تطور اللغات يقع على المدى المتوسط أي عدة قرون لا أكثر.

اللغة قد تتحول من حالة إلى أخرى، أي يصبح من الصعوبة بمكان على قارئ اليوم أن يهضم نصا مكتوبا قبل عدة قرون.

بعض اللغات لا سيما التي لا تمارس ضمن نطاق التربية والتعليم أو التي ينحصر استخدامها ضمن نطاق ضيق جدا (الطقوس الدينية مثلا) تتحول من حال إلى حال بسرعة إلى درجة لا يطيق أصحابها قراءة أي نصوص مكتوبة فيها.

اللغة المحكية قلما تتشابه مع لغة الكتابة أو اللغة المقروءة. كلما تباعدت اللغة المحكية عن لغة الكتابة، زادت إمكانية تطور اللغة المحكية إلى لغة جديدة لها كل خصائصها من مفردات وقواعد صرف ونحو.

علماء اللغة واللهجات درسوا ظاهرة تطور اللغات وأشبعوها نقاشا.

بيد أن غالبية دراساتهم تناولت اللغات الهندو-أوروبية. اللغة العربية لم تنل قسطها الذي تستحقه من هذه الدراسات.

والسبب قد يعزى إلى أن اللغة العربية تختلف اختلافا جوهريا من حيث نظرية النشوء والتطور عن اللغات الأخرى.

إلى ما قبل عقود قليلة، استندت اللغة العربية إلى دعائم راسخة في التاريخ والوجدان العربي درأت عنها أخطار نظرية النشوء والتطور.

كان القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة دعائم تستند إليها هذه اللغة في صون نفسها من التقلبات التي يحدثها النشوء والتطور.

اللغة العربية ربما هي اللغة الوحيدة في العالم التي حافظت على جوهرها من حيث المفردة والعبارة والنحو والصرف لأكثر من 1500 سنة تقريبا.

والذي يتمكن من ناصية هذه اللغة بإمكانه استيعاب تراثها وقراءته وهضمه بيسر عكس أي لغة أخرى حيث يتعذر اليوم على الذي يتملك ناصية اللغة الإنجليزية هضم نصوص كتبت قبل عدة قرون بيسر.

إذا أين تنبع الخطورة على اللغة العربية؟

هذا سؤال مهم وحيوي على المختصين والأكاديميين إشباعه نقاشا وبحثا.

في رأيي أن اللغة العربية اليوم في وضع أكثر حرجا وخطورة من اللغة الإنجليزية أو أي لغة أخرى.

لماذا؟

لأن اللغة العربية اليوم تفتقر إلى ما نطلق عليه في علم اللغة the common core وهو الإطار الجوهري الذي يلتزم به المثقفون والكتاب والمدارس والجامعات والإعلام.

مثلا، لا يستطيع الأمريكي أو الإنجليزي أو أي شخص يمتلك ناصية اللغة الإنجليزية كلغة أم أو لغة ثانية أو أجنبية أن يدخل الصف في الجامعة ويستخدم لهجته المحلية. عليه أن يستخدم ما أطلقنا عليه the common core.

وهذا ينطبق على الإعلام أيضا. ليس باستطاعة صحافي أو إعلامي مخاطبة المتلقين بلهجته المحلية. عليه استخدام the common core.

وقس على ذلك لغة السياسة والدولة والمراسلات والقضاء والإعلان وأغلب الأصناف التي ترافق اللغة الإنجليزية.

في اللغة العربية بدأ the common core وهو يمثل اللغة الفصيحة بالاضمحلال والاندثار. اليوم مثلا يدخل أستاذ الجامعة الصف وهو يتحدث اللهجة أو اللغة المحكية الشائعة في منطقته.

وكذلك نرى أن الإعلام، لا سيما المسموع والمرئي منه، بدأ ينجرف صوب اللغة المحكية.

وإن أخذنا النزعة القطرية والمحلية لبعض البلدان والشعوب العربية بجعل اللغة المحكية اللغة الدراجة في التربية والتعليم وغيره، نكون حقا أمام وضع قد تخسر فيه اللغة العربية مكانتها.

ستكون اللغة العربية في خطر حقا إن حصرها العرب في أروقة الجوامع والدراسات الدينية.

وعلى العرب الاتفاق علىcommon core خاص باللغة العربية وهو متوافر وفي متناول اليد: إنه اللغة الفصيحة الجميلة الساحرة.
 

الاقتصادية

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية