للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

تعريب العلوم الطبية

ماهر محمدي يس

 بدأ تدريس الطب باللغة العربية في مصر عام 1827 م ، مع تأسيس محمد علي أول مدرسة للطب الحديث في أبي زعبل واستمر لمدة 70 سنة.
وكان أول ناظر لها الطبيب الفرنسي العالم انطوان كلوت الذي اشتهر بـ "كلوت بك" ، الذي كان رأيه أن يكون التدريس باللغة العربية ، لأن التعليم بلغة أجنبية لا نحصل فيه على الفائدة المنشودة ، ولا ينتج عنه توطين للعلم أو تعميم نفعه ، ولذلك أتقن اللغة العربية وعلم بها ، وأخلص للبلد الذي كان به حفيا قرابة سبعين سنة .

وبعد عشر سنوات نقلت مدرسة الطب المصرية إلى قصر العيني ، وأصبح عدد طلابها 500 طالبا ، وقد قام الأساتذة المصريون الرواد بترجمة معجم فرنسي في المصطلحات الطبية إلى العربية ، يعاونهم عدد من المصححين المتعمقين في العربية واستخرجوا من " القاموس المحيط " كل ما يدل على مرض أو نبات أو حيوان أو معدن ، وادخلوا من ذلك طائفة من المصطلحات في المعجم .
وكلف عـدد من المصححين مثل محمد بن عمر التونسي باستخـراج ما في قانون" ابن سينا " وتذكرة داوود الأنطاكي من التعريفات وضم ذلك إلى المعجم . كما تم وضع معاجم مختلفة عربية فرنسية في سنة 1842 م لإسكندر نعمة ، وإنجليزي عربي لخليل خير الله ، ورافق ذلك حركة ترجمة وتأليف إلى العربية .

وبلغ عدد خريجي مدرسة الطب في عهد محمد علي ألفا وخمسمائة طبيب ، أما الكتب الطبية المترجمة إلى العربية فقد بلغت ستة وثمانين كتاباً اشتملت على ألوف المصطلحات ، ومن أهم هذه الكتب كتاب القول الصريح في علم التشريح الذي وضع للتدريس عام 1834 م وكتاب المنحة في سياسة حفظ الصحة 1834 م ، و طبعت بمطبعة بولاق بمعدل ألف نسخة من كل كتاب ، وأرسل الكثير منها إلى اسطنبول والجزائر وتونس ومراكش والشام وفارس .

وللأسف بعد تولي عباس أصيبت مدرسة الطب بنكسة وكذلك في عهد سعيد بسبب تدخل القناصل الأجانب للقضاء على هذه المدرسة .
ثم عاد للمدرسة مجدها في عهد إسماعيل ، وتولى رئاستها د. محمد علي البقلي باشا بين عام 1873 م وعام 1879 م ، حيث أصبح التعليم كله بالعربية والأساتذة مصريين عدا واحد .

وأنشئت أول مجلة طبية شهرية باللغة العربية ، وهي تعتبر أول مجلة باللغة العربية على الإطلاق ، وطبعت بمطبعة بولاق الأميرية وكان اسمها " اليعسوب " أي ملكة النحل" ، واستمرت ما بين 1865 م و1879 م وكان شعارها :" يخرج من بطونها شراب مختلف فيه شفاء للناس " ، ومجلة المنتخب عام 1881 م وصحيفة شهرية باسم الشفاء عام 1886 م .

ثم جاء الاحتلال الإنجليزي لمصر سنة 1882 م , وما لبثوا في عام 1887 م أن حولوا لغة التعليم إلى الإنجليزية ، وجعلوها بإشراف مدير إنجليزي .

ومن الغريب أن اليابانيون أوفدوا إلى مصر في القرن الماضي بعثة مكثت فيها أسابيع درست خلالها تجربة محمد علي ثم عادت لتطبيقها في اليابان ، وكما فعل محمد علي أوفد اليابانيون طلابا إلى أوربا ، وعادوا لبلادهم ، فعلموا ما تعلموه باللغة اليابانية .

لذلك نجد أن معظم دول العالم المتقدم تجعل اللغة الوطنية هي لغة التعليم ومثال ذلك اليابان , والصين , وفرنسا ، وألمانيا ، ..... ، حتى إسرائيل التي تضم شتات جلبتهم من دول العالم ، مختلفي اللغات ، ومع ذلك أحيوا اللغة العبرية وجعلوها لغة التعليم ، كما أن هذه الدول لا تسمح لأبنائها بأن تنطق ألسنتهم بغير لغاتها ، ولذلك نجد الفرد العادي يباهي بلغته الأم بالرغم من معرفته لغات أخرى .

وفي بيروت بدأ تدريس الطب بالجامعة الأمريكية مابين عام 1867 م وعام 1887 م لمدة 15 سنة ، ورافق ذلك إصدار مؤلفات مختلفة مثل النصائح الموافقة في سن المراهقة ، و المبادئ الصحية للأحداث ، وأضرار المسكرات للدكتور اسكندر البارودي ، وفي عام 1878 م صدرت مجلة الطبيب للدكتور جورج يوسف .

وقد ساعدت هذه المجلات والمؤلفات الأطباء ، بحيث فسحت لهم مجالا لنشر خبراتهم الطبية والإطلاع على كل جديد ، مما يدل على أن اللغة العربية سايرت التطور العلمي والتقني واستوعبت كل جديد ، ولكن الاستعمار أجهض هذه التجربة الناجحة ، لأنه يعرف أثر التعليم باللغة الوطنية .

وكانت التجربة الثالثة افتتاح المدرسة الطبية الملكية العثمانية في دمشق عام 1903 م ، وكان التدريس باللغة التركية ، وفشلت محاولات استبدالها بالفرنسية .

وفي 12 يناير (كانون الثاني) عام 1919 م أنشئ المعهد الطبي العربي خلفا للمدرسة الطبية العثمانية ، وكان التدريس باللغة العربية بفضل الرواد الأساتذة الأطباء منهم د. مرشد خاطر ، و د. أحمد حمدي الخياط ،
ود. حسني سبح ، و د. أحمد شوكت الشطي ، ود. جميل الخاني ، د. حنا سعيد .....وغيرهم من الذين وضعوا المصطلحات العربية المقابلة للأجنبية .

كما ألفوا الكثير من الكتب والمقالات ، وكان أهم إصدار هو معجم العلوم الطبية للدكتور مرشد خاطر والدكتور أحمد حمدي الخياط ،ودكتور محمد صلاح الدين الكواكبي طيب الله ثراهم ، وللعلم فإن الدكتور أحمد حمدي الخياط هو والد العالم الجليل أ.د/ محمد هيثم الخياط كبير مستشاري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط ومدير البرنامج العربي ، وفي عام 1924 م أصدروا مجلة باسم المعهد الطبي العربي برئاسة تحرير الدكتور مرشد خاطر يشارك فيها أطباء ولغويون من مختلف الأقطار العربية .

استمرت المسيرة 86 سنة في سوريا العربية ، صامدة أمام كل الظروف وفي كل مراحل التدريس ، وفي كل الاختصاصات في المعهد الطبي العربي في دمشق ، الذي أصبح كلية الطب بالجامعة السورية التي أصبحت جامعة دمشق فيما بعد ، ويمتد التدريس باللغة العربية في سوريا العربية ليشمل كل الجامعات السورية , ولا يعني التدريس باللغة العربية إهمال اللغات الأجنبية التي تمكنهم من الانفتاح على علوم الآخرين .
ولا زالت سوريا العروبة تواصل مسيرة التدريس باللغة العربية ، وقاها الله شر الأعداء والمتربصين .

وامتدت مسيرة تعريب التعليم الطبي ، فقد ألف " اتحاد الأطباء العرب " سنة 1966م لجنة لتوحيد المصطلحات الطبية التي أصدرت المعجم الطبي الموحد في طبعته الأولى عام 1973 م ثم أصدرت ثلاث طبعات من هذا المعجم ، وصدرت آخر طبعه منه في عام 1983 م .

وأنشئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية " لجنة العمل الخاصة بالمصطلحات الطبية " التي واصلت تطوير المعجم الطبي الموحد واستغرق هذا العمل سنين وجهود علماء أفاضل ، وأصدرت نسخة الكترونية وتبعها إصدار النسخة الورقية .

وهذا العمل يعتبر أضخم عمل موسوعي تم في سبيل توحيد المصطلح الطبي ، لا يستطيع أن يقوم به إلا المكتب الإقليمي ، وذلك بفضل أستاذنا العالم القدير أ. د/ محمد هيثم الخياط رائد التعريب في عالمنا العربي ومدير البرنامج العربي وكبير مستشاري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط ، والعالم الفاضل أ. د/ قاسم ساره العمود الفقري للتعريب والمستشار الإقليمي للإعلام الصحي والطبي بالمنظمة ، بالإضافة إلى الكوكبة اللامعة من علمائنا الأفاضل في عالمنا العربي الذين أسهموا في تطوير المعجم الطبي الموحد .

وأحمد الله وأشكره فلقد أنجزت سلسلة مكتبة الأشعة وهي خمسة كتب تشمل جميع فروع وتقنيات الأشعة والتصوير الطبي وتحملت تكاليف إصدارها ، لتصبح أول سلسلة باللغة العربية مع الحفاظ على المصطلح الطبي باللغة الإنجليزية لتكون الفائدة مزدوجة في هذا المجال . وهي نتاج خبرة أكثر من أربعين عاما ومساعدة منظمة الصحة العالمية إقليم شرق المتوسط وأساتذتي الأطباء والزملاء .

وتشمل الكتب التالية :
- تكنولوجيا وأوضاع التصوير والتشريح الإشعاعي 3 أجزاء
- التصوير المقطعي بالكمبيوتر
- التصوير بالرنين المغناطيسي

علاوة على :
معجم المصطلحات الطبية
المعجم الكبير للمصطلحات الطبية " تحت الإصدار"

وتشتمل هذه الكتب على الفروع التالية :

- التَّصْوير الإشعاعِيّ التَّقْلِيْدِيّ radiography Conventional
- التَّصْوير الإشعاعِيّ السنيّ radiography Dental
- التَّصْوير المَقْطَعِيّ البانُورامِيّ Digital Panoramic tomography
- تَصْوير الثَّدْي Mammography
- تَصْوير الأَوعِيَة الدَّمَوِيّة Angiography
- الأشعة التداخلية Interventional Radiology
- قَسْطَرَة القَلْب Cardiac Catheterization
- التَّصْوِيْرِ المَقْطَعِيّ بالكمبيوتر CT
- التَّصْوير بالرَّنين المِغْناطيسِيّ MRI
- قِياسُ الكَثافَة المَعْدَنِيَّة للعِظام Bone mineral densitometry
- الموجات الصوتية Ultrasound
- الطِّب النَّوَوِيّ Nuclear Medicine
- التَّصْوِيْرِ المَقْطَعِيّ بانبعاث البوزوترون PET
- المعالجة بالأشعة Radiotherapy

في الختام ادعوا الله أن نرى اليوم الذي ندرس به الطب والعلوم في عالمنا العربي بلغتنا الأم ، اللغة العربية لغة القرآن الكريم .

واتا

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية