أ. حمدان العربي
تم التطرق في مواضيع كثيرة للفرد العربي وكيف هو تائه وفاقد البوصلة في كل الميادين و لا يبدو أن الأمور قابلة لتقويم والتصحيح ، على الأقل في المدى القريب و المنظور ...
فرد من ذكر و أنثى تاها في غياهب الزمن و التصقت بهما ، أو الأصح هما من التصاقا بكل سلبيات الحياة احتفاظا بقشورها (الحياة) و تجنبا للبها ...
لكن الأمور تتعفن أكثر عندما يصل الأمر بهما (الفرد العربي من ذكر و أنثى) ، التشكيك واحتقار هويتهما . والهوية هي العنوان وكل شيء له عنوان بدونه لا يكون الوجود...
على سبيل المثال ، البيوت لولا عنوانيها لما عُرف مواقعها وتصبح مجهولة. تماما كالفرد لولا هويته لما بقى مجهول العنوان ، بمعنى مجهول الهوية و اللغة هي عنوان الفرد و الأمم . ومن يحتقر لغته يحتقر عنوانه و بالتالي هويته...
وقد ذكرت في موضوع سابق أن السبب احتقار الفرد العربي للغته هي العقدة النفسية و مركب النقص الكامن في أعماقه فقد على أثارهما المناعة الثقافية و الاجتماعية...
والمصيبة أن هذه العقدة أصابت حتى العائلات المحافظة التي لها عناوين معروفة في الأصالة قبل أن تُغير وجهتها ظنا منها أن العصرنة و التقدم يكمنا في اللغة رغم أن سبب التأخر يكمن في العقل و ليس في اللغة. وإذا كان العقل متحجرا تكلم ما شئت من لغات فانك ستبقى في مؤخرة الركب...
لأن اللغة هي مجرد وسيلة يستخدمها الإنسان للتعبير ويتواصل بها مع محيطه و الآخرين. وليس حتما أن تكون هذه اللغة ألفاظا قد تكون إشارات والإنسان هو من يطورها وليس اللغة هي من تطور الإنسان...
أحسن مثال على ذلك ، كندا التي تعمل على قدم و ساق لكي تجعل من لغة الإشارة ، لغة رسمية الثالثة للبلاد ، ابتدءا من العام القادم . وهذا دليل أن لغة وسيلة و ليست غاية لكنها في الأخير هوية و عنوان الفرد...
وللعودة لعنوان الموضوع ، أن ذلك الشخص الذي لا يعرف اللغة العربية و لكن عنوان أغنيته المفضلة "بوي ، يا بوي"...
وللتعريف ، "بوي ، يا بوي" ، لفظ وعبارة "عربي ، عروبي ، عامي " ، بمعنى "أبي ، يا أبي" ، ومن يعرف و ينطق هذه العبارات لا يعرف فقط العربية و إنما يعرف جذورها التكعيبية ...
و القصة ، كما سمعتها من احد الأشخاص ، أن أحد المغنيين في بلاد الغُربة سألوه عن أغنيته المفضلة عنده ، أجابهم بأنه (أي المغني) لا يعرف و لا يفهم العربية ، أعادوا عليه السؤال بلغة أخرى " ?Quelle est votre chanson preferee " . أجابهم "بوي ، يا بوي"...
دنيا الوطن