للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

عجبا للغة تنتصر، رغم تراجع اهلها

د. رضا العطار

 رغم كل تراجعات الامة العربية، فإن اللغة العربية تتقدم وتزدهر. 

فكرة الوحدة السياسية تراجعت امام التجزئة، لكن اللغة العربية انتصرت على كل لهجات التجزئة، فلم تتحول اية لهجة محكية في البلاد العربية الى لغة رسمية او ثقافية، سواء في تلك البلاد المؤمنة بالاتحاد، او تلك البلاد المؤمنة باستقلال الكيان. وسواء في تلك البلاد المتمسكة بالتراث العربي التقليدي، او تلك البلاد الميًالة الى الثقافات الاوربية.
وفي المغرب العربي اليوم إصرار على التعريب يفوق حماسة اهل المشرق للعربية.

الجميع بدون استثناء، متمسكون بلغة الضاد، بفصاحتها، بنحوها، بصرفها، وبجمالها الذي لا يخضع لأي تعريف . . والقاعدة المشتركة الوحيدة للإجماع العربي هي قاعدة اللغة العربية ! . . حتى في البلاد المتمسكة بقوة بأستقلال الكيان، تجد التمسك باللغة العربية في قوة التمسك بالكيان وبالاستقلال رغم كل الدعوات للهجة المحكية او للاحرف اللاتينية او ما أشبه. 
ولم تنتصر اللغة العربية الفصحى بسهولة وبدون مقاومة . . فقد ظهرت دعوات طوال القرن المنصرم في عدة بلدان عربية الى استخدام العامية، او الغاء النحو والصرف. كما ان انتشار الامية بين الغالبية العظمى من الشعوب العربية كان خطرا يهدد اللغة الفصحى ويساند الدعوة لاستخدام العامية، اضف الى ذلك ان عدم وجود كيان عربي اتحادي كبير يحمي اللغة العربية ويعطيها سلطة القانون. فقد ترك هذه اللغة تصارع العواصف والتحديات بمفردها وبطاقتها الذاتية، وبعبقريتها الكامنة فيها. . رغم خطورة التغيرات اللغوية التي جلبتها التطورات العصرية، ولم يكن للعربية من سند او ملاذ غير القرآن الكريم. 
فاللغة العربية لم تساندها قط قوة كبرى في العصر الحديث مثلما ساندت اللغة الانكليزية قوة بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الامريكية، ومثلما ساندت اللغة الفرنسية قوة الدولة الفرنسية وامبراطوريتها، ومثلما ساندت الروسية والالمانية قوة روسيا وقوة المانيا. . لم تساند العربية غير القوة المعنوية والروحية المتمثلة في الكتاب الحكيم. 

ولقد خرجت اللغة العربية من تحت مظلة الاحتلال العثماني البغيض المتميز بالتخلف الثقافي والركود الفكري، نعم انها خرجت من بين مخاطر العجمة التركية لغة يتيمة إذا صح التعبير ليس وراءها دولة قوية تحميها، ولا شعوب متقدمة تسندها، ولا فكر حضاري يغذيها، سوى تمسك العرب، كل العرب بلغتهم دون تميز ديني او مذهبي او اقليمي. 

واذا كان العرب المسلمون قد انقذوا لغتهم من الرطانة التركية، فان العرب المسيحيين قد انقذوا لغتهم بالمثل وفي وقت مبكر، من مختلف الرطانات الاجنبية المؤثرة عليهم . . وقدم هؤلاء واولئك رابطة اللغة واللسان على اي رابطة اخرى تربطهم بغير العرب. وكانت هذه الظاهرة المدهشة في مقدمة اسباب ظهور الفكرة العربية فيما بعد، كقوة سياسية وباتجاه فكري في كثير من البلاد العربية. 

ومن معجزات العربية، انها انتصرت في المهاجر كما انتصرت في الاوطان.
ففي الغالب عندما يهاجر الفرد يترك لغته تدريجيا ويذوب في لغة الارض الجديدة . . ولكن عندما هاجر ذلك النفر من جبل لبنان الى امريكا في مطلع القرن العشرين، هاجرت معه العربية، وتحولت معه هناك في الارض البعيدة الى ادب جديد، وفكر جديد بل الى دعوة والى ثورة . . واكتسبت اللغة العربية سمعة حضارية في الغرب بفضل كتابات مهاجرين فقراء مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة . . اكثر مما اكتسبت اليوم من اجهزة الجامعة العربية. 
لغتنا العربية ظاهرة تفاؤل مستمر وتأكيد يومي لقدراتها على البقاء.
فحمى الله لغة العرب من سوء وتقصير العرب ! 

* مقتبس بتصرف من كتاب تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها لمحمد جابر الانصاري 




 

صوت العراق

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية