التعليق يحتضر.. من المسؤول

 

لم يعد الصراخ وحده والبعد عن الحياد في وصف بعض المعلقين يمثل مشكلة فقط لمن يتابع مباريات "دوري جميل" أو حتى المسابقات الأخرى، إذ تسجل الجماهير خلف الشاشة العديد من الملاحظات التي تستحق النقد والتطرق لها، وتأتي مشكلة الكثير من المعلقين وعدم الوئام مع اللغة العربية الأبرز بعد اغتيالها والاجهاز عليها من اغلب المعلقين ونادرا ما يتوفر المعلق الملم جيدا بقواعد اللغة ونجده يعلق مانحا اللغة العربية حقها ولا تسجل عليه أي أخطاء لغوية أو على الأقل يعلق باللغة العامة بدلا من التخبط وتكسير الكلام.

مشكلة اللغة العربية مع المعلقين قديمة سواء محليا او خليجيا وهي تحضر بصورة أكبر وتأخذ حقها مع معلقي المغرب العربي الذين نجحت القنوات الخليجية في استقطابهم من مصر والجزائر وتونس ويلاحظ حرصهم وابداعهم على مفرداتها سواء بالموهبة او من خلال الدراسة والتدريب قبل دخول مجال التعليق وهو ما يؤكد حاجة المعلقين محليا لدورات تدريبية ليس في الوصف المحايد والتحليل الفني فقط وإنما ايضا في اللغة العربية الضائعة والمستبدلة بصراخ وازعاج يجبر المشاهد على اغلاق الصوت ولا تبدو المشكلة فقط في مباريات الفرق الكبيرة بل أن ما يحدث في دوري الأولى والثانية والفئات السنية والأولمبي يندى له الجبين ويستوجب التفكير في عمل دورات تثقيفية يحاضر فيها اكاديميون ومختصون يثرون المعلقين بشكل يجعله يصف الاحداث الكروية امامه وهو متقن لقواعد اللغة العربية ويؤثر بصورة ايجابية في المشاهد الذي تأثر سلبا بجملة الاخطاء وفهم المفردات بصورة خاطئة خصوصا صغار السن الذين يعتقدون أن ما يقوله المعلق هو الصح فيما هو ينحر هذه اللغة من الوريد للوريد من دون أن يجد محاسبة أو توجيه ممن يكلفه بالتعليق، والأدهى الأمر وهذا مانؤكد عليه أكثر من مرة اصطناع الإثارة والتفاعل بينما المباراة والأحداث عادية ولاتستحق، ولكنها "لزمة" لدى الكثير من المعلقين ظنا منهم أن هذا هو ما يريده الجمهور، لذلك ليس بالغريب مسخ هوية التعليق وتحويله إلى تهريج وصراخ وثناء على بعض الصحف والحسابات في "تويتر" من أجل الإشادة به يشعر المتابع أنهم في استراحة واحدة ويتعاملون على طريقة "شيلني واشيلك"، وإذا ماعرفنا أن مثل هذه النوعيات بعيدة عن القنوات التي تنقل أهم البطولات ولا تؤمن بالصراخ انما بالوعي وثقافة المعلق ولغته وايمانه على أنه يقدم رسالة وعي ومعلومات تفيد المتلقي فحتما سيتبدد هذا الاستغراب.
 

الرياض