
العربيزي أو اللغة العربيزية
د. بهاء الدين محمد مزيد
العربيزي مصطلح راج في الفترة الأخيرة، وهو يجمع بين "العربي" و"الإنجليزي" – أي اللغة العربيّة واللغة الإنجليزية - ويشير إلى كتابة الكلمات العربية بحروف وأرقام لاتينية. وقد يقال عن هذه الكتابة الفرانكو-آراب، وهي تسمية غير دقيقة لأنّها تشير إلى اجتماع اللغة العربية مع اللغة الفرنسية لا الإنجليزية، وهو ما لا يحدث في الواقع. وقد يشير التعبير إلى التنقّل بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية أو الفرنسية في الكلام أو الكتابة، خصوصا في غرف الدردشة.
يلجأ الفتيان والفتيات إلى العربيزي ربّما من باب الكسل عن التحوّل من مفاتيح الكتابة الإنجليزية إلى مفاتيح الكتابة العربية، أو من باب مجاراة الموضة، أو من باب التيسير أو "الاستسهال"، لأنّ التعامل مع الحروف الإنجليزية أسهل من التعامل مع الحروف العربية. ويغلب أن تكون أول ألفة مستخدم الكمبيوتر مع الحروف الإنجليزية، فيعتادها ويجد صعوبة في الانتقال إلى الكتابة العربية. وقد يكون اللجوء إلى العربيزي من باب الضرورة حين لا تتوافر الحروف العربيّة على لوحة المفاتيح في بعض أجهزة الكمبيوتر.
العربيزي لغة مهجّنة تكتب فيها مفردات عربيّة - في أغلب الأحوال عاميّة - بحروف لاتينية وأرقام، ويقوم اختيار الأرقام على أساس المشابهة وليس على أساس ترتيب الأبجدية وترتيب الأرقام - ومن ذلك رقم 7 يحل محلّ حرف الحاء ويحلّ رقم 3 محل حرف العين. على سبيل المثل Rbna ykhleky rbna ywfgkom ahna bnt3lm mnk rbna m3aky ("ربّنا يخليكي. ربّنا يوفقكم. إحنا بنتعلّم منك. ربّنا معاكي" – الياء التي تلحق بكاف المخاطبة المؤنثة خطأ شائع في الكتابة على الفيسبوك). لعلّنا نلاحظ تركيز الكتابة على الحروف الساكنة لا المتحرّكة وقد تغيب الأخيرة غيابا كاملا في بعض نماذج العربيزي. كذلك لا يعتني كتّاب العربيزي بالشدّة التي تستوجب تضعيف الحرف اللاتيني – rbna صواب كتابتها rabbina - ولا بضبط كتابة الحروف المتحرّكة فتراهم يكتبون "فوزي" تارة Fawzi وتارة Fawzy ولا يميزون الأصوات القصيرة من الأصوات الطويلة فتختلط كتابة "علاء" مع كتابة "آلاء".
ويغلب أن يكون الكلام "بالعربيزي" في موضوعات عامّة "شبابية". وتشير الدراسات إلى إقبال متزايد من جهة الشباب على هذه الكتابة خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي. لكن من الطريف في الفترة الأخيرة أنّ موضوعات "كبيرة" في الدين والسياسة والفكر أصبحت تناقش باستخدام لغة عاميّة وكتابة عربيزية. يتزامن هذا مع انحسار الرقعة التي كانت تختص بها اللغة العربية الفصحى في المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام. وهنا يكمن بعض خطر العربيزي على اللغة العربية التي تعيش محنة تاريخية تتفاقم كلّ يوم، وما من سميع وما من مغيث. أمّا خطر العربيزي على اللغات الأجنبية فواضح لا شكّ فيه، فمن يكتبون العربيزي يعيشون في وهم أنّهم يكتبون بلغة أجنبية وهم في الواقع لا يفعلون، فلا يهم يطوّرون قدرتهم على الكتابة بلغة عربية سليمة، ولا هم يتعلّمون لغة أجنبيّة. من يكتب تعليقا على منشور لصديقة افتراضية t7yati laki يرتكب عددا من الأخطاء في أقل من ثلاثة سنتيمترات - فهو يسقط صوتا بعد التاء الأولى، ويسقط شدّة من على الياء، ويقصّر صوتا طويلا.
هي لغة خاصّة لا يفهمها إلا من اعتادها ولا يقرأها إلّا من يصبر على دلالات الرموز الجديدة والأرقام، ليس لها من أثر إيجابي في إتقان اللغة العربية ولا إتقان لغة أجنبية. كلّ ما في الأمر أنّها تمنح مستخدميها قدرا كبيرا من الثقة في التعامل مع الحروف اللاتينية ولوحة المفاتيح. من أراد أن يتقن العربية، فليكتب بها، ومن أراد أن يتقن الإنجليزية، فليكتب بها. أمّا من يختار - من غير ضرورة ملحّة أو حاجة ماسّة - أن "يرقص على السلالم" فهو كالغراب الذي أراد أن يدرج كالحجلة في كتاب (كلية ودمنة). لم يتقن الغراب مشية الحجلة، ولم يستطع الرجوع إلى مشيته الأولى، فأصبح "أقبح الطيور مشيا"
الأهرام
|
|
|