أوراق ..اللغة العربية ووسائل اكتساب الثقافة

ناجي اسعد

 أمام تطور وسائل الاتصال الحديثة، وسيطرة التقدم الحضاري للدول المتقدمة على مرافق الحياة في مختلف بقاع العالم، وشبه سيطرة لغة الدول المنتجة لهذا التقدم.

أخذت ومنذ زمن تظهر آراء بخصوص واقع اللغة العربية ومدى قدرتها على مواكبة التطور الحضاري الذي يتسارع يومياً والمتمثل بدخول عشرات المصطلحات يومياً إلى جميع لغات العالم نتيجة التطور المتسارع، الامر الذي يجعل العديد من اللغات في موقف لاتحسد عليه ومنها لغتنا العربية. ‏

أصبح الملايين يتواصلون عن طريق الوسائط الرقمية المختلفة مثل البريد الالكتروني والـ (ماسنجر) وغرف الدردشة كما ظهر إلى الوجود الرقمي (أوالواقع الافتراضي) وهي تجمعات بشرية ضخمة على مواقع الانترنت الاجتماعية مثل (فايسبوك) و(تويتر) و(ماي سبايس) وغيرها. ‏

وعزز هذا التوجه ثقافة مغايرة، كما تم تشريع مفردات لغوية جديدة على معاجم اللغة العربية وقواميسها، تغزو أعمال العرب الابداعية شعراً وقصة ورواية ومسرحاً ونقداً. ‏

وفي المؤتمر الأول للثقافة الرقمية الذي انعقد منذ زمن قريب في الاسكندرية نبه الباحث والروائي المصري يوسف زيدان إلى خطورة اختلاف الثقافة العربية التي تتمحور حول اللغة عن الثقافة العامة التي تدور في إطار الرمز، وقال في محاضرة ألقاها في المؤتمر: (إن هذه الاشكالية تتعلق بارتباط الثقافة العربية باللغة في صورتها التقليدية، فيما تعتمد الثقافة الرقمية على الرمز فضلاً عن كونها متجددة، وكذلك فإن ثقافتنا العربية مرتبطة بالأصول النحوية والبلاغية، كما أنها تميل إلى الماضي في كل ألفاظها وبنائها، في حين أن العالم الرقمي استشرافي ولا يهدأ). ‏

الكاتب الأردني مفلح العدوان- رئيس اتحاد كتاب الانترنت العرب: تناول في المؤتمر مستقبل الثقافة الرقمية. وقال: (إن ذلك المستقبل مرهون بتوقفه على كيفية تعامل الكاتب العربي مع الوسائط الجديدة.. هناك تقدم ملحوظ في هذا الاتجاه ولكنه بطيء، وهناك نماذج محددة بالنسبة إلى كتابة المستقبل. ولا يزال استخدام الانترنت في الساحة العربية بطيئاً، ولا تزال الشبكات الرقمية تشكل حاملة الكتاب الورقي، بمعنى عدم تبلور تجارب كتابة رقمية كاملة.. إن هناك مستخدمين لشبكة الانترنت على اعتبارها ناقلاً وليس على أنها بنية تحتية في الكتابة). ‏

مع ذلك يرى من يتابعون واقع وسائط الاتصال والقراءة الحديثة أن هذه الوسائط تلعب دوراً كبيراً في التأثير ليس على الحياة الثقافية فحسب انما على اللغة أيضاً. فبحسب أحد الكتاب يرى أن المعاصرين من الشعراء والروائيين والنقاد الأدبيين والرسامين والسينمائيين والموسيقيين وكتاب القصة يؤثرون بلا شك في حياتنا الثقافية لكنهم لا يمكن أن يؤثروا بالطريقة التي كان يؤثر بها نظراؤهم من قبل. وهذا مرده إلى اختلاف طرق اكتساب الثقافة مع تغير نمط الحياة الاجتماعية وليس لأن الحياة باتت تطرد الثقافة الراقية وخير دليل على ذلك ليس الكتاب بل السينما، مع أن حالهما واحد، فجمهورها الحالي ليس قليلاً جداً لأنها صارت تقدم ثقافة راقية، وإنما لأن من طبيعة الحياة أن تبهت فيها أشكال كانت متألقة وتولد أخرى تغني الحياة الثقافية بشكل مختلف، وعلى نحو أفضل فالجيل المعاصر ليس بعيداً عن الثقافة الراقية كما يتهم وإنما بعيد عن الثقافة التي يعتبرها الجيل القديم راقية، وبالتوازي ماعاد المثقفون يدعون قيمة موحدة، بل صار كل منهم يعبر عما يعتقده الحقيقة، وهذا بحد ذاته انتصار للثقافة. ‏

تشرين