حملة نجحو بلا ما نقلو حملة ضد الغش أم ضد العربية؟

أ. أحمد الجبلي

 

لأزيد من اثني عشر سنة والدولة المغربية تعلم أبناءها اللغة العربية الفصحى، كتابة وتعبيرا، وقد بدل آلاف الأستاذة المجدين مجهوداتهم الجبارة كي يصنعوا لنا تلاميذ يتحدثون بلغة القرآن وبلسان عربي مبين، كلغة العلم التي أسس عليها الأوربيون حضارتهم نقلا وسرقة وتقليدا، حتى أن المعجم الانجليزي يشتمل على 10.000 كلمة عربية والأمر طبيعي لأنها أصل اللغات وهي الأم الكبرى لها جميعها، وفي الأخير عندما يصل هذا التلميذ إلى السنة الأولى باك أو الثانية نخاطبه بالعامية ونقول له:  » نجحو بلا ما نقلو ». فما معنى هذا؟ وعلى ماذا يدل؟ هل هو إقرار بالفشل في التعليم، وأن كل ما تلقاه التلميذ من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء كله كان خطأ، ولنفرض أن هذا التلميذ سيفهم بأن الأكاديمية تريده أن يجيب على أسئلة الامتحان بالعامية، وسيكتب في ورقته » كيشوف كارل بوكر بللي الميزان ماشي ميزان باش يتحقق بللي هاذ الخبيرة هي هاديك يمكن لينا نديروا بحالها  » تصوروا معي أن باحثا مغربيا يكتب بحثا علميا يتقدم به للحصول على شهادة عليا بهذا الأسلوب المقزز الذي ليس بينه وبين العلم والمعرفة إلا السخرية والذل والهوان.

والسؤال الذي يجب طرحه هو هل هم مقتنعون، وهم رجال تعليم في هذه الأكاديمية، بأن العامية أو الدارجة هي لغة العلم والمعرفة والبحث العلمي؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك، أي لأنهم يحملون مشروعا معينا، ويخدمون أجندات أناس آخرين يسعون جاهدين لضرب لغة القرآن واللغة الرسمية في البلاد،
عجبا أمرهم، كيف يتجرؤون على هذا، وقد أصبحت أطروحات الدكتوراه في الطب في بلادنا تناقش بالعربية الفصحى، وأصبحت الوصفات الطبية تعطى للمرضى بلغة الضاد،
إنهم يريدون لهذا التلميذ أن يكون كالغراب المسكين الذي لا هو حافظ على مشيته ولا هو أتقن مشية الحمامة، فأصبح ينط كالضفدع، ثم ما هي المراجع والكتب التي سيطالعها عندما يصير باحثا ؟ إذن فالمشروع أخطر مما نتوقع، أي إنهم يسعون لإتلاف مستقبل هذه البلاد بقتل شبابها وطاقاتها. فكثيرا ما كانت تصدر مثل هذه الإعلانات والإشهارات عن شركات عديدة في الاتصال والتغدية والمنتوجات الصناعية، ولم نكن نهتم بذلك لأن الأمر يختلف اختلافا كبيرا عندما يصدر عن هيئة تعليمية كبيرة لها حجمها ووزنها وهي أكاديمية أكبر مدن المملكة. ماذا كان سيضير هؤلاء لو كتبوا الإعلان بهذا الشكل:  » لننجح بدون غش » أو  » لا للغش » أو  » من غشنا فليس منا » أو  » كن مسؤولا واعتمد على نفسك » أو  » كن مستحقا لنجاحك  » أو  » لا تخن وطنك فالغش خيانة للوطن »
حينها كانت الأكاديمية ستكون منسجمة مع كون كل مسيريها رجال تعليم يقدرون اللغة الرسمية في البلاد ويحترمون دستور المملكة، أم تراهم يريدون، عن سبق إصرار وترصد، أن يسهموا من موقعهم بطريقتهم الخاصة في خلق فتنة جديدة تنظاف إلى ما يعيشه وطننا من فتن ومشاكل.
 

وجودة