كيف نطور كتب أطفالنا

أ. منى الشقاقي

 

حتى قبل أن ألد ابنتي سامية في واشنطن العام الماضي، كنت وزوجي قد اتفقنا على أننا نريدها أن تتعلم اللغة العربية -إضافة إلى الإنجليزية - رغم أن زوجي لا يتكلم اللغة العربية. الأسباب عديدة، وربما أهمها أنني أريدها أن ترتبط بجذورها وثقافتها الفلسطينية، وأن أفتح لها بابا للتعرف على حضارة عربية كاملة تصبح متاحة أمامها.

لكنني أصبت بالإحباط عندما بدأت أدور على كتب للأطفال لأقرأها لابنتي، كما أقرأ لها كتبا باللغة الإنجليزية. الكتب التي وجدتها لم تشجعني أبدا: فجميعها باللغة العربية الفصحى، والتي تبدو جافة وجامدة عندما نقرأها للأطفال، بعيدة عن القلب والكلمات اليومية، وهي أيضا لا تحتوي على نفس الرسومات أو الإيقاع الموسيقى التي أجده في كتب الأطفال باللغة الإنجليزية. حتى عندما زرت دبي وسألت زميلاتي وزملائي في العمل عن الكتب التي يقرؤونها لأطفالهم، اعترفوا هم أيضا أنهم يفضلون القراءة باللغة الإنجليزية.

لذا كان من المفاجئ والمثير للفرحة عندما أرسلت لي أختي التي تعيش في نيويورك كتابين هدية لسامية باللغة العربية، كلاهما كتب بالعامية الشامية، وكانت الصور والألوان متناسقة وواضحة بطريقة تختلف نوعيا عن ما وجدته سابقا، الكتب كانت أيضا ملائمة لطفلة تعيش في مدينه غربية. من أين أتت؟ الكتب دلتني إلى ريم مخول، صحافية فلسطينية وأم لطفلتين، تزوجت هي أيضا، مثلي، من رجل غير عربي، وتسكن أيضا – مثلي - في بلد غربي وتريد أن تعلم ابنتيها العربية. ريم أيضا أصيبت بالإحباط عندما حاولت أن تجد كتباً للأطفال بالعربي بعد ولادة ابنتها شهرزاد، وبدلا من أن تلعن الظلام، قررت إضاءة الشمعة، وملأ الفجوة، الأمر الذي أدى بها إلى تأسيس دار للنشر اسمها "قصص" في عام ألفين وخمسة عشر، نشرت لغاية الآن كتابين للأطفال كل منهما بلهجتين، شامية ومصرية. فمثلا كتاب "حاستخبى فين؟" بالمصري، هو "وين بدي أتخبى؟" بالشامي.

ما يميز القصص أيضا هو أنها تعكس الحياة اليومية للأطفال في المدن الغربية، فنيويورك هي موقع القصص، والبنايات الطويلة هي الخلفية، أما الشخصية الأساسية فهي شهرزاد، وهي بنت ذات خيال واسع، تنتقل عبر مترو الأنفاق وتذهب إلى الحديقة العامة مع والديها وتراقب أوراق الشجر الذي يتغير لونه ويهبط مع موسم الخريف. شهرذاد هي محرك القصة، وليس المحرك به.

كل هذا دفعني إلى الاتصال مع ريم التي تسكن في لندن مع زوجها وابنتيها الآن. قالت لي ريم إن الغالبية العظمى من ردات الفعل على قصصها هي إيجابيه جدا، رغم أن البعض ينتقد استخدام العربية العامية التي تقول ريم إننا "يجب أن لا نخاف منه، يجب أن نطوره، فهو يعكس ثقافة وحضارة بحد ذاته". وهي تقول إنها لا تعتقد أن العامية ستستبدل اللغة الفصحى، ولكنها تراها بوابة لتعليم الأطفال العربية الفصحى مستقبلا "العامية ملائمة للأطفال وخاصة المهاجرين والذين يسكنون خارج العالم العربي والذين لا يستمعون اللغة العربية العامية، إنه عامل مساعد" تقول ريم.

أما هدف ريم فهو أن تنشر الكتب بجميع اللهجات العربية، حتى يرى الأطفال أنفسهم بها.
 

العربية