أ. عبد المطلب الاعسم
اولاً لا خوف على اللغة العربية من جراء قانون "القومية اليهودية"، لأن الله تكفل بحفظها، وهنالك نحو 428 مليون انسان في العالم يتحدثون بهذه اللغة. ومع ذلك بالنسبة للغة العربية في اسرائيل تحديداً، من الواضح أن تشريع قانون "القومية اليهودية" لدولة اسرائيل، جاء ليلغي المساواة بين القومية اليهودية والقومية العربية داخل دولة اسرائيل، وبما ان اللغة هي اساس لكل قومية، فإن القانون المتطرف شمل ايضاً اللغة العربية بإلغائها كلغة رسمية والاكتفاء بقبولها كما يتم استخدامها على ارض الواقع، دون اي ضمانات قانونية مستقبلية تكفل عدم المس باللغة العربية في اسرائيل.
لكي نعيد استعمال اللغة، بكل بساطه يجب استعمالها باستمرار، واستخدام المفردات الصحيحة للغة العربية الفصحى او باللهجة العامية القريبة من الفصحى. من الضروري ان نقوم باستخدام العربية السليمة وليس الخلط بين العربية والعبرية بما يعرف بلغة (عربريت) او خلط العربية بالإنجليزية والتي اطلق عليها (عربليش)، وحتى نتمكن من اتقان ذلك علينا القراءة والكتابة بالعربية، سواء عبر وسائل الإعلام او وسائل التواصل الاجتماعي، القصص والكتب. ومع هذا فلا بأس ان تكون على اللافتات اللغة العبرية اسفل اللغة العربية، لأن نعيش في وسط مختلط من قوميتين عربية وعبرية.
بالنسبة لإعادة مجد اللغة العربية ومكانتها، فبالرغم من ان اللغة العربية تعاني التهميش في اسرائيل ، إلا انها تبقى لغة القرآن الكريم، التي اقسم الله ان يحفظه، فلذلك لا خوف على العربية. مع التأكيد أن اللغة مصدر اعتزاز ثقافي وحضاري لكل أمة، واللغة العربية تتميز بكثرة مفرداتها وروعة حروفها وسهولة التعبير. وقد انصف الشاعر ابراهيم طوقان اللغة العربية في قصيدة (انا البحر في احشائه الدرر)، حيث قال في ابياتها: وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَةً وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ،
فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ وتنسيقِ أَسْمَاءٍ لمُخْتَرَعَاتِ
معبراً عن غزارة وثراء "العربية"، التي لم تعجز في التعبير عن كل ايات الذكر الحكيم. ولله الحمد والشكر الذي اكرمنا بهذه اللغة الثرية.
لذلك القضية لا تتعلق بقوانين هنا او هناك، اللغة يعيد مجدها مثقفوها، كتابها، ادباؤها وشعراؤها وعلماؤها، وبشكل عام ابنؤها صغاراً وكباراً، نساء ورجالا.
بالنسبة لتقليل استخدام الكلمات العبرية في المحادثات والرسائل، باعتقادي هنالك صعوبة حقيقية تواجه الانسان العربي الذي يعيش في اسرائيل، لأن المعاملات اليومية بالعبرية، والمؤسسات التي يراجعها ويتردد عليها اغلبها بالعبرية، والرسائل التي تصل بالعبرية، والصحف اليومية بالعبرية. فالعبرية تحتل الحيز العام الرئيسي كلغة رئيسية في حياة كل مواطن عربي داخل اسرائيل.
لكن بعد سن قانون القومية، الامر يتطلب نوعا من التحدي والاصرار لوضع اللغة العربية، لغة الام ولغة القرآن، في اولوياتنا، والانتباه لاستخدامها بشكل سليم بدون خلط. فالأمر لا يحتاج أكثر من الانتباه والمحافظة على تذكر المفردات العربية.
لتربية الجيل الجديد على حب اللغة العربية والمحافظة عليها، من المهم اقتناء قصص جميله باللغة العربية للأطفال، كذلك مشاهدة برامج تلفزيونية ناطقة بالعربية الفصحى، حتى يتمكن الاطفال من استيعاب المفردات العربية وفهمها. ومن الضروري ان يحث الاهل على تعلم اللغة العربية، وذكر فضلها ومحاسنها وجمالها ام الاطفال حتى يثيروا فيهم الفضول وحب التعرف على اللغة العربية.
وللأهل الدور الاكبر في تقريب الاطفال من اللغة واثارة فضولهم لفهمها ومعرفتها وتعلمها. فباستطاعة الاهل تربية اطفالهم بواسطة قراءة القصص منذ الصغر لهم، وحث اولاهم وبناتهم على مطالعة القصص العربية والكتب.
كذلك دور المدارس، له اهمية كبرى في ترغيب الطلاب في تعلم اللغة العربية، وليس فقط في حصص اللغة العربية، وانما في جميع المواضيع يمكن اثارة حب اللغة العربية لدى الطلاب، وخاصة انها تتعرض في الاونة الاخيرة عبر "قانون القومية اليهودية" الى حرب على مكانتها كلغة رسمية.
الجنوب