أ. يوسف القبلان
لست ضد من يستخدم اللغة الإنجليزية في الحديث أو الكتابة حسب مقتضى الحال، لكن الملاحظ في السنوات الأخيرة أن هذه اللغة أصبحت هي لغة الفعاليات والبرامج التلفزيونية والإذاعية وكذلك اللغة المستخدمة لتسمية المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم ومراكز التسوق الكبرى.
هل السبب عجز اللغة العربية عن خدمة المفاهيم الحديثة؟ أم كسل أصحابها في الغوص في بحرها بحثاً عن أصدافها؟ يقول حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية:
أنا البحر في أحشائة الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
إنه ليس الكسل فقط ولكن عدم الثقة باللغة، لماذا يغوص في البحر للبحث عن الكلمة المناسبة أو الاصطلاح المناسب وهو يملك قناعة مسبقة أن اللغة العربية لا تخدم المفاهيم الحديثة في عالم المال والأعمال والإعلام.
من الذي أوجد تلك القناعة؟ من الذي قرر أن اللغة العربية ليست لغة العصر؟ هل حاولنا وبحثنا حتى نصل إلى تلك النتيجة؟ أم انسقنا خلف عولمة إعلامية جعلتنا نتعامل مع لغتنا وهويتنا وثقافتنا بعقوق.
المعروف أن اللوائح تلزم المحلات التجارية والشركات والمؤسسات باعتماد كتابة الاسم باللغة العربية في لافتاتها ولوحاتها، ومن لا يلتزم بذلك تطبق عليه أنظمة الغرامات والجزاءات.
نحن أمام حالة إدارية تستحق الدراسة لأن المخالفات مستمرة وتوسعت فأصبحت كما أشرنا لا تقتصر على المحلات التجارية في الشوارع، بل تعدت ذلك إلى مسميات الفعاليات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية. هذا يعني أن المسؤولية مرتبطة بجهات مختلفة وليس جهة واحدة، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة الثقافة، وزارة التجارة، وإمارات المناطق، كل هذه الجهات مسؤولة عن هذه القضية، ما يثير التساؤل هو أنه رغم وجود نظام للغرامات إلا أن المخالفات تتمدد. هل يعني هذا أن الجزاءات لا تطبق بسبب تعدد الجهات المسؤولة عن هذا الموضوع، أم أن هناك سبباً آخر؟
في العام 1431 وجه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بإمهال المحافظين والأمناء ورؤساء المراكز والبلديات في كافة مدن منطقة مكة المكرمة ستة أشهر لتعريب كافة أسماء المحال التجارية والقاعات والشوارع واستبعاد كافة الأسماء الأجنبية.
الآن أتوجه لوزارة الثقافة وهي الأقرب لموضوع اللغة وأقترح عليها تقييم تجربة منطقة مكة المكرمة والاستفادة منها سواء كانت ناجحة أو اعترضتها بعض الصعوبات، مع الأخذ في الاعتبار أن المشكلة ليست في شوارعنا فقط ولكنها أصابت برامجنا الإذاعية والتلفزيونية ونشاطاتنا الثقافية والإعلامية ولهذا السبب أعطيت لنفسي الصلاحية وأحلت إليها هذا الموضوع لتكون هي محور المسؤولية.
العرب اليوم