نشوى فكري
رغم الاهتمام الذي توليه الدولة لأبنائها من الصم، إلا أنه يوجد العديد من المشكلات والتحديات التي تواجه هذه الفئة، والتي يصل عددها إلى 1500 شخص من الجنسين ،ويأتي في مقدمتها قلة عدد مترجمي لغة الإشارة بالدولة، الأمر الذي يؤدي إلى عدم الفهم الصحيح، و ضياع بعض الحقوق أحيانا فيما يتعلق بالمشكلات القانونية وحقوقهم في العمل، حيث أكد عدد من الصم "للشرق" على أن ضعف التأسيس في اللغة العربية، أدى لعدم إتقانهم القراءة والكتابة، مما اوجد حالة من صعوبة التواصل مع المجتمع، الأمر الذي ساهم في خلق حالة من عدم القدرة لدى بعض أفراد المجتمع للتواصل معهم، معربين عن أملهم في معادلة شهادة دبلوم التأهيل ومساواته بالثانوية العامة، مما يخلق لهم الفرصة للدراسة الجامعية أسوة بإخوانهم من السامعين، مما يساهم في تحسين لغة الأجيال الناشئة من الصم، مما يؤدي إلى فرص أكبر لدمجهم بالمجتمع، وبالتالي حصول الأصم على الترقيات والتدرج الوظيفي وليس مجرد جالس يؤدي عمله فقط .
وأعرب الصم عن أملهم في الحصول على الشهادة الثانوية، خاصة وأن عدم معادلتها يغلق أمامهم أبواب الدرجات الوظيفية، مشيرين إلى عدم وجود معلمين مؤهلين ومدربين على التدريس لفئة الصم، الأمر الذي نتج عنه أجيال غير قادرة على القراءة والكتابة باللغة العربية .
سعيد المري: ضعف مستوى القراءة والكتابة خلق مشكلة حقيقية للصم
من جهته قال سعيد صالح المري، نائب رئيس مجلس الإدارة بالمركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم، إن أكثر الصعوبات التي تواجه الصم هي صعوبة التواصل مع افراد المجتمع، وذلك لعدم إلمام الكثيرين بلغة الإشارة، كل هذا بالإضافة إلى ضعف مستوى القراءة والكتابة باللغة العربية عن فئة الصم، مشيرا إلى خلق مشكلة حقيقية، وكان من الممكن أن يكون هناك سهولة في التواصل في حالة تأسيس الصم بشكل جيد في اللغة العربية.. وتابع قائلا: من هنا جاءت فكرة دمج السامعين مع الصم في دورات تعليم لغة الإشارة والتي تنظم داخل المركز، وتعرف كل منهما على ثقافة الآخر، بحيث إن وجود ناطقين مع السامعين، يسهل من عملية التواصل فيما بينهما، كل هذا بالإضافة إلى هدفنا في تعريف المجتمع بثقافة الصم ونشرها، بحيث يكون هناك حلقة وصل بين الأصم والسامع، وفي نفس الوقت نحاول نشر لغة الإشارة، استعدادا لكأس العالم 2022، والذي تستضيفه قطر، الامر الذي يؤدي إلى وجود عدد من المترجمين المتطوعين، والملمين بلغة الإشارة .
وأوضح المري أنه يعمل موظفا بوزارة الداخلية، مؤكدا على أنه قد اجتهد على نفسه، خلال 10 سنوات لكسر الحواجز بينه وبين زملائه السامعين، ويرى أنه يمكن للتأسيس المدرسي للصم على اللغة العربية، ان يسهل التواصل بين الصم والسامعين عن طريق اللغة العربية، إلا أن الإشكالية تكمن في توصيل المعلومة إلى الصم يعد ضعيفا، لذلك يجب تأهيل المعلمين وتطوير قدراتهم، وتدريبهم قبل الدخول لعالم الصم ،بحيث يكونوا ملمين بثقافة الصم.
وأعرب عن امله في التواصل ونشر ثقافة الصم ولغة الإشارة في المجتمع، لافتا إلى أنه يوجد أجيال ناشئة من الصم، يجب إتاحة الفرصة لهم من خلال حقهم في التعليم الجامعي، خاصة وان الشهادة التي يحصل عليها الصم، لا تساوي شهادة الثانوية العامة، ولا تؤهلنا للدراسة الجامعية، فضلا عن ان شهاداتنا غير معترف بها في الجامعة، لذلك نتمنى ان تتاح لنا الفرصة للدراسة في الجامعة أسوة بإخواننا من السامعين، بحيث يتحسن الوضع مع الاجيال الناشئة من الصم، مما يؤدي إلى فرص أكبر لدمج الصم بالمجتمع .
نحاول تصحيح أخطاء اللغة العربية للصم عبر الحوارات المباشرة
و قالت ميسم موسى بدر، خبيرة ومدربة لغة اشارة، إن المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم اطلق دورة في لغة الاشارة في الفترة من 16 الى 26 سبتمبر الجاري تعد الأولى من نوعها في الوطن العربي، والتي تعتمد على طريقة الدمج بين السامع والأصم، فضلا عن أنها تؤهل الأصم ليكون مساعد مدرب مستقبلا، مشيرة إلى ان الاعتماد الاكبر فيها على الأصم، وذلك بهدف نقل ثقافة السامع للصم والعكس، ويشارك بالدورة 33 شخصا من السامعين والصم.
وأكدت على أن الدورة، ركزت على أسلوب النقاشات والحوارات، التي تسهل التواصل المباشر بين الفريقين ، مشيرة إلى أنه في حالة اجتياز الاصم عددا من دورات المستوى الثاني، يصل إلى 8 دورات يحصل على بطاقة مساعد مدرب .. وتابعت قائلة : يوجد بالمركز أكثر من 1500 أصم من الجنسين، لذلك نحاول عمل حوارات مباشرة وتصحيح اخطاء اللغة العربية، والتي يعاني منها الكثير من الصم، لأن تخوف البعض من الأصم يؤدي إلى تجنبه ، والبعض قد يجتاز دورتين ثم نفاجأ بعدم انضباطه، وذلك بعد تأكدهم من اختلاف ثقافة الصم ، لذلك يجب عمل تهيئة عن ثقافة الصم قبل تقديم الدورات، خاصة وان المهارة بلغة الإشارة هي الأساس، ونقص المترجمين بالمجتمع، اظهر الحاجة لوجود هذه اللغة للتفاهم، وأيضا اتجاه الكثير من الاهالي لزراعة القوقعة.
وأوضحت أن هناك مستويات في لغة الإشارة، حيث يوجد المؤدي والمترجم والمساعد، والمؤشر، لذلك يجب الاندماج أولا للتعرف على ثقافة الصم، وطريقة تفكيرهم، خاصة وان ذاكرتهم تخزن ملف صور ويعتمد على البصر، معربة عن أملها في تطوير الصم في دولة قطر، وتعليمهم القراءة والكتابة ومعادلة شهادتهم، وان يفهم المجتمع السامع لغة وثقافة الصم وأن يتحلى بالصبر .
تعلمت لغة الإشارة للتواصل مع زميل عمل أصم
و قال يعقوب اليعقوب، مهندس محطات قطارات لوسيل، إنه سعى للتعرف على ثقافة الصم وتعلم لغة الإشارة، لأن لديه زميلا في العمل، وحاول التواصل معه، وتعلم بعض الإشارات، مشيرا إلى أن الشركة التي يعملون بها كثيرا ما تنظم اجتماعات، بلغات اجنبية، الامر الذي يستدعي حاجته للفهم والاستيعاب، ومحاولة القيام بدور المترجم له، خاصة وانه لا يسمع وإنما يحاول قراءة حركات الشفاه، ومن هنا ادركت حاجتي لتعلم لغة الإشارة، بالفعل تعرفت على المركز الاجتماعي للصم، واجتزت معهم دورتين اساسيتين، وحاليا بصدد دورة المستوى الثاني.
وأشار إلى أنه من خلال صديقه، تعرف على الكثير من التحديات التي تواجه الصم، مشيرا الى ان أكثر ما يعاني منه الصم هو التقليل من قدراتهم، والاستخفاف بطريقة فهمهم، والاعتقاد بصعوبة لغة الإشارة، لذلك فإن المجتمع بحاجة للتوعية ونشر ثقافة لغة الإشارة بين افراده..
وتابع قائلا : احيانا نصادف اشخاصا من فئة الصم، لا يستطيعون التعبير عن متطلباتهم، لذلك يتوجب علينا فهم لغتهم ومساعدتهم، وبالفعل قطر قامت بعمل قاموس لغة الإشارة العربي الموحد، والذي استفدت منه كثيرا، خاصة عندما اسافر خارج البلاد، لذلك نرغب في عمل نشاط يميز دولة قطر، وذلك من خلال توعية طلاب المدارس، ووضع جزء بسيط ولو اساسيات لغة الإشارة في مناهج التعليم ، خاصة وان تعليم الاطفال وتفاعلهم أسهل كثيرا من تعليم الكبار .
المعلمون غير قادرين على توصيل اللغة العربية للصم
أكد حسين قهوجي، على أن دمج فئة السامعين مع فئة الصم، في دورة لغة الإشارة، اشعره بالفخر، خاصة وان مثل هذه الدورات المتقدمة، ستؤهل الكثيرين ليكونوا مدربين ومترجمين في لغة الاشارة، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه تطوير الصم، وجعل الكثير من افراد المجتمع يفهم الصم ويتواصلون معهم .. وتابع قائلا : اكثر ما يواجهنا هو تخوف ورهبة فئة السامعين، لاعتقادهم بأن لغة الإشارة صعبة، وذلك بسبب عدم درايتهم ومعرفتهم بها، ولذلك فهم متخوفون من الدمج، لذلك تبرز اهمية المشاركة في دورات لغة الإشارة .
ويرى قهوجي أن مشاركة الصم في عمل مسرحيات وافلام، تعبر عن احاسيسهم ، سيساهم في نشر افكارهم بين افراد المجتمع، مشيرا إلى أنه هناك الكثير من الصم يعانون من ضعف التأسيس في اللغة العربية، واصبح هناك تفاوت في ذلك بين الأجيال المختلفة، وارجع قهوجي السبب في ذلك إلى أن المعلمين غير قادرين على توصيل اللغة العربية للصم ، خاصة وان لغة الإشارة لغة مسموعة تخزن في دماغ السامع، بعكس الصم الامر الذي يحتاج إلى مجهود أكبر.
واعرب عن أمله في الالتحاق بالجامعة ، خاصة وانه قد حاول كثيرا وواجهته العديد من الصعوبات، وابرزها صعوبة التدريس للصم، وعدم توصيل المعلومة العلمية من المعلم للطالب، لذلك نطمح الى فتح ابواب الجامعة امام الصم، وحل إشكالية التدريس، ومعادلة شهادة دبلوم التأهيل إلى شهادة ثانوية عامة .
يجب إدخال مبادئ لغة الإشارة في المناهج الدراسية
فيما أكد جابر الشاوي، حرصه على حضور جميع المناسبات والدورات التي ينظمها المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم، مشيرا إلى أن هذه الفئة لديها مواهب وإبداعات في أي مجال يعملون به، ولديهم من الذكاء والتفكير ورجاحة العقل ما يميزهم، وقال ان الاعداد الكبيرة المشاركة في دورة لغة الإشارة للمستوى الثاني، سواء من السامعين او الصم، دليل على نجاح الدورات التي يقدمها المركز، كما انها دليل على تجاوب الكثيرين واهتمامهم بالتعرف على ثقافة الصم .
وأشار إلى أهمية وجوب ادخال مبادئ لغة الإشارة في مناهج التعليم ، لتدرس للطلاب الصغار وتغرس فيهم التعرف على ثقافة اخوانهم من الصم، ومساعدتهم والتواصل معهم، منوها إلى أن تلفزيون قطر وقناة الجزيرة، دائما ما يكون على جانب الشاشة احد مترجمي لغة الإشارة، لذلك نتمنى من باقي القنوات الأخرى ان تحذوا حذوهم، مع أهمية توظيف مترجمي لغة اشارة ، خاصة وان الصم لديهم مواهب متعددة يمكن الاستفادة منها، فالوطن بحاجة لهم .
لا يوجد عدد كاف من مترجمي لغة الإشارة المعتمدين
أعرب سعد عبدالله الحميدي، عن سعادته وفخره بأن هناك عددا من أفراد المجتمع ، يتعلمون لغة الإشارة، جنبا إلى جنب مع اقرانهم من الصم، الامر الذي يدل على اتجاه المجتمع للشعور بالصم، مشيرا إلى أنه في البداية كان هناك تردد كبير وتخوف من امكانية دمج الصم في المجتمع ، إلا انه اصبح هناك دمج للصم مع اصدقائهم الاسوياء ، وذلك في المجالس والبيوت ومن خلال الاحتكاك في السفر، حيث يتم التواصل فيما بينهم عن طريق بعض الإشارات البسيطة، حيث انهم وجدوا لغة مبسطة للتفاهم فيما بينهم .
وعن اكثر الصعوبات التي تواجه الصم، قال الحميدي، إن صعوبة التواصل بين الطرفين، وخاصة في بيئة العمل، أو عند تعرض أحد الأشخاص من فئة الصم، لمشكلات طبية او قانونية او غيرها، حيث انه لا يجد من يفهمه او يوصل وجهه نظره، مشيرا إلى أنه رغم وجود 1500 أصم بالدولة، إلا أنه لا يوجد عدد كاف من المترجمين المعتمدين، والذين تبرز الحاجة إليهم في حالة وجود مشاكل قانونية هامة، وبالفعل اصبحنا نرى بعض الوزارات تعطي موظفيها اساسيات لغة الإشارة، مما يسهل من التواصل مع هذه الفئة .
وتابع قائلا : أستخدم الرسائل للتواصل عن طريق الهاتف، إلا أنني لا استطيع التواصل باللغة العربية، فأحيانا يأتي اتصال هاتفي، واضطر للجوء لأحد المارة، لترجمة ما يسمعه لي.
وأكد على انه يحاول التقرب من المجتمع، سواء عن طريق الابتسامة او بعض الإشارات البسيطة، خاصة وان الصم لا يتقنون قراءة اللغة العربية، الأمر الذي يشكل إحدى التحديات التي تواجههم ، معربا عن أمله في ان يشارك الصم في البطولات والمسابقات الدولية، في المستقبل وان نعتمد على انفسنا، ولا نخشى السفر، خاصة وان كل أصم لديه موهبة تميزه، دون الحاجة للاعتماد على مترجم او شخص يساعده، لتشجيعهم على التقدم وبذل الجهود .
واستطرد قائلا : رغم توظيفي بإحدى الجهات بالدولة، إلا أنني مازالت في مكاني منذ تعييني، لذلك اتمنى تطوير وتأهيل الصم، أسوة بزملائهم الاسوياء ، بحيث يحصلون على فرصة للتقدم في العمل، وليس مجرد شخص جالس يؤدي عمله.
فاطمة المنصوري : الصم بحاجة ماسة للدمج الاجتماعي
فيما قالت فاطمة المنصوري، متطوعة بالمركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم وإحدى المهتمات بالتعرف على ثقافة الصم، إنها تحرص على الحصول على دورات في لغة الإشارة، خاصة وأنها من خلال عملها كموظفة بوزارة الداخلية، يصادفها البعض من فئة الصم، مشيرة إلى أن الصم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولذلك فإن الحاجة ماسة للتعرف على ثقافتهم والتواصل معهم.
وأكدت على سعيها لتعلم لغة الإشارة، بحيث تستطيع فهم طريقة تفكيرهم، وتلبية لمتطالبتهم وتذليل الصعاب أمامهم في اي مكان يكونون فيه، سواء في العمل او في أي مكان، كل هذا بالإضافة إلى ان المجتمع على أعتاب كأس العالم 2022 الامر الذي يساهم في وجود متطوعين قادرين على التحدث بلغة الإشارة، للتعامل مع الصم والتداخل معهم، خاصة وانهم بحاجة للدمج الاجتماعي، لذلك فإن الدورة يكون هدفها الأول دمج الصم مع السامعين .
محمد فضلي : عدم معادلة شهادة معهد الصم يغلق أمامنا أبواب الترقي
قال محمد فضلي، إن هناك الكثير من المواقف المحرجة التي تصادف الصم، خاصة عندما لا يستوعب الأشخاص أنني من الصم، ويعتقدون اني ناطق، وعندما ادير وجهي عنهم، يحدث سوء تفاهم ، وتتحول نظرتهم من نظرة غضب إلى نبرة حزن وأحيانا ابتسامة، مشيرا إلى أنه أحيانا عندما يتحدث وزميله الأصم بلغة الإشارة، البعض من الناس يعتقدون اننا نستهزئ بهم ، ولا يعرفون انها لغتنا، وعندما أستخدم الاتصال بالفيديو البعض ينظرون إلي باستغراب .
وأعرب عن أمله في تطوير نفسه مهنيا، خاصة وان لديه موهبة التصوير، إلا أن الاشكالية انه لا يوجد مترجم في حالة اجتيازه لإحدى دورات التصوير، مشيرا إلى انه يحاول الاعتماد على احد الاصدقاء الذي يقوم بالترجمة له .. وأضاف : أتمنى في المستقبل الحصول على الشهادة الثانوية ليتم معادلتها، خاصة وان عدم معادلتها يغلق أمامنا أبواب الترقي الوظيفي، والسبب في ذلك ضعف المعلمين، فرغم تطوير المناهج إلا أن هناك بعض المعلمين لا يواكبون هذا التطور، لذلك فإن المجتمع لا يستطيع فهم أفكاري .
الشرق