
حول إقحام الدارجة المغربية في منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي
د. محمد بوزكري
تشكل الدارجة المغربية العالم اللغوي الأول لدى المتعلم، لأنها أول ما ينطق به الفرد وأول ما يصغي إليه، وهو لا يتعلمها بالتلقين وإنما يكتسبها داخل البيئة التي ينتمي إليها منذ الطفولة، ثم تزداد خبرته بها كلما تقدم في السن لتصبح لغته الأولى التي يتعلمها بصفة طبيعية كأداة للتخاطب اليومي. نحن لا ننكر أن الدارجة المغربية جزء لا يتجزأ من موروثنا الثقافي والفكري... لكنها تبقى لغة منطوقة فقط؛ نظرا لاعتمادها على مهارتي الاستماع والتحدث، على خلاف الفصحى التي تجمع بين المنطوق والمكتوب، وتهدف إلى تحقيق التواصل الاجتماعي والثقافي.
إن ما لم يدركه "عيوش" وأتباعه من دعاة إدراج الدارجة المغربية في تعليم اللغة العربية، هو أن العمل بذلك سيؤدي إلى نشوء عربية لدى المتعلم أقرب إلى الدارجة المغربية منها إلى العربية الفصحى، وهذا ما سيدفع المتعلم إلى ارتكاب العديد من الأخطاء أثناء إنتاجه العربية الفصحى، ويمكن أن نمثل لهذه الأخطاء على المستويات التالية:
1- الجانب الصوتي:
يتعلق هذا الجانب بتلك العادات اللغوية الصوتية التي استقرت في نظام أداء الطفل المغربي للغته الأم، والتي تقوم بخرق النظام الصوتي للعربية الفصحى، مما ينتج عنه ارتكاب المتعلم لأخطاء صوتية عديدة، مثل قوله: (تلاتة بدل ثلاثة / هدا بدل هذا /
الوضيفة بدل الوظيفة ...)، وارتكاب الطفل لأخطاء من هذا الصنف يرجع أساسا إلى غياب (الثاء والذال والظاء) في النسق الصوتي للدارجة المغربية. ويمكن أن نعثر على أخطاء صوتية أخرى على مستوى الأداء الشفوي للمتعلم...
2- الجانب الصرفي:
إن أهم ما يميز الدارجة المغربية عن العربية الفصحى على المستوى الصرفي هو غياب صيغة للدلالة على التثنية، فيتم التعبير عنها بصيغة الجمع، وما يلاحظ في هذا الإطار هو خلط المتعلم المغربي بين المثنى والجمع، فإذا خاطب شخصين انزلق لسانه فخاطبهما بقوله "أنتم" بدل "أنتما"، فيقع في أخطاء من قبيل ( اذهبوا بدل اذهبا / تقدموا بدل تقدما ...).
3- الجانب التركيبي:
يتمثل في اعتماد الدارجة المغربية في تحديد وظائف الكلمات على الرتبة بدل الحركات الإعرابية، وقد بين الفاسي الفهري في كتابه "اللسانيات واللغة العربية" أن أصل الرتبة في الدارجة المغربية هو (فا. ف. مف)، وهو ما يتعارض مع النسق المعتمد في العربية الفصحى (ف. فا. مف).
4- الجانب المعجمي:
يرتبط هذا الجانب أساسا بالوحدات اللفظية التي يستقيها المتعلم من الدارجة المغربية ويوظفها في تعابيره، وهي وحدات غير مطابقة للمعنى المقصود في العربية الفصحى، أو لا وجود لها في المعجم العربي، والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها: ( قطع خالد الشارع – بدأ المطر يسقط – طرأت في رأسه فكرة...) .
وخلاصة القول، إن إقحام الدارجة المغربية في منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، ليس له أي مبرر معقول ( علمي أو ثقافي أو بيداغوجي)، بل هو انبطاح جديد أمام الغزو الأجنبي، الذي يسخر أبناء مخلصين داخل وزارة التربية الوطنية وخارجها، يحرصون للأسف على تنفيذ أجندة الغرب أكثر من حرصهم على خدمة الوطن والارتقاء بمنظومتنا التعليمية.
|