دور العرب في منظمة التجارة العالمية
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
لا نقرأ كثيرا عن التنسيق العربي تجاه القضايا التي تهم الدول العربية في بعض المؤتمرات الدولية كتلك التي عقدت مؤخرا في بالي الاندونيسية التي احتضنت اجتماعات المؤتمر العالمي الوزاري التاسع لمنظمة التجارة العالمية WTO. فالكثير من الأخبار العربية في مثل هذه القضايا تتناول أسماء الوفود المشكلة من الجهات المعنية والديباجة المعروفة تقديمها في مثل هذه القضايا. وربما تكون هناك مواضيع تم التطرق إليها وتهم الفرد العربي، إلا أنها لا تذكر في وسائل الإعلام.
ومن هنا نرى أن القارئ العربي ومن ورائه الصحفي والإعلامي الاقتصادي العربي يجهل الكثير من الحقائق حول اقتصاداته وتصل إليه معلومات ضحلة، وبذلك لا تستطيع تقديم تحليلات اقتصادية، بينما نرى كتلا اقتصادية أخرى في العالم تنسق فيما بينها، وتصحب معها وفودا اعلامية لتعرفهم بالقضايا المطروحة في مثل هذه المؤتمرات الكبيرة، وتعمل نوعا من الضغط على تلك المؤتمرات سواء من خلال وسائلها الإعلامية، أو من خلال الوفود التي تمثل مؤسسات المجتمعات المدنية التي تبقى جنبا بجنب إلى جانب وفودها الرسمية لتصحح أي مسار مفترض خاطئ، ولتخرج بذلك بأكبر قدر من القرارات الإيجابية التي تهم دولها، الأمر الذي يتطلب إعطاء المزيد من الاهتمام لمثل هذه الاجتماعات بين الجهات المعنية والوسائل الإعلامية على مستوى التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي أو على مستوى العالم العربي.
هذه المرة نقرأ على الصعيد العربي خبرا بانضمام اليمن الشقيق إلى منظمة التجارة العالمية، وأول المرحبين بانضمامها كان الاتحاد الأوروبي وليست جامعة الدول العربية، حيث رحب الاتحاد بمصادقة المؤتمر على انضمام اليمن إلى عضوية هذه المنظمة التي نأمل أن يعود الاقتصاد اليمني ببعض الإيجابيات في المستقبل، وألا تكون قيدا على حركة الاقتصاد اليمني تجاه قضايا اقتصادية أخرى. لقد شهد المؤتمر كالعادة نقاشا من بعض الوفود المشاركة في مثل هذه المؤتمرات كوفدي الهند التي تمثل ثقلا كبيرا ومدافعا لقضايا الدول النامية والولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل في الغالب مصالح الغرب، إلا أنه تمكن الجانبان من التوصل إلى بعض التسويات حول موضوع تقديم الدعم للمنتجات الغذائية.
وبذلك أعلنت منظمة التجارة العالمية عن اقرارها اتفاق التبادل التجاري الحر وهو الأول في تاريخها، حيث قال رئيس الاجتماع الوزاري- وزير التجارة الإندونيسي- جيتا ويرجوان أمام أعضاء وفود 159 دولة أعضاء خلال هذا الاجتماع الوزاري النهائي:، إن الاتفاق “أُقِر”، فيما قال البرازيلي روبرتو إزيفيدو “للمرة الأولى في تاريخها: إن منظمة التجارة العالمية التزمت بوعودها. فالبيان الأخير يوضح الالتزام بالنظام التجاري متعدد الأطراف والأهمية الحاسمة للتوصل إلى هذه النتيجة الطموحة والمتوازنة. الأمر الكبير والجيد من حصيلة هذه الاجتماعات هو ما تم التوصل إليه بين كل من الهند والولايات المتحدة لحل خلافاتهما بشأن كيفية المضي قدمًا في المفاوضات الخاصة بالأمن الغذائي مستقبلا، حيث يمهد ذلك الطريق لأول اتفاق للتجارة العالمية في ما يقرب من عقدين من الزمن. فالهند على لسان وزير تجارتها قال: إنه يوافق على مسودة الاتفاق، لكي يزيل عقبة أساسية تاريخية كانت تعيق الاتفاق منذ عقود، موضحا أن الاتفاق يتضمن قواعد ملزمة لإزالة الشريط الأحمر للسلع على الحدود في جميع أنحاء العالم، والذي يمثل انتصارًا كبيرًا لمنظمة التجارة العالمية كمسؤولة عن صياغة قواعد عالمية للتجارة. فيما لوحظ أن الحدث الاقتصادي الرئيسي الذي شد الانتباه في ختام الاجتماعات هو نشر بيانات جداول للرواتب غير الزراعية في الولايات المتحدة، حيث يعتقد الاقتصاديون أن الاقتصاد الأمريكي سيوجد 180 ألف وظيفة في مدة معينة ليصل معدل البطالة الى 7.2٪. الأخبار العربية قليلة جدا وهناك دور هامشي للعرب في هذه المنظمة، وقد سبق لممثلة السلطنة لدى منظمة التجارة العالمية هيلدا الهنائية التي تنتمي لوزارة التجارة والصناعة أنها صرحت لبعض وسائل الإعلام الخليجية قبل عدة أشهر أن الدول العربية الأعضاء بالمنظمة تهمش نفسها داخل هذه المؤسسة الدولية، والتي تضع وتراقب قواعد وقوانين التجارة العالمية. إن دور الدول العربية الأعضاء هامشي في وضع التشريعات والمفاوضات التي تجري داخل منظمة التجارة العالمية. كما ترى أيضا أن هناك ضعفا للحضور العربي في المنظمة، وهذا راجع إلى عدم وجود كوارد متخصصة وكافية لدى الوفود العربية في منظمة التجارة العالمية، مشيرة إلى أنه باستثناء السعودية فإن كافة الدول العربية الأعضاء – وعددها 12 عضوا- لا تتوفر على بعثة خاصة بالمنظمة، حيث إن ممثلها لدى الأمم المتحدة هو في الوقت نفسه ممثلها لدى التجارة العالمية. كما ترى المسؤولة أن ممثلي الدول العربية لا يعطون الأولوية لما يجري داخل المنظمة، في حين أن دولا أفريقية وأمريكية لاتينية تتقدم بمقترحات وأفكار خلال اجتماعات ومفاوضات منظمة التجارة، مشيرة إلى أنها قامت باستطلاع لآراء العديد من الطلاب ورجال الأعمال والموظفين الحكوميين في العديد من الدول العربية عن نظرتهم لمنظمة التجارة العالمية، وتبين لها أنها “نظرة سلبية تشاؤمية وفيها الكثير من الشك لأن العرب لا يستفيدون من المنظمة”، حيث تعتبر – حسب بعض المشاركين في الاستطلاع- أداة من الأدوات التي يستعملها الغرب للسيطرة على التجارة العالمية، وذلك من خلال فتح أسواق الدول العربية أمام المنتجات الغربية.
وهذا هو الحال أيضا ، كما أراه، لدى الإعلامي العربي الذي يجهل الكثير من الحقائق للتحدث عما هو إيجابي أو سلبي من المشاركة العربية في هذه المنظمة التي لا بد للدول العربية المنضمة إليها بالعمل على تلبية مطالب المنظمة. وفي هذا الصدد تبين الآراء التي وقفت عليها المسؤولة من خلال الاستطلاعات التي أجرتها مع بعض العرب أن منظمة التجارة جرى “تسييسها، ويظهر ذلك من خلال رفض عضوية العديد من الدول العربية لاعتبارات سياسية. وتعتبر الهنائية أن عدم وجود اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية المعتمدة في المنظمة يجعل دور العرب ضعيفاً، فضلا عن عدم حضور جامعة الدول العربية بصفة عضو ملاحظ.
الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يتطلب الاتفاق مع الدول بشأن الجوانب المتعلقة بالتجارة الخارجية وضمنها الرسوم الجمركية وغيرها من القضايا الأخرى، وهناك عدد من الدول العربية ما زالت خارج هذه المنظمة، ولا نحسدها على ذلك، لأن الكثير من العرب لا يستطيعون التفرقة بين المزايا الإيجابية والسلبية من وجودهم في هذه المنظمة، وأنا لا اعني المسؤولين في هذا الطرح، وإنما أتحدث عن المئات من الملايين العرب الذين يرون بأنهم لم يكسبوا أي أمر إيجابي من جراء حصول دولهم على هذه العضوية. فمشاكل البحث عن العمل في الدول العربية مازالت قائمة، والحروب التي تشن في الدول العربية ضد بعضها البعض أصبحت هي التي تغذي اليوم الكثير من العائلات التي انضم أفرادها إلى مجوعات مسلحة. وهذه كارثة سياسية واجتماعية أخرى نشهدها اليوم على الساحة العربية. فهل يمكن الاستفادة من مخرجات منظمة التجارة العالمية في توفير فرص العمل للعرب؟؟ سؤال لا املك جوابه ولكنني قادر على طرحه عبر الوسيلة التي أخاطب بها البعض.
عُمان
|
|
|