صرخة اللغة العربية إلى وزير التعليم

أ. أشرف معروف

 

هلت علينا ذكرى الاحتفال بيوم اللغة العربية ولكن الناظر فى حالها يدرك أن أهلها بعيدون عن جوهر الاحتفال بها أو قل إنهم بعيدون عن لغتهم نفسها، وفى بداية العام الدراسى عندما قرر الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم أن تكون اللغة العربية هى لغة الدراسة فى جميع المدارس وخصوصا التجريبيات، ساعتها قامت الدنيا وعبثا حاول الرجل أن يقنعهم أن مراده الاهتمام باللغة الوطنية ولكنه وجد آذانا صما، وأصر الجميع على التمسك باللغة الأجنبية مع مالها من أثر سلبى فى عقول الناشئة فنحن نعانى الأمرين مع الطلاب الذين ترعرعوا على اللغات الأجنبية فهم لا يستطيعون نطق عدد مكون من رقمين. 

والتقليل من اللغة العربية التى هى مقوم أساسى من مقومات الشخصية المصرية، له عوامل كثيرة منها المناهج الدراسية وما دام وزير التعليم يطمح فى إحداث ثورة تعليمية فعليه أن يراجع مناهج اللغة العربية ولينظر فى مواطن القصور، وأضرب مثالا على سوء اختيار النصوص الأدبية فعندك مثلا فى الصف الأول الإعدادى يدرس الطالب نص (العمل حياة) من سورة سبأ وفيها ذكر تسخير سليمان للجن: وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) ولك أن تتساءل ما الأهداف التربوية لتدريس هذا النص مع ما للنص القرآنى من قدسية، فماذا يستفيد طالب سلوكيا من تسخير الجن. وفى الصف الثانى الثانوى مقرر على الطالب جزء من خطبة الوداع وقد تركوا كل الخطبة وركزوا على قوله صلى الله عليه وسلم: إنما النسيء زيادة فى الكفر, فبالله عليك هل فى زماننا هذا نسيء وهو تأخير حرمة شهر المحرم، وقد تركوا أجزاء غاية فى الروعة فى خطبة الوداع كقوله: استوصوا بالنساء خيرا، وأخيرا قرار عجيب صدر بمنع الأسئلة فى المرادفات اللغوية فى فرع القصة المقرر على الطلاب فى جميع المراحل، وهل تدرس القصة إلا لإثراء اللغة عند الطلاب وتنمية مهاراتهم الأسلوبية ولذلك تحولت حصة القصة إلى حصة حواديت، فعلى وزير التعليم وقد استشعرنا حبه واهتمامه باللغة العربية أن يعيد النظر فى اختيار المناهج المقررة على الأبناء ليعود إليهم حبهم للغة العربية التى تئن وتشكو من هجر أبنائها.

 

الأهرام