النهوض بالعربية يتطلب تكاتف الجهود المجتمعية

هناء صالح الترك

أكدت الدكتورة شيخة بنت عبد الله المسند رئيس جامعة قطر أن النهوض باللغة العربية وتعزيزها لا يمكن أن يكون مسؤولية جهة واحدة مهما عظمت قدراتها، بل يتطلب تكاتف الجهود من داخل المنظومة التعليمية وخارجها .. داعية إلى تحديث أساليب الأهالي والتربويين حتى نستطيع مواكبة أسلوب أبنائنا في التفكير والتعلم.

كان قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم في جامعة قطر نظم أمس فعالية يوم اللغة العربية الخامس تحت شعار "سجل أنا عربي" في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وتضمن أنشطة متنوعة لطالبات البكالوريوس والماجستير في القسم لعرض إبداعاتهن الشعرية والمسرحية والنقاشية وعرض مشروعاتهن البحثية في مجال تقنيات اللغة العربية، كما شارك طلبة برنامج اللغة العربية لغير الناطقين بها في احتفالية هذا اليوم من خلال عرض تجربتهم في دراسة هذه اللغة، وذلك بحضور الدكتورة شيخة المسند رئيس الجامعة والدكتورة إيمان مصطفوي عميد كلية الآداب والعلوم والدكتور علي الكبيسي رئيس قسم اللغة العربية والأستاذ إسماعيل مليلي مدير مكتب المدير العام لقناة الجزيرة والإعلامي محمود الزيبق من قناة الجزيرة. وقد تم استضافة كل من الإعلامي عثمان محمود العثمان من قناة الجزيرة والأستاذ مجد عبار مدير مبادرات المحتوى العربي في معهد قطر لبحوث الحوسبة كضيف شرف لهذه الاحتفالية.

وقالت د. المسند إن فعالية قسم اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم للعام الخامس على التوالي، تركز على العمل الطلابي في جانب الأنشطة الثقافية والتعليمية، وهو ما يدعم المناخ التعليمي النشط الذي تسعى إليه جامعة قطر .. مشيرة إلى أن اللغة العربية أصبحت موضوعًا يشغل بال الكثيرين في عالمنا العربي وفي المجتمع القطري كذلك، ولا يكاد يمر يوم واحد دون أن نجد مقالة في الصحف، أو نقرأ تعليقًا في شبكات التواصل الاجتماعي أو نحضر فعالية تتناول جانبًا من جوانب إشكالية اللغة العربية واستخدامها.

وأضافت: من وجهة نظري فإن هذا الاهتمام وتلك الحوارات تشكل ظاهرة صحية تعكس اعتزازنا بلغتنا وغيرتنا عليها، كيف لا وهي لغة القرآن الكريم، والحضارة الإسلامية العريقة والتراث القطري الأصيل، ولابد أنكم لاحظتم أيضًا الجدل القائم حول أسباب تراجع استخدام اللغة العربية في مجتمعنا فبينما أرجع بعضنا ذلك إلى ضعف في التعليم الأساسي، ذهب آخرون إلى إلقاء اللائمة على منظومة التعليم العالي أو على الممارسات في سوق العمل. ولا بد من التشديد على أن النهوض باللغة العربية وتعزيزها لا يمكن أن يكون مسؤولية جهة واحدة مهما عظمت قدراتها، بل يتطلب تكاتف الجهود من داخل المنظومة التعليمية وخارجها. كما يجب أن نعي وسائل الاتصال والتواصل في هذا العصر تتطلب أن نحدث أساليبنا، على مستوى الأهالي والتربويين؛ حتى نستطيع مواكبة أسلوب أبنائنا في التفكير والتعلم.

من جهتها، قالت د. إيمان مصطفوي، ونحن في غَمرةِ هذه الاحتفالاتِ لا ينبغي أن يُـنسينا وهَـجُ اللحظةِ وتدفقِ المشاعرِ واقعَ لغتِـنا. نحن بحاجةٍ في هذا الاحتفالِ إلى أن نشخّصَ الواقعَ. وأعتقدُ جازمةً أن مواجهةَ هذه التحدياتِ تحتاجُ إلى عملٍ جماعيٍّ مؤسسيٍّ ومشترك، يشتركُ فيه الرسميُّ والشعبيُّ والمتخصصُ وغيُر المتخصصِ، ويبدأُ كلُّ ذلكَ أولاً وقبلَ كلِّ شيءٍ بإزاحةِ الشعورِ بالنقصِ، والاعتزازِ بلغتِـنا والحرصِ على مكانـتِها بين لغاتِ العالمِ، بخدمـتِـها ليس فقط على مستوى المختصينَ فيها، ولكن أيضا من قبلِ الدوائرِ الرسميةِ للبلدانِ العربيةِ التي بسياساتِها يمكن أن تشجعَ وتمولَ الدراساتِ التي من شأنها أن تطورَ من هذه اللغةِ، وفي هذا الصددِ، أشيرُ إلى أن دولةَ قطر لم تدّخرْ جهدًا في سبيلِ الحفاظِ على اللغةِ العربيةِ وتطويرِها في التعليمِ والإعلامِ ومن خلالِ المبادراتِ المختلفةِ للنهوضِ بلغةِ الضادِ.

وفي حوار مفتوح له مع الطالبات والحضور، قال الإعلامي عثمان عثمان من قناة الجزيرة: اللغة وعاء الفكر، وهي الوسيلة التي نعبِّر من خلالها عن ذواتنا، وهناك علاقة وثيقة بين اللغة والإعلام، فالإعلامي الذي يتقن العربية هو الأكثر قدرة على التعبير عن أفكاره وانتقاء كلماته لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا".

وقال الأستاذ مجد عبار مدير مبادرات المحتوى العربي في معهد قطر لبحوث الحوسبة: من الضروري النهوض باللغة العربية لتستعيد مكانها المناسب من جديد وكل الجهود التي ترمي إلى ذلك مرحب بها وضرورية وتأتي أهمية هذه الاحتفالية في أنها سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها اللغة العربية أكاديميا وإعلاميا وتقنيا.

وقال الدكتور علي الكبيسي رئيس قسم اللغة العربية: إنه في ضوء تخصيص اليونسكو موضوع (الإعلام ودوره في تقوية أو إضعاف اللغة العربية) ليكون محور نقاش في هذا اليوم، فقد خصصت فقرات في هذه الفعالية لتناول هذا الموضوع، ومنها إعداد مناظرة بين قسمي اللغة العربية وقسم الإعلام في كلية الآداب حول هذا الموضوع، وأيضًا خصص مجال البحث العلمي في المسابقة الثقافية السنوية للبحث الذي يتناول أثر الإعلام في اللغة العربية وغيرها من الفقرات .. مشيرا إلى أن الاحتفال بهذا اليوم يعد مناسبة للتذكير بأهمية اللغة العربية ودورها في مجتمعنا المعاصر بوصفها الركيزة الأساسية في منظومة التنمية الشاملة، وأيضًا لا يقتصر الاهتمام بها على المدارس والجامعات، بل يمتد إلى كل عربي ومسلم يعتز بلغته. كما أن للإعلام، في كل صوره، دورًا كبيرًا في نشر الوعي بأهمية اللغة العربية ودعم المحافظة عليها.

وقال الدكتور محمد مصطفى سليم منسق برنامج البكالوريس في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم : يوم اللغة العربية تقليد أكاديمي تربوي تحرص عليه، سنويًّا، جامعة قطر وكلية الآداب والعلوم، في إطار رؤية تؤكّد أن اللغة العربية في قلب اهتمامات الجامعة، بحثًا وتدريسًا وأنشطةً تصبّ في مجال تعزيز الهوية الصحيحة للطالب القطري. ويأتي هذا هو اليوم، وهو اليوم الخامس الذي تُعقد فعالياته التربوية والثقافية والفنية على نحو منتظم؛ ليبرز وضعية اللغة العربية بما يعمل على تعزيز حقيقي لدورها ومكانتها في جامعة قطر والمجتمع القطري، ثم إن الفعاليات تعد فرصة طيبة لإيجاد مناخ تعليمي غير مباشر يربط الطالبة بلغتها وآدابها من خلال أنشطة فنية وثقافية توظّف اللغة بشكل ممتع؛ إذ نجد المواقف الفكاهية اللغوية مع الحوارات الهادفة واللوحات الشعرية التي تُقدم بشكل حواري درامي نلمس فيه رقي اللغة وقدرتها على استيعاب الأفكار بطريقة جمالية، ويصحبها في ذلك معارض مصغرة حول الخط العربي والأخطاء الشائعة والإنجازات التي حققها قسم اللغة العربية في عام أكاديمي على مستوى برنامجي البكالوريوس والماجستير.

وقالت د.امتنان الصمادي عضو هيئة تدريس: ارتأى القسم أن يتزامن هذا الاحتفال مع الاحتفال الثقافي السنوي الذي يقيمه القسم مستعرضا منجزاته ومسيرته ومسلطا الضوء على حجم الأداء ومقاربته بمستوى الطموح، ولا يكاد يخلو في العادة من مراجعة بغرض التطوير والتحديث بما يخدم العملية التعليمية التعلمية. وفي هذا العام نجد أن ربط المناسبتين معا أضفى لمسة رائعة على طبيعة الاحتفال، وأرى أنه من الضروري الخروج بدعوة حقيقية لإنفاذ مشاريع عملية تخدم اللغة العربية لعلنا نكون فيها سباقين على مستوى الجامعات.

وحول النشاط المسرحي في الاحتفالية، قالت د. نسيمه بوصلاح عضو هيئة تدريس في القسم: المسرح حاضر في احتفال قسم اللغة العربية باليوم الثقافي، إذ قمنا بإعداد لوحات شعرية بعنوان "أنا لغتي" انتقيناها من نصوص شعراء معروفين كانوا قد كتبوا هواجسهم عن اللغة العربية، بينهم محمود درويش، خليل مطران، وليد القصاب، محمد الهلالي، وآخرون.

وقال الإعلامي محمود الزيبق: اللغة هوية كل أمة وباب فخرها وتمتاز العربية على غيرها بسعتها وكثرة مفرداتها التي تبلغ أضعاف مفردات أي لغة أخرى ومرونتها في أوزانها التي تسمح لها بالتوليد مع ذلك العربية مظلومة بتقصير أهلها.

وقالت الطالبة إخلاص شامية من تخصص الإعلام: موضوع الندوة النقاشية هو اللغة العربية والإعلام حيث ألقينا الضوء على عدة محاور أبرزها دور الفضائيات في تعميم اللغة العربية أو تهميشها بالإضافة إلى كيف ساهمت اللغة العربية في تبلور وتشكيل الهوية الثقافية وأبرز ملامح التواصل الاجتماعي وتجلياتها في ضوء اللغة العربية وما استحدث عنها من أيقونات لغوية جديدة.

الراية