دستور اللغة العربية، خطوة بارزة في الفكر اللغوي

أ.د. أحمد مصطفى ابوالخير



   في البدء كان الطموح إلى بحوث غير نمطية وغير تقليدية في العربية ، فكان منها على سبيل المثال دراسة حول الألفاظ التي جمعت مصححة ومكسرة في القرآن الكريم 1998 خلصنا منها إلى أن العربية تتسم بدقة القاعدة ومرونة السياق , ثم عبقرية العربية 2002 تلك العبقرية التي تتمثل بشكل رئيس في البعد عن النمطية  , فضلا عن خصائص متفردة لا نجدها في غير العربية.
  وهذا مثال بعيد كل البعد عن النمطية في لغتنا العربية , ففي النسب إلى ( ربا – شطا ) ربوى وشطوى , تحولت الألف إلى واو ، ولم تحذف وفي (فرنسا  -بردى ) كان النسب إليهما : ( فرنسي – بردي ) بحذف الألف المدية .
  ولو كانت العربية نمطية لحذفت في الكل أو أبقت في الكل , وفي ذات الوقت تجد العربية منطقية تماما تماما ، لماذا حذفت في مثل ( فرنسا – بردى ) ولم تحذف في ( ربا – شطا ) لأن هذي الأمثلة الأخيرة صغيرة الحجم قليلة العناصر = مقطعين , الأول قصير مفتوح , والثاني طويل مفتوح = (ص ح + ص ح ح ) أربعة أصوات .
  وفي مثل ( فرنسا – بلجيكا ) تحذف الألف المدية ؟ وذاك أن الكلمة طويلة , عديدة العناصر ومن ثم كان الحذف منها منطقيا مبررا ( بلجيكا) مثلا = ثلاثة مقاطع في سبعة أصوات أي :
( ص ح ص + ص ح ح + ص ح ح ) .
  مثال غير ماسبق من البعد عن النمطية , أي مثال من الخصائص المتفردة للعربية عن غيرها من اللغيات – تصغير لغة – فنظام الحركات في العربية هو أبسط نظام للحركات في لغات العالم كله , ياإلهي من قال بهذا؟ ومن به نبأ ؟ الذي قال بهذا ج . د . أكونر , وفي أي كتاب قال هذا؟ في كتابه الشهير Phonetics ذكر فيه أن أبسط نظام للحركات في العالم هو هذي الثلاث:                                                           u                i              a                        
        
    إذن أبسط نظام للحركات في كل لغات العالم هو هذي الحركات الثلاث أي ( الكسرة والفتحة والضمة) وهن موجودات في لغتين ( العربية الفصحى ولغة اسكيموجرينلاند) في جزيرة  جرينلاند ، تقع شمال شرق كندا، هل هناك صلة بين اللغتين، أي العربية ولغة هؤلاء الإسكيمو ؟ لا يظهر لي شيء من ذياك الشيء .
  فمن هو أكونر ؟ إنه اللغوي الإنجليزي ، من جامعة لندن ، كان تلميذا لدانيال جونز   صاحب نظرية الحركات المعيارية ، والآن ندلف سراعا حادرين إلى دستور اللغة العربية حيث الفكرة الشائعة تشيع بأن اللغة – أية لغة – واللغة العربية على وجه الخصوص هي فوضوية تماما ، لا رابط بين قواعدها المختلفة وبين أنظمتها المختلفة , ولكن كما قال أستاذنا الدكتور محمود قاسم العميد الأسبق لكلية دار العلوم :
         ليس شيوع  الفكرة دليلا على صحتها  بل على العكس تماما  كلما كانت الفكر شائعة
               كانت خاطئة , فأكثر الأفكار شيوعا أكثر خطئا ، أو أكثر خطأ.
   دستور اللغة العربية نقلة نوعية في الفكر اللغوي , حيث إن اللغة العربية تبدو في قسم كبير منها دقيقة شديدة الدقة  ، وفي بعضها الآخر شديدة المرونة ، هذه الدقة التي تبدو شديدة الوضوح في دستور اللغة العربية .
   هذا الدستور عبارة عن خمس وسبعين مادة , شرحهن في حوالي ألف صفحة , استغرق إنجازها حوالي أربع سنوات من 2009 إلى 2013 ثم طبعت المواد وحدهن في حوالي عشرين صفيحة في العام 2013 م .
أمثلة كثيرة نقدمها من دستور لغتنا لعربية :
1-    في المادة الحادية والثلاثين : الأسماء المعربة في عربية بني يعرب لاتنتهي مطلقا البتة –بواو مد– أي  بضمة طويلة , ولذا :
- جمع ( دلو- جرو ) هو( أدلو – أجرو ) بواو مد , لكن العربية حولت تيك الواو المدية إلى ( أدلي – أجري ) بياء مدية .
-    عربت العربية ( خسرو) الفارسية إلى (كسرى ) بفتحة طويلة نطقا ، ياء رسما لأن الألف المدية رابعة ( ).
إنها كراهية الضمة ، فالعربية مثلا تحاول الفرار من توالي الضمتين في مثل ، سرر– وذلل، وهما جمع ( سرير – ذليل ) قال الرازي : ( وجمع السرير أسرة وسرر بضم الراء , وبعضهم يفتحها استثقالا  لاجتماع الضمتين ... وكذا ما أشبهه من الجموع نحو : ذليل و ذلل ( ) .
  بل وجدنا شيئا كهذا في بعض العاميات المصرية , ففي محافظة الشرقية تجد العامة يقولون: ( كتب ) بفتح التاء جمع( كتاب) بدل ( كتب ) بضم الكاف والتاء تحاشيا لتوالي ضمتين ، وكذا يحاول العامة في مصر تحاشي الواو المدية نهاية الأسماء المعربة كما في مثل : ( طوكيو ) بواو مد , وكذلك مثل : ( كيمو – زيزو ) إذا تنطق العامة ما سبق من الأمثلة بواو لينة (نصف حركة ) ساكنة : ( طوكيوْ – كيموْ – زيزوْ) وكذا ( كيلوْ ) وليس (كيلو)  .
2-    في المادة السادسة والستين : لا تبدأ العربية :
3-    المقطع.
4-    الكلمة.
5-    التفعيلة العروضية .
6-    أجزاء التفعيلة مثل الفاصلة ، صغرى أو كبرى، أو وتد مجموع أو مفروق .
لا تبدأ شيئا مما سبق بحركة ، لا طويلة ولا قصيرة  ، ولا بصامت ساكن ، ففي الخرم -وهو من العلل التي تجري مجرى الزحافات – يحذف المتحرك الأول من التفعيلة شرط أن تبدا بمتحركين  ، فإن حذف الأول منهما بقي الآخر ، فإن بدأت التفعيلة بمتحرك واحد فلا يصح حذفه إذن , لماذا ؟ حتى لا تبدأ التفعيلة بساكن , قارن بين :
-/ /o / o بالخرم تصبح /  o/o  حذف أحد المتحركين وبقي الآخر.
- / o / o لا يصح فيها خرم لأنها بدأت بمحترك واحد ، إن حذف بدأت التفعيلة بساكن لتصبح o / o وهو غير وارد في عروض العربية.
وكذا أيضا :
-    المقطع .
-    الكلمة .
-    أجزاء التفعيلة .
  كل ما سبق لا يبدأ بحركة .. فتحة ولا ضمة ولا كسرة ، ولا حركة طويلة البتة مطلقا، بل انتقل هذا – أو حظر – في العامية العربية حيث لا بدء في المقطع ولا الكلمة بحركة طويلة أوقصيرة ، واللهجة المصرية مثال على هذا .
  وفي النهاية تجب الإشارة إلى أن الكلمة العربية - وكذا المقطع – يمكن أن ينتهيا بصامتين ساكنين ، وهو شيء  ممنوع في بداية الكلمة أو المقطع ، كما في :
-    بدر عند الوقف , أي : ص ح ص ص
-    عام عند الوقف , أي : ص ح ح ص ص
3- في المادة الثلاثين  : الكلمة العربية ربعة بين كلمات اللغيات ، لا هي بالقصيرة جدا ، ولا هي بالطويلة الطويلة ، لقد قبسنا هذا الوصف من وصف سيد الخلق – صلى الله عليه وآله - إذ كان ربعة بين الرجال أو ربعة في الرجال   لا هو بالطويل جداً , ولا هو بالقصير، إذا كان بين القصار لم يظهر أنه طويل ، فإن كان بين الطوال لم يظهر أنه قصير، وكأن المطلوب أن يكون سيد الخلق على مسافة واحدة من كل الرجال ، قصيرهم وطويلهم .
    كلمات العربية هن ربعة بين كلمات اللغيات ، وتم ذلك من خلال مجموعة من الضوابط والآليات التي آلت بالكليمة العربية حتما ولزما أن تكون ربعة ربعة ، هذي الآليات منها:
أ‌-    من علائم الفصاحة وسيمائها وسماتها أن تكون الكليمة غير خارجة عن حد الاعتدال، أي في الطول ، سواء أكانت من أصل عربي أو غير عربي مثل :
-    ( سويداواتها) جمع سويداء , أي حبة القلب .
-    (مغناطيس – أذربيجان ) وهما من أصل غير عربي.
_ ومن كتاب علوم البلاغة ... قرأت لقارئي: ( أصول الأبنية لاتحسن إلا في الثلاثي وبعض الرباعي , نحو :عسجد , اما خماسي الأصل , مثل صهصلق ، جحمرش ، وما جرى مجراهما فإنه قبيح ومن ثم لم يوجد شيء من هذا الضرب في القرآن الكريم ،إلا ما كان من أسماء الأنبياء مثل : إسماعيل وإبراهيم السيوطي .
-    السيوطي له كليمة في مزهره  هي زاهرة مزهره ، قال فيها : ( الأصول ثلاثة , حرف يبدأ به ، وحرف يحشى به - أي يكون في الوسط - وحرف يوقف عليه , الرباعي مستثقل غير متمكن تمكن الثلاثي) فّإذا كان الثلاثي أخف وأمكن من الثنائي ، وكذا الرباعي فلا شك في ثقل الخماسي وقوة الكلفة فيه ، وإذا كان الرباعي مع قربه من الثلاثي إنما استعمل منه الأقل النذر ، فما ظنك بالخماسي على طوله وتقاصر الفعل الذي هو مظنة التصرف والثقل ، لذا قل الخماسي أصلا).
-    هذا مايعني أنه برغم وجود الخماسي المجرد والمزيد من الأسماء فإن العربية تميل إلى الثلاثي ميلا واضحاً ، ثم الرباعي مبتعدة قدر الإمكان عن الخماسي ، مجرده والمزيد ، ولذا لم يقع في القرآن من هذا غير نزر نادر قليل , مثل ( سلسبيل) اسم خماسي مزيد بياء مدية قبل الآخر .
ب‌-    في المقطع العربي عدة ضوابط وقواعد تسير باتجاه توازن الكلمة وربعتها منها :
-    لا يتكون المقطع العربي من عنصر واحد البتة , لا حركة ولا صامت، لا يقل مطلقا مطلقا عن عنصرين , صامت وحركة .
-    الكثرة الغالبة من الكلمات لا تزيد عن أربعة مقاطع .
-    ولا تزيد - بحال من الأحوال - الكلمة العربية في وحدتها الكتابية عن سبعة مقاطع مهما اتصل بها من سوابق ولواحق ،مثل: أنلزمكموها وفسيكفيهم، وإن جاءتا في القرآن الكريم إلا ان هذا النوع من الكلمات قليل نادر .
-    تميل العربية إلى المقاطع المغلقة ويقل فيها توالي المقاطع المفتوحة سيما القصيرة , هاتيك المقاطع القصيرة لو زادت عن أربعة فإن العربية تغلق أحدها باختصار المقاطع وحذف إحدى الحركات القصار، كما في إسناد الفعل إلى ضمائر الرفع المتحركة( تاء الفاعل – نا الدالة على الفاعلين – نون النسوة ) كما في :
-     كَتَب          كتبتُ         –      kataba-- katabtu
   ج- دعم الكلمة الضعيفة :
-    هاء السكت إن جاءت بعد حرف واحد متحرك ( صامت + حركة ) مقطع قصير مفتوح كما في الأمر من اللفيف المفروق ، وفي             يفي          فه (وجوبا) .
  دعم هذا الفعل الأمر بهاء السكت وبإجماع علماء العربية أجمعين أجمعين إجماعا إجماعا فإن بقي النعل على حرفين ( صامتين ) كما في المضارع من الفعل المذكور          (يفي--- لم يف ، لم يفه) وهنا اختلف علماء العربية هل هاء السكت واجبة أم جائزة ، فإن زادت الكلمة عن حرفين – ثلاثة فما فوق – كانت الهاء جائزة باتفاق تام بين العلماء
-    في النسب إلى كم وهي كليمة ضعيفة معتمدة متكئة على حرفين ( صامتين ) وهي مقطع واحد مغلق  : صح ص، ولذا دعمتها العربية بتضعيف الميم عند النسب :
كمْ              كمِّي
د‌-    الحذف من الكلمة الطويلة وعدم الحذف من الكلمات الصغيرة الضعيفة , وهذا مثال ساطع فاقع على ما نقول :
الأسماء المنتهية بياء مشددة لها حالات ثلاث هن :
قبل الياء المشددة حرف واحد : صامت فقط ، كما في كليمة (حيّ)  إذ عندنا صامت متحرك جاء بعدهما ياء مشددة ،والصامت المشدد صامتان ،الأول ساكن والثاني متحرك – في غير الوقف - إذ عند الوقف عندنا صامتان فقط ،عند النسب تبقى الياء الأولى ،كما هي، أو كما هيه ، لكن الثانية تتحول إلى واو حتى تفرق بين ياء الكليمة والياء المشددة أو كان النسب أو ياء النسب أداة النسب ،لاحظ :
حيّ        حيْ ي             حيويّ
قبل الياء المشددة حرفان " صامتان : وهنا تفجؤك العربية بشيء طريف عجيب ،وهو أنها تقسم الياء المشددة إلى ياءين ،اما الثانية فتحولها إلى واو كي تتناسب مع ياءي النسب كما في :
عليّ         عليْ ي             علويّ
لقد تم في المثال – وما جاء على أضرابه – حذف إحدى الياءين، ثم تحولت الثانية إلى واو كما ترى .
قبل الياء المشددة أو الياءين ثلاث أحرف فأكثر: تخذف الياءان قولا واحدا , كما في :
اسكندرية         اسكندريّ ، أو سكندري .
لقد حذفت التاء المربوطة كما تحذف في أي اسم يعد للنسب، ثم حذفت الياءان ،وحل مكانهما ياء النسب كما ترى .
4-    وفي ملف الإعراب  في عربية بني يعرب كان للدستور وقفة لوضع خارطة طريق لحل مشكلة الإعراب وحل ألغازه  , هذي الخارطة تمثلت في عدة ركائز منها :  
أ‌-    مكتشف الصرف والنحو : هو أمير المؤمنين , علي بن ابي طالب – عليه السلام – لقد خطط ورسم الأركان والأسس , التي أعطاها لتلميذه أبي الأسود الدؤلي ( ت 67 هـ ) وقام التلميذ بتنفيذ الخطة المرسومة ،
علق أمير المؤمنين قائلا لتلميذه ومريده :
ما أجمل هذا النحو الذي نحوت.
ومن يوم أن نطق الإمام عليّ بهذه الجميلة دخل مصطلح النحو إلى الخلود والذيوع والانتشار إلى الآن.
لقد كان المقصود بالنحو ( الصرف والنحو) كليهما ولا يزال بعض الكتاب يتعرض للعلمين تحت مسمى واحد هو ( النحو) وفي وقت لاحق استقل الصرف عن النحو إلى الآن .
ب‌-     قدم الدستور تعريفات محددة مختصرة مفهومة مثل :
-    الصرف : نظام الكلمة .
-    النحو : نظام الجملة .
-    الاسم : الكلمة تدل على معنى , دون صلة بالزمن .
-    الفعل : الكلمة لها معنى , وهي مرتبطة بالزمن ، الأمر للمستقبل ، والمضارع للحال أو الاستقبال والماضي للماضي .
ج - يوكد الدستور أن الإعراب ليس النحو ، والنحو ليس الإعراب , الإعراب جزء فقط فقط من النحو الذي هو نظام الجملة.
لفهم مشكلة الإعراب علينا مايلي :
-    فهم دقيق وتمييز واضح بين الأسماء والأفعال والحروف .
-    البعد عن العشوائية في الإعراب.
-    الثقة في أن الإعراب شيء يمكن أن يفهم .
-    مفتاح الجملة في مفتتحها فإذا بدأت باسم فهو مبتدأ محتاج لخبره ، وإن بدأت بفعل مبني للمعلوم ( أي للفاعل ) احتاج إلى فاعل ، وإن كان مبنياً للمجهول احتاج إلى نائب فاعل ، وإن كان ناقصاً ..كان وأخواتها – مثلاً  احتاج إلى اسم وخبر .
-    نبدأ قصة الإعراب من الحروف  ونحفظ , ونحفظ أبناءنا ( قاعدة كلية الحروف جميعها مبنية ) والحروف مبنية لا محل لها من الإعراب .
-    نثني بالأفعال إذ هي جميعها مبنية , اللهم إلا المضارع الذي لم تتصل به نون النسوة أو نون التوكيد .
-    الأسماء معظمها معرب ، قليلها مبني، لعلة ومبرر .
-    عند إعراب الأسماء  نبدأ بالمجرورات ،فأسباب الجر منحصرة في ( حرف الجر – الإضافة – التبعية – حركة الإتباع ) ليس إلا .
-    الرفع للعمد ، الأركان الرئيسة للجمل : ( الفاعل – نائب الفاعل – المبتدأ – الخبر – اسم كان – خبر إن ....) الخ .
-    النصب للفضلات والحواشي ، مثل : ( المفاعيل ) كلها منصوبة , ثم ( الحال – التمييز) ...الخ .
-    الإعراب في عربية بني يعرب نظام متكامل , لعل تسرب جزء منه إلى اللغيات الأخر كما في الروسية والألمانية واللاتينية .
-    وفي ختم حديثنا هنا نشير إلى هذا التعبير الذي يشيع على ألسنة متحدثي العربية من الماليزيين – مثلاً - بأن العربية لغة القرآن حتى إنهم سموا شعبة اللغة العربية في الجامعة الإسلامية العالمية  عندهم باسم : (شعبة لغة القرآن ) .
   وفيما ترى فإن هذا التعبير بالغ الأهمية هنا ، حيث إنه يعني أن اللغة العربية بقواعدها على شتى المستويات، صوتية وصرفية ونحوية ودلالية .... الخ ، هي مؤيدة من السماء , بنص سماوي  ، وحي من السماوات العلى .
    القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نزل من السماء بنفس النص وبنفس القراءة ، أوقل طريقة القراءة ، لقد أخذ جبريل القرآن من رب السماوات بذات النص وبذات القراءة وأخذه سيد الخلق عن جبريل بذات النص وذات القراءة ، ثم من محمد – صلى الله عليه وسلم- إلى الصحابة , ومنهم إلى التابعين وإلى تابعيهم، جيلا عن جيل ، مشافهة جهارا نهارا عيانا بيانا .
   قال تعالى : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به , إن علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علينا بيانه ) لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخشى أن ينسى شيئا من القرآن ، ولذا طمأنه الباري بأنه سيجمع الآيات كلها في صدره ، بلا نسيان شيء منها ( إن علينا جمعه ) أي : في صدرك .
  ليس هذا فقط ولكن ( ...وقرآنه , فإذا قرآناه فاتبع قرآنه) أي  طريقة القراءة .
  ومن هنا فإذا قلنا – مثلا – مثلا – إن الفاعل مرفوع وكذا المبتدأ أوالخبر ونائب الفاعل واسم كان وخبر إن ....الخ والمفاعيل منصوبة والحروف والماضي والأمر ، كلا النوعين مبني ، وحدنا كل هذا مؤيدا بشواهد عديدة عديدة من قرآن ربي .
  وهذا ما يدعم فكرة الدستور ودقة العربية ويرشحها كأول لغة في العالم يكون لها دستور يحدد الأسس والعمد التي تتكئ عليها في قواعدها ، وفي سائر مستوياتها .
الأستاذ الدكتور
أحمد مصطفى أبوالخير- خادم اللغة العربية