
الإحتلال
أ. هبة الله محمد الحسانين ابراهيم الديب
يحضرنى قول حافظ - رحمه الله - على لسان اللغة العربية
أنا البحر فى أحشائه الدر كامنن فهل سائلوا الغواص عن صدفاتى
الاحتلال نوعان : الاحتلال العسكرى والاحتلال الثقافى والتقنى
أما الأول فعندما أنشب أظافره فى جسد العالم العربى بعد تفككه وضعفه .. وحاول أن يحكم قبضته الدامية على أطرافه .. فإذا بنا وقد تحول كل فرد من عالمنا العربى إلى أجسام مضادة من جهاز منااعة فى غاية القوة ... فبالرغم من ضعف هذا الجسد إلا أن هجوم فيروس هذا الاحتلال أيقظ فيه كل عناصر التنبيه والتيقظ , فقام مدافعا منافحا عن تاريخه العريق وعن لغته العظيمة .. فنفض التراب عن تراثه وبات ينشره ويتعلم منه ويستحضره فى كل طريق وبكل وسيلة.. فأصبحت هذه المحاولات لتجريد العالم العربى والإسلامى عن هويته بلا جدوى.. بل لقد دفعت العالم العربى والإسلامى للبحث جاهدا عن جذوره والتمسك بها..
فبعد أن كان الأسلوب ركيكا والألفاظ بعيدة عن الفصحى وبعد أن كادت تطغى العجمى على العربية فإذا بنا بدأنا عصر نهضة جديد بدأ بنهضة اللغة العربية واستعادتها سابق مجدها.. فرأى الناس فى نهضتها نهضتهم واستعادوا بشبابها شبابهم...
وهاقد عاد الاحتلال خالى الوفاض بل زادنا زادا
ولكنه منذ عهد غير قريب بدأ بإعادة الكرة من جديد ولكن بخطة جديدة محكمة .. فوجه كامل قوته وطاقته للنهوض ثقافيا وفكريا والأهم عمليا وتقنيا ... استغل العلوم التى أرسى قواعدها العرب والمسلمون سابقا وطورها ... وشغل العالم العربى بدعوى التخلف والتمسك بالتقاليد التى جعلته متخلفا عن ركاب الأمم الحاضرة ودعاه إلى التخلص من هذا التراث الذى يشده إلى الماضى فبدأ عدد غير قليل بتقليد هذا المحتل ورأى فى اتباعه خلاص الأمة ممايراه تخلفا .. وهاهو ينزع عنه عباءة تراثه ومجده ليرتدى الجينز الجديد .. وأى خير يرجى من أمة خلعت عنها مجدها بكامل إرادتها لترتدى بالى ثياب غيرها!!!
وهانحن تأخرنا فى الإنتاج وأصبحنا أفضل مستهلكين .. واستخدمنا فتاتهم ليشغلنا عن مستقبلنا بدعوى أن الفراغ يقتلنا .. ومن صنع الفراغ!!!
انشغلوا للنهوض بأمتهم ونحن انشغلنا بما أرادوا لنا أن ننشغل به
وهاهى النهضة الحديثة فى العلوم والتقنيات فرضت علينا لغتهم .. وجعلتنا نحن نطالب من يسعى لطلب وظيفة أن يتقن لغتهم!!! فكل شىء جديد بلغتهم .. تناسينا لغتنا وتركنا تراثنا ومجدنا..
نعم .. إن أكبر وأعمق خطوة للنهوض بلغتنا هى النهوض الشامل بأمتنا ثقافيا وفكريا وعلميا وعمليا ..لنفرض على الجميع وأولهم شعوبنا على احترام اللغة العربية والسعى والجد فى تعلمها!!
وفى أثناء هذا .. علينا أن نملأ هذه الفجوة بين المثقفين والمهتمين بالعربية وبين عامة الشعوب .. فكأن المثقفين متجهين يمينا والشعوب يسارا ... وهناك فى الوسط هذه الفجوة التى تتسع يوما بعد يوم.. فبالرغم من كثرة الرسائل العلمية والكتب المؤلفة فى جانب اللغة العربية إلا أن التردى الثقافى وتردى الإعلام .. والأفلام والأغانى التى هى الأقرب للشعوب من الكتب بات عظيما.. فهذه وسائل الإعلام المرئية والمسموعه والمقروءة قد طوت صحيفة اللغة العربية الفصحى واللغة العربية الراقية لفظا ومعنى وأسلوبا طيا...وباتت تساعد هى الأخرى فى غمر اللغة العربية ووأدها.. وأصبحت الشعوب تقتات زادا فكريا ملوثا
فالدعوة إلى النهوض بفكر المواطن العربى باتت ملحة ولا تتحمل أى تسويف.. علي المثقفين أن يشعروا وينشروا روائع لغتنا .. ويبحثوا عن مواطن الجمال والإبداع فيها .
وفى هذه الأثناء ...هلا ساءلنا جميعا الغواص عن صدفات صاحبة العصمة.
|
|
|