علاقة القراءة النّاقدة بالتّفكير النّاقد

د. نوال بنت سيف البلوشية


    من الأهميّة - في توضيح العَلاقة بين القراءة النّاقدة والتّفكير النّاقد- بدءًا عرض تعريفيّ كلّ من: التّفكير والقراءة. فقد حدّدت المدحانيّ (2003: 6) تعريف التّفكير بأنّه: "الوسيلة العقليّة الّتي يستطيع الإنسان أن يتعامل بها مع الأشياء والأحداث من خلال العمليّات المعرفيّة الّتي تتمثل في استخدام الرّموز والمفاهيم والكلمات".
أما زيتون فقد تبنّى تعريف  بيّر( (Beyerللتّفكير (2003 : 4) وهو: "العمليّة التي تُولّد بواسطتها الأفكار وتُحلّل وتُحاكم".
وقد عرّف عمّار (2002: 95) القراءة بأنّها: "...مهارة تضم عمليّتين متصلتين، أولاهما: الاستجابات الفيزيولوجيّة لما هو مكتوب، وهي عمليّة آليّة، وثانيهما: تفسير المعنى، وهي عمليّة عقليّة تشمل التّفكير والاستنتاج...".
من الملاحظ في التّعريفات السّابقة:
1] وجود علاقة بين مفهوم القراءة والتّفكير في كونّهما عمليّتين عقليّتين تعتمدان على المعرفة  والفهم؛ أوّلاهما (القراءة) وتقتصر على معرفة الحروف، وفهم ما ورد في النّص من معانٍ، وثانيهما (التّفكير) وهي معرفة معلومات عن الموضوع المطروح أو المقروء لفهمه، فيقصد به فهم أيّة صورة اتصاليّة.
وأكّد ريتشارد بامبرغر (Bamberger,1975: 7) إنّ للقراءة دورًا في تنمية القدرات الفكريّة والروحيّة للفرد وتطويرها؛ لأنّ الدّماغ يكون في وضعٍ نشط في أثناء قراءة الفرد للكلمات؛ حيث يعمل على تحويل الرّموز المكتوبة إلى مفاهيم وحقائق. ومع التّكرار المستمر لهذه العمليّة يتكّون الجانب المعرفيّ لدى الفرد، ويتطور شيئًا فشيئًا.
2] التّفكير نشاط الدّماغ الّذي يُمكن التّعبير عنه في صورتين من صور القراءة يتمثّلان في: الفهم الكتابيّ (القراءة الصّامتة)، و(القراءة الجاهرة) (عمّار،2002: 59).
وبعد عرض العلاقة بين تعريفيّ: التّفكير والقراءة، في مفهومهما الواسع يُقصر التّركيز على تعريفيّ: التّفكير النّاقد والقراءة النّاقدة، والعلاقة الكائنة بينهما.
 فقد عرّف واطسون وجليزر (Watson&Gleizer) الوارد في أبو ناشي (2007: 81) التّفكير النّاقد بأنّه: "القدرة على إدراك العلاقة المنطقيّة بين القضايا، وتفسير البيانات، واستخلاص النّتائج والتّعميمات بطريقة سليمة، وتقويم الأحكام والحجج".
وعرّفت الباحثة في تعريفها الإجرائيّ للقراءة النّاقدة أنّها: استخدام الطّالب القدرات العقليّة العليا كالتّمييز والاستنتاج والتّقويم، في تحليل النّص المقروء ونقده والحكم عليه.
ومن التّعريفيّن السّابقيّن نستخلص الآتي:
1] أنّ القراءة النّاقدة جزءٌ من التّفكير النّاقد، ومظهر من مظاهره.
2] أنّ القراءة النّاقدة آنيّة متزامنة ومتلازمة، مع التّفكير النّاقد؛ وكليّهما يرتكز على استخدام المهارات العقليّة العليا.
3] أنّ القراءة النّاقدة تقتصر على النّص المقروء، بينما التّفكير النّاقد يعمّ على كلّ مظاهر الاتصال المطبوعة والمسموعة والمرئيّة والمنطوقة (الخروصيّ،2002: 60)، والشّكل رقم (1) يوضّح ذلك.
 

وبذلك يُمكن تحديد الملامح المشتركة الرّئيسة بين كلّ من التّفكير النّاقد والقراءة النّاقدة، في أنّ كلهما (عمر والعنيزي،2010: 195):
1] عمليّة معرفيّة مركبة تتضمن عددًا من المهارات الفرعيّة.
2] يقود الفرد للتّفاعل الإيجابي والعمل المتواصل لاستخلاص استنتاجات تتسم بالدّقة، والموضوعيّة .
3] نواتج التّفكير النّاقد والقراءة النّاقدة تتمثل في إصدار الأحكام واتخاذ القرارات، وحلّ المشكلات في ضوّء عمليّة التّقويم.
4] التّفكير النّاقد والقراءة النّاقدة عمليّتان قابلتان للتّدريب والتّنميّة شأنهما في ذلك شأن مهارات التّفكير ومهارات القراءة الأخرى.

المراجع

الخروصي، سعادة ناصر ماجد (2002). تقويم دور معلمي اللغة العربية في تنمية مهارات القراءة الناقدة لدى طلبة المرحلة الثانوية بسلطنة عمان. (رسالة ماجستير غير منشورة). كلية التربية، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان.
أبوناشي، منى سعيد (2007). دراسة في القدرات العقلية: قدرة التقويم، قدرة التفكير الناقد. د:ت  
زيتون، حسن حسين (2003). تعليم التفكير رؤية تطبيقية في تنمية العقول المفكرة. القاهرة: عالم الكتب، ط1.
عمّار، سام (2002). اتجاهات حديثة في تدريس اللغة العربية. بيروت: مؤسسة الرسالة.
عمر، محمود أحمد؛ العنزي، عبدالله عبد الهادي (2010). فاعلية برنامج تدريبي قائم على بعض مبادئ نظرية الحل الابتكاري للمشكلات "تريز" في تنمية التفكير الناقد لدى طلبة المرحلة الجامعية. مجلة القراءة والمعرفة. القاهرة، -، 105، 190-232.
المدحاني، نورا سالم محمد (2003). التفكير الناقد لدى طلبة جامعة السلطان قابوس وعلاقته ببعض المتغيرات. (رسالة ماجستير غير منشورة). كلية التربية، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان.

Bamberger, Richard. (1975). Promoting The Reading Habits. Paris: Workshops of Unesco.