|

كانت اللغة العربية أمّنا
أ. مارلين سلوم
إذا تحدثنا عن اللغة العربية وضعفها في المدارس، نشعر بأننا نعيد إسطوانة قديمة تكاد تتقطع من كثرة تكرارها . لكن الإعادة لا بد أن تأتي بفائدة، ولا بد ألا نتوقف عن الكلام لطالما أن الحال لا يسر أي عربي .
حتى الأمس القريب كنا نستند إلى الواقع الذي نعيشه في يومياتنا وما نسمعه من أطفالنا وشبابنا، وما نراه من حولنا . كنا نأسف على لغة تتفتت كل يوم، وتنزلق على ألسنة الأجيال الصاعدة نحو لغة هجينة غريبة، تستقي من العربية بعض مفرداتها لتكمل الباقي من أي لغة أجنبية وخصوصاً الإنجليزية .
ما هو أمَرّ من الواقع الذي نراه بأعيننا وما نستشفه مما يتعلمه الأبناء في المدارس، أن تأتيك أرقام من جهة معنية لتقطع الشك باليقين، وهي إنما تفعل ذلك بهدف التحسين ودق ناقوس الخطر . أما نحن، فنرى في الأرقام شهادة اعتراف موثقة بأن اللغة الأم تعاني مرضاً عضالاً وهي ترقد في غرفة الإنعاش .
هيئة المعرفة والتنمية البشرية قدمت تقريراً عن أداء المدارس الخاصة في دبي في تدريس اللغة العربية للعام الحالي، أوضح أن المستوى ضعيف في 75% من هذه المدارس . فهمنا من بين الكلام أن ملاحظاتنا حول أداء الطلبة في القراءة والكتابة والذي نراه دون المقبول هو في محله، وأن الحالة عامة لا تخص طالباً أو مدرسة . والأنكى أن التقرير يؤكد أن بعض المعلمين يحتاج إلى تدريب على كيفية مواءمة المنهاج التعليمي وإدخال التعديلات عليه لضمان نجاح الطلبة .
المرض ينخر كل البدن حتى يكاد يصل إلى العظم، فهل ننتظر أكثر من ذلك لنبحث عن علاج حقيقي يبدأ من المؤسسات التعليمية والمدرسين أنفسهم، وصولاً إلى المنهاج؟ ولنترك كل المسكنات التي يضطر الأهالي إلى اللجوء إليها مثل الدروس الخصوصية وتأنيب الأبناء وغيرها .
المدارس الخاصة ليست أجنبية في معظمها، إنما هي عربية تعتمد مناهج أجنبية . وإن يكن، فهذا لا يمنع أن تكون اللغة العربية فيها أساسية ومهمة في المضمون والتطبيق وليس فقط في عدد ساعات التدريس التي توازي ساعات تدريس اللغة الإنجليزية ولا تقل عنها . لكن الفرق بين ما يتم تطبيقه في هذه الأخيرة وبين العربية شاسع، والأسلوب المتبع في تعليم الأولى يتفوق على الثانية بأشواط من حيث المرونة والحوارات بين الطلبة والمدرسين، والواجبات المطلوب تنفيذها في المنزل والتي تقترب من عالم الأطفال والشباب من حيث اعتمادها على البحث الإلكتروني وحفظ القواعد عن طريق الغناء، فتترسخ كلها في أذهان الطلبة، وغيرها من الوسائل المرنة والمحببة . . بينما تقف العربية معزولة وكأنها مادة جافة يصعب ابتلاعها وهضمها .
الوقفة أمام الأرقام ضرورية، وإعادة النظر فيما تتبعه المدارس ومستويات المدرسين المكلفين نقل المعلومة بحب للطلبة لتقريبهم من لغتهم الأم أصبحت حاجة ملحّة اليوم، وقبل أن نسمع من يردد: "كانت اللغة العربية أمنا" .
الخليج
|
|
|
|