المطلوب من المجلس الأعلى للتربية والتكوين

أ. الصديق بوعلام

من بين معضلات التعليم في المغرب المعضلة اللغوية. بل لعلها أم المعضلات التي يعانيها تعليمنا بكل مستوياته. والمطلوب من المجلس الأعلى للتربية والتكوين الذي انعقدت جلسته الرسمية الأولى ، بعد تعيين أعضائه، منذ مدة قريبة، أن ينكب على معالجة هذه المعضلة معالجة علمية وفق نتائج الدراسات العلمية النظرية والميدانية حول هذا الموضوع. وكذا توصيات المجامع والمؤتمرات والندوات العلمية اللغوية في أنحاء العالم العربي ، ولا سيما بيانات وتاوصيات الجمعيات المغربية المدافعة عن اللغة العربية. وكلها مؤسسات ذات مصداقية واضحة تجمع على أن التعليم في المغرب لا نجاح له في المستقبل القريب أو البعيد إلا باعتماد اللغة العربية لغة للتعليم في كل مستوياته. بل هذه حقيقة علمية تؤكدها بالأدلة المقنعة مختلف الدراسات اللغوية العالمية التي تثبت أن التعليم بغيراللغة الوطنية غيرمثمرولا منسجم مع الحوافز النفسية والعقلية التي تمتح من الهوية الوطنية، وغيرقادرعلى ربح رهان مجتمع المعرفة، واقتصاد المعرفة، والتنمية المستدامة، والإبداع العلمي، وتحقيق المستوى التعليمي المطلوب عالميا للمشاركة في الإبداع الحضاري المعاصر، ومواكبة روح العصرالمتقدمة تقنيا ومعرفيا في مختلف التخصصات.
فإذا كان أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين مقتنعين بهذه الحقيقة، فماعليهم إلا البحث في سبل تقريب التعليم في المغرب بكافة مستاوياته ، واستثمارالطاقات العلمية والتربوية الواعدة التي تتوفرعليها بلادنا في هذا المجال من أجل إثبات الذات وأن التعريب هو السبيل الأوحد للرقي بتعليمنا.
أما إذا كان بعض أعضاء هذا المجلس الوليد يدعون إلى التدريج أو الفرنسة أوهما معا فإن المجلس لن يحل أي مشكلة ، بل لن يزيد الطين إلا بلة .
إن مسألة اللغة هي جوهرالعملية التعليمية لأننا باللغة نفكر، وباللغة نفهم ونبدع ونبلغ، وباللغة نكتسب العلم ونوطنه. وإلا بقينا ندورفي فلك لغات الآخرين، الذين يملكون المعرفة العلمية ومفاتحها معا.
سيظل تعليمنا تابعا مترديا غيرمنتج ما لم نعتمد اللغة العربية ـ اللغة الوطنية ـ في كل مستوياته، لا بهذا الشكل الانفصامي الذي يجعل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي بالعربية بينما يجعل التعليم العالي بالفرنسية . أي عبث هذا ؟ ألا تضيع جهود الطلبة مع هذا التخبط ومعها تضيع الأموال والإمكانيات والطاقات المسخرة ، ويضيع مستقبل التعليم والعلم في هذا البلد؟

العَلم