مكتبة مجمع اللغة العربية مُلتقى عشاق الضاد



من بين مئات المكتبات العربية، تعد مكتبة مجمع اللغة العـــربية إحدى أهم وأكبر المكتبات، بل وأكثرها حفاظًا على اللغة ومشتقاتها، لاسيما أنها تحوي بين طياتها كتبًا لا تُحصى مرتبطة بشكل أو بآخر بلغة الضاد، ترصد تاريخ اللغة وتطوراتها، هذا إلى جانب المعاجم المتنوعة والمخطوطات التي تشير إلى العصور الأولى التي نمت بها اللغة على مر الزمان.

مطبوعات نفيسة

وتزخر المكتبة بالكـــتب والمــراجع والموسوعات في اللغة والآداب والعلـــوم والفنون، وقد أخذت تزداد غنى بالشراء والإهداء واقتناء المطبوعات النفيسة في جميع فروع المعرفة، وكذلك اقتنت كثيرًا من كنوز المخـــطوطات ومصوراتها وغذيت بكثير من المعجمات ودوائر المعارف، والمكتبة في نمو مطرد، وبها من الكـــتب والمـــراجع والمعاجم حوالي خمسين ألف مجـلد بين عربي وأجنبي وبين لغــوي وعلمي وبين مطبوع أو مخـــطوط أو مــــصور.

وقد عني بتصنيفها تصنيفاً عشرياً، وفهرستها، حسب الموضوع وعنوان الكتاب واسم المؤلف، وبالمكتبة أيضاً الكثير من كتب التراث الأساسية في التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه والتصوف والفلسفة والمنطق واللغة والنحو والصرف، وكذلك تختلف فروع العلوم الأساسية والعلوم التطبيقية، غير المئات من أمهات الكتب والمعاجم والعلوم القديمة والحديثة والفنون وغيرها.

والآن جارٍ تسجيل محتويات المكتبة بالحاسب الآلي؛ لتتواكب مع المجمع الذي حافظ على تراث اللغة وفروعها المتعددة، والذي يعود تاريخه إلى أوائل القرن الثامن عشر، وذلك بمرسوم ملكي، حيث أمر الملك فؤاد الأول بتأسيس المجمع وذلك في عام 1932، بينما بدأ العمل به في عام 1934.

مراجع وموسوعات

تتكون المكتبة من عدة فروع، تتصدرها الكتب اللغوية والمعاجم والكتب الأدبية وفروع الشعر بجوانبه عدة، والبحور الشعرية وعلم العروض والقوافي وعلم النحو وعلم البلاغة وعلم الاشتقاق والتصريف والإعراب والترادف والتضاد.

هذا إلى جانب غنى المكتبة بالكتب والمراجع والموسوعات في اللغة والآداب والعلوم والفنون، كما تحتوي على كتبٍ تراثية في مختلف مجالات المعرفة، وتقوم المكتبة بالاستعانة بالأجهزة الحديثة للاحتفاظ بنسخ من جميع الكتب بصيغة إلكترونية، وذلك في خطوة للحافظ على هذه المقتنيات ذات الثقل الأدبي والعلمي والتاريخي.

حاضنة المعرفة

إلى ذلك، أشار مدير إدارة التحرير والشؤون الثقافية بمجمع اللغة العربية خالد مصطفى، إلى أن دور المكتبة يكمن في الحفاظ على التراث والعلوم بأنواعها، وتزويد الباحثين في علوم اللغة العربية بكل ما قد يحتاجونه من مصادر معرفية، إضافة إلى أن المجمع والمكتبة يساهمان في إصدار المعاجم المتخصصة التي تعد المرجع الأول للباحثين المتخصصين.

كما لفت إلى أن المكتبة تفتح أبوابها للزوار جميعًا، وليست فقط مقصورة على استضافة المتخصصين أو الأكاديميين، لاسيما أنها تضم كتبًا وأبحاثًا لكتاب قدامى ومحدثين من الباحثين الجدد، وأيضًا لا يقتصر هؤلاء الباحثين على المصريين أو العرب فقط، بل تضم المكتبة تحت قبتها مجموعة من الباحثين من الشرق والغرب، وهو ما يعد إضافة ومساهمة للمجمع والمكتبة.

وفي سياق متصل، أشار مصطفى إلى أن المكتبة تسير على نهج المكتبات الحديثة في الوقت الحالي، حيث تقوم بتجديدات تمكنها من مواكبة التطورات العالمية، بحيث تخرج من إطار التقليد المعرفة للمكتبات، وذلك من خلال رقمنة الكتب والمجلدات والمخطوطات تجنباً لأية مشكلة، كما تعد وسيلة سهلة النقل بين الباحثين والراغبين في الاطلاع عليها.

تنوع

نائب رئيس مجــــمع اللـــغة العربية بالقاهرة الدكتور محمد حماسة، أشار إلى أهمية الكتاب، مؤكدًا أنه أساس الحـــياة الثـــــقافية، وذلك منذ ظهور المخططات قديمًا وحتى الكتاب الإلكتروني الآن.

وأضاف أن مكتبة مجمع اللغة العربية تعد من أهم المنابر التي ساهمت في إثراء الثقافة والعلوم، منذ أن أنشأها الملك فؤاد الأول، برفقة مجمع اللغة العربية، خاصة أنها توفر كتبًا باهظة الثمن وصعب توافرها.

تخصص

كما لفت إلى تنوع الكتب في مختلف المجالات، وأشار إلى نوعية الكتب التي يتم تداولها والاستفادة منها، هي الكتب التي تتناول الثقافة العربية والتي اختلفت أنواعها، هذا إلى جانب الاهتمام بالمراجع المتخصصة بالجغرافيا والتاريخ والأدب والشعر وأيضًا الحديث والشريعة وغيرها من العلوم.

وفي إطار مهام المكتبة، تحدث حماسة قائلاً: «إلى جانب الكتب توجد معاجم حديثة يتم الاهتمام بها، من قبل الباحثين واستحداثها دائمًا، وهو ما يجدد دور المكتبة والمجمع على حدٍ سواء».

مرجع معتمد

وأشاد حماسة باهتمام الباحثين والوافدين على المكتبة بإثرائــــها وتوسيعــها، وذلك عن طريق إهدائها الكتب والأبحاث، لتكون مرجعًا للباحثين الآخرين، وهو ما جعل من المكتبة نبراسًا للعلوم والفنون والثقافة بشكلٍ عام. وأشار الدكتور حماسة إلى أن المكتبة تهتم بالحاضر والماضي معًا، فتوثق الكتب وتضمها في إطار سجلات إلكترونية؛ لحفظها من الاندثار أو الضياع في أي لحظة.

إقبال على أمهات الكتب

أكثر الكتب التي تشهد إقبالاً هي الكتب التراثية والخاصة باللغة والمصطلحات، والمتنوعة ما بين الكتاب القدامى وأمهات الكتب أو المحدثين من الكتاب سواء أعضاء المجمع اللغوي أو من هم بخارجه، حسب ما أكد مدير إدارة التحرير والشؤون الثقافية بمجمع اللغة العربية خالد مصطفى، والذي لفت أيضاً إلى دوافع الإدارة في التطوير، موضحًا أن هذه الخطوة اتخذت بعد ما حدث للمجمع العلمي والحريق الذي تعرض له وهدد كل ما يحويه من كنوز علمية لا تقدر بثمن.

وحول مقتنيات واهتمامات المقبلين على المكتبة، أوضح أنها متنوعة، كون المكتبة مفتوحة على كل التخصصات، ولكن أغلب من يأتي يكون من المتخصصين والراغبين في الحصول على أمهات الكتب والمخطوطات الأصلية والكتب التي لم تعد متوفرة في السوق، مشيراً إلى أن المكتبة تحتوي على كتب لم تعد موجودة في السوق العادية أو المكتبات.

منبر علمي ووجهة الباحثين

تعتبر مكتبة مجمع اللغة العربية الواقعة في حي الزمالك بالقاهرة، أحد منابر العلم والواجهة الأولى للباحثين في شتى العلوم، لما بها من مراجع ومخطوطات لا تضاهي في مجالها، كما تساهم المكتبة في استحداث العلوم وتجديدها من خلال دورات تعقدها المكتبة والمجمع معاً لاستحداث مصطلحات في شتى العلوم، بحيث يتم التصديق عليها وإدراجها في معجم خاص وخروجها ليتم تداولها عالمياً.


البيان