اغرسوا في أبنائكم حب اللغة العربية

م. عبدالله بن يحيى المعلمي


يحسن البعض ظنهم في شخصي الضعيف فيسألونني كيف يمكن لهم أو لأبنائهم أن يجيدوا اللغة العربية وفنون التحدث والكتابة والخطابة بها، والحقيقة هي أنني لا أعرف الإجابة على هذا السؤال الوجيه لأنني لست من أهل الاختصاص في علوم اللغة وآدابها، ولكنني أعرف أنني نشأت ولله الحمد في بيئة تحب اللغة العربية وتحترمها ولقد اجتهدت ما استطعت أن أزرع في نفوس أبنائي وأسرتي هذا الحب والاحترام.
من مظاهر حب اللغة العربية هو الحرص على استخدامها بالشكل الصحيح وإخراج الحروف من مخارجها السليمة فالذال ليست زاياً ولا الضاد ظاءً ،والابتعاد عن الكلمات والعبارات الموغلة في العامية التي لا يمكن فهمها خارج نطاق جغرافي محدود، ومن مظاهر احترام اللغة العربية عدم خلطها بلكنات أجنبية حتى وإن كان المرء يجيد اللغات الأجنبية، فلكل لغة خصوصيتها ومكانها.
ومن مظاهر حب اللغة العربية محبة آدابها والتغني بأشعارها والاستمتاع برقيق قصصها، فتراثنا الأدبي غني بروائع المقطوعات الشعرية والنثرية وكثير منها يأتي في كلمات سهلة سلسة لا يعجز عنها من كانت لديه العاطفة المتقدة تجاه اللغة، كما أن من مظاهر احترامها تجنب الأخطاء الفادحة أثناء الحديث بها وخصوصاً لو كان السياق مكتوباً، وعلى الآباء والأمهات أن يصوبوا كلام أبنائهم حتى ولو كان الحديث عامياً مرسلاً.
أذكر أنني كنت في أحد الاجتماعات الرسمية وكان المتحدث يقدم عرضاً جميلاً اجتهد في تزيينه بالصور والرسوم البيانية والخرائط وما إلى ذلك، إلا أنه سامحه الله كان "يشقلب" عظام سيبويه في قبره بلا شفقة، وحاولت كثيراً أن أمسك نفسي عن التعليق حتى أتحفنا المتحدث بخطأ لم أستطع له تحملاً، فأدليت بتعليق خفيف رجوت فيه أن يحرص المتحدث على احترام أسماع جمهوره بعدم الوقوع في مثل هذا الخطأ الواضح تصويبه، استنكف الرجل أن يتراجع عن الخطأ وقال ساخراً، في المرة القادمة سوف أقدم العرض لك لتصوبه لغوياً، فقلت له لا داعي لذلك فما عليك إلا أن تعرضه على ابنك في الصف السادس الابتدائي ليقوّمه!! لاحظوا أنني أطالب بتجنب الفادح من الأخطاء فقط مما لا يحتاج إلى جهد أو تمحيص، فالفاعل مرفوع مهما أنزلوه وحرف الجر يجر ما بعده ولو كان جبلاً وهكذا من أساسيات اللغة.
وأخيراً فإن من مظاهر حب اللغة العربية واحترامها الحرص على تلاوة القرآن الكريم وتجويده وتدبر معانيه، وفي ذلك إن شاء الله تقويمٌ للسان وترطيبٌ للجنان وثقلٌ في الميزان.


المدينة