القنوات الفضائية تدق مسمارا في نعش اللغة العربية

البشاير

 تغيب اللغة العربية عن اهتمام الإعلاميين العرب، وتقتصر على نشرات الأخبار والتعليقات الإخبارية، وهو ما يهدد مستقبل اللغة على أهم منافذها الحديثة، كوسيلة أولى للتواصل مع المتلقي العربي.

تزايدت بشكل كبير العوامل التي تؤثر على اللغة العربية كمعبر أساسي عن الثقافة والهوية العربيتين، ومن أبرز المخاطر التي تهدد اللغة العربية اليوم هو تزايد الاعتماد على المصطلحات الأجنبية خاصة على الفضائيات العربية الناطقة بلسان العرب وأحد أبرز الأدوات لنشر الثقافة العربية، فقد سقطت الفضائيات العربية في فخ اللغة الإنكليزية، ويحرص المذيعون والمذيعات على تطعيم حديثهم بإدخال كلمات أجنبية، فهل السبب أن مصطلحات اللغة العربية قاصرة ولم تعد تواكب تطورات العصر؟ أم هو تظاهر بالمدنية والثقافة الغربية؟

ويتحدث عن هذه الظاهرة الخطيرة عبدالفتاح أبو الفتوح أستاذ أصول اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقول إن انحدار مستوى اللغة العربية أصبح سمة عامة في حياتنا في الجامعات والمدارس وأجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، بخاصة في الفضائيات التي انتشرت في الآونة الأخيرة.. وهذا يشكل خطورة كبيرة على اللغة العربية، لأن الفضائيات لها تأثيرها القوي على المشاهد العربي.

وفي رأي الطاهر أحمد مكي أستاذ الدراسات الأدبية بجامعة القاهرة، إن ما يحدث من تدني لمستوى اللغة العربية وخاصة في وسائل الإعلام يمثل انحدارا في استخدام اللغة القومية ويعطي انطباعا للمتلقي أن اللغة الأجنبية في درجة أرقى من لغته وهو ما يجعله يختلط في ذهنه أن رقي اللغة يستلزم التشبه بالغرب والنتيجة تكون السقوط في هوة التقليد الأعمى.

ويشدد مكي على ضرورة التفرقة بين مجالات استخدام التحدث بالإنكليزية أو غيرها من اللغات فيما يخصها وترك التحدث بالعربية لمجالها وتداولها وحدها دون خلط، حيث إن من تخلى عن لغته فقد تخلى عن هويته وعرقه.

الإعلام بطبيعة الحال له أهمية كبرى وتأثير على النشء إذ أن له رسالة خطيرة في تعليمهم وتثقيفهم، فإذا كانت هذه اللغة الإعلامية لغة ركيكة لا ترقى إلى المستوى المطلوب فسوف تضعف اللغة العربية في نفوس الأطفال والشباب ومن هنا لابد من الاهتمام باللغة الفصحى خاصة في البرامج الفضائية واختيار خبراء يجيدون الحديث بالفصحى السليمة والبسيطة في آن واحد، كما يجب عقد دورات متخصصة للمذيعين والمذيعات لتعليمهم أبسط قواعد الحديث باللغة العربية السليمة الفصيحة حتى لا تصبح اللغة عربية غريبة بين أهلها.


الطاهر أحمد مكي: تدني مستوى اللغة العربية يعطي انطباعا للمتلقي أن اللغة الأجنبية أرقى منها
وذهب إلى ذات المنحى محمد الكردي أستاذ بجامعة القاهرة والذي يرى أنه لابد من المحافظة على الاستخدام السليم للغة العربية خاصة في أجهزة الإعلام لما لذلك من أثر على المتلقي.

وعلى النقيض من تلك الآراء التي ترفض استخدام المصطلحات في تداخل مع العربية يستشهد عبدالعزيز نبوي أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بمقولة طه حسين “لغتنا العربية يُسر لا عُسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها ولنا أن نضيف إليها ما نحتاج من ألفاظ لم تكن مستعملة في القديم”.

وتؤكد أراء المتابعين للإعلام أن الأمر يزداد خطورة في حالات استخدام تلك المصطلحات الأجنبية التي يكثر تداولها في المسلسلات والأفلام وذلك لأنها تحظى بجماهيرية أكبر كما أنها تحظى بفترة عرض أكبر على الشاشة، مشيرا إلى أنه لكثرة استخدام تلك المصطلحات الأجنبية يختفي المصطلح العربي ويستخدم الأجنبي كبديل دارج.

وقد انتقد كثير من المذيعين بالقنوات الفضائية ظاهرة استخدام كلمات أجنبية في لغة الإعلام، يقول راضي سعيد المذيع بقناة اقرأ الفضائية، يحزنني جدا إدخال مصطلحات أجنبية من قِبَل كثير من المذيعين على الفضائيات لأن ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف بعض المذيعين والمذيعات وعد تمكنهم من استخدام اللغة.

ويقول عبدالله الخولي نائب رئيس شبكة القرآن الكريم بمصر: يمكن أن نشير إلى أن اللغة العربية أصبح لا وجود لها على ألسنة كثير من الإعلاميين، ولحقتها الغربة في العديد من البرامج الإعلامية المسموعة والمرئية فلا وجود لها إلا في نشرات الأخبار وبعض التعليقات الإخبارية، وسبب ذلك أنها تفتقر إلى القوة والسلطان اللذين يدافعان عنها ويلزمان الإعلاميين بالتمسك بها، وليس صحيحا ما يقال إننا لو تكلمنا بها في كل برامجنا فإنها لا تصل إلى قلوب وآذان المستمعين وعقولهم،لأن اللغة العربية هي أقصر الطرق المعبرة عن المعاني.

البشاير