ثقافة الهوية - اللغة

أ. محمد عدنان سالم

فإن فقد الإنسان انتماءه؛ فقد بالضرورة لغته.. وها نحن نرى الإنسان العربي يعاني غربة اللسان، في ظل تصاعد اللغة الإنجليزية؛ التي تحول إليها التعليم الجامعي في معظم البلدان العربية، ومن قبلُ كانت سورية قد بدأت تعليم الطب في كليته بالجامعة السورية باللغة العربية؛ منذ افتتاحها في مطلع القرن العشرين الماضي، ووضعت لمصطلحاته معاجم طبية، وكان كثير من الأطباء قد ترأسوا المجمع العلمي بدمشق، أولَ مجمع تأسس للغة العربية في البلدان العربية، وما يزال الجندي السوري- الذي قد يكون كردياً أو تركياً أو شركسياً- يتكلم بالعربية الفصحى، عندما يعدد رتبه العسكرية: عريف، رقيب، وأدواته: كالجعبة، والخوذة، والنطاق، والبندقية، وأخمصها، وعندما يردد إيعازاته: استرح! استعد! وفق معجم عسكري معدٍّ. في حين كانت مصر قبل الوحدة تستخدم الألفاظ التركية : يوز باشي، بكباشي!!

وها أنت الآن إن تجولت في شوارع العواصم العربية، رأيت المتاجر تتسابق لحمل لافتاتها بلغة أجنبية تكتبها بأحرفها الأجنبية، وأحياناً بألفاظها الأجنبية بأحرف عربية..ومن قبل كان المستعمر الفرنسي في سورية؛ مضطراً لإصدار قانون يمنع كتابة لافتات للمتاجر وغيرها بلغة أجنبية، إلا في حدودٍ لا تتجاوز ثلث حجم اللافتة التي ينبغي أن تكون بالعربية.

وسترى الشبان والفتيات يرتدون قمصاناً تحمل على صدورها وظهورها عبارات بالأجنبية، قد لا يفقه بعضهم معناها، ولو عرفه أحياناً لخجل من ارتدائها:

أليس ذلك مسخاً للهوية، وانسلاخاً من الجلدة؟!

دار الفكر