|

اللغة العربية والتعريب
أ. عثمان حسن
منذ مقالة الأديب الكبير عباس محمود العقاد الشهيرة "نعرّب أو نترجم" التي كتبها في عام 1960م، في مجلة "القافلة" مفرقاً فيها بين التعريب والترجمة، توالت المقالات حول هذا الموضوع المهم الذي يدل على سعة وأهمية وبروز اللغة العربية التي فيها الكثير من الميزات والخصائص الصوتية والاشتقاقية ناهيك عن الإيجاز، وقدرتها على استيعاب اللغات الأخرى وتعريب مصطلحاتها العلمية والأدبية .
كتب في موضوع اللغة العربية والتعريب الكثير من الأدباء ومتخصصي اللغة مثل: الراحل الدكتور عبدالكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية الأردني سابقا، والدكتور حسام الخطيب ود . عبدالحق فاضل وغيرهم، وظلت مفردة التعريب على أهميتها مفردة خاصة ومفضلة إلى حد كبير في تعريب الاسم أو الشيء الأجنبي الذي كانت العرب تتفوه به على منهاجها، حيث يعرف المعجمُ الوسيطُ التعريب بأنه "صبغ الكلمة (المُصطَلح) بصبغة عربية عند نقلها بلفظها" .
من المهم هنا، أن نلفت إلى مقالة العقاد التي ركزت على مجموعة من العناصر المهمة أولها، "أن العرب في الجاهلية أكثروا من التعريب، وكانوا لا يتوقفون عن ذلك أمام أية كلمة صادفتهم في بلادهم أو خارج بلادهم من شبه الجزيرة" . . بل هو يؤكد أن هناك آلاف الكلمات المعربة التي شملت أسماء كثير من الجواهر والمواد، والأدوات والنباتات، والعطور، والمأكولات والمشروبات، وغيرها .
اعتزاز العربي بلغته، بلغ حداً جعله ينظر إلى العربية بوصفها تركيباً وسياقاً، وليست مفردات ومقاطع حروف، وهذا يعني أن تحافظ الأسماء المعربة من اللغات الأخرى على أسمائها في بلادها، وتعرف بتلك الأسماء كما تعرف أسماء الأعاجم مثل: كسرى، وهرقل، وسابور، وفرعون وغيرها، وهذا ما استرعى انتباه العقاد الذي أكد أن اللفظة الأعجمية إذا دخلت يجب أن تسير على أوزان العربية وهيئاتها وصيغها لكي تصبح عضواً كامل العضوية في الأسرة اللغوية .
في العصر الحديث تغير معنى (التعريب) وأصبح يعادل كلمة "الترجمة" حيث يقال هذا الكتاب تعريب فلان، أو عرَّبه فلان، أي ترجمه من لغة أعجمية إلى العربية، وهذا بطبيعة الحال عكس المعنى السابق الذي يعني اقتباس اللفظ الأعجمي واستعماله في العربية بدلاً من ترجمته .
بعض النقاد الجدد يفضلون أن يسمى العمل (تعريباً) إذا عبَّر الناقل عن الفكرة بأسلوبه هو دون تقيّد بتعابير الأصل، وأن يسمى (ترجمة) إذا التزم بأسلوب الأصل .
وفي التعريب على وجه الخصوص من المهم التذكير بأثر اللغة العربية في اللغات الأخرى، كالفارسية والتركية والأوردية والمالاوية والسنغالية، ووجود كثير من مفردات هذه اللغة في اللغات الأخرى .
فالعربية هذه المائزة والتاريخية والعريقة يصدق فيها قول العقاد الذي يشير إلى معنى ثقة العربي بلغته فيقول "إنما صنع العربي ذلك في عصور اللغة الأولى لثقته بلغته وخلو ذهنه من الخوف عليها من مزاحمة اللغات الأخرى" .
الخليج
|
|
|
|