تقرير عميد الأدب العربى حول نقل الروائع العالمية إلى لغة الضاد

لما كانت اليونسكو تدرك أهمية الترجمة بوصفها وسيلة لتحقيق وحدة العقل اِلإنساني أينما تجلى في العالم، فقد قبلت من المجلس الاقتصادى والاجتماعى في يونيو 1947 الدعوة المقدمة بناء على مبادرة السيد شارل مالك إلى النظر فى خطة عملية لترجمة أعمال كلاسيكية عالمية إلى جميع اللغات.

ولهذا الغرض كونت اليونسكو في مايو 1948 لجنة خبراء خلصت بعد دراسة هذا الاقتراح إلى أن مثل ذلك المشروع مناسب وضروري: أى أن تترجم إلى جميع اللغات بقدر الإمكان الأعمال الكبرى سواء أكانت أدبية أم علمية أيا ما كانت اللغة التى كتبت بها. ومن المؤكد أن أعضاء اللجنة لم تغب عنهم جسامة مهمة من هذا القبيل. ولكن الأمر الأساسى بالنسبة لهم كان هو أداؤها. وبدا للجنة أيضا أن من غير الممكن وضع خطة جامعة، ورأت من ثم أن من المفيد أن يعهد بإعدادها وتحقيقها إلى مراكز إقليمية فى وضع أنسب يمكنها من تحديد الاحتياجات والموارد والإمكانيات. وفكرت اللجنة بنفس المناسبة فى توصيات أخرى تتعلق بتفاصيل ترد نصوصها فى المحاضر الحرفية للجلسات.

وبعد ذلك ببضعة أشهر، أى فى نوفمبر – ديسمبر 1948، حاولت اليونسكو أن تنشئ في بيروت أول مركز إقليمي للترجمة فى العالم العربى. وسهلت الحكومة اللبنانية المهمة فأخذت زمام المبادرة فيها والتزمت بدفع معونة سنوية قيمتها 000 15 دولار. ووعدت اليونسكو باتخاذ إجراء مماثل وتفاهم الطرفان بناء على ذلك على إنشاء مركز مستقل ذى شخصية معنوية لكى يتولى "ترجمة ونشر وتوزيع" أعمال كلاسيكية أجنبية.

والمركز الذى يتخذ مقره فى بيروت يتألف فى الوقت الحاضر من ثلاثة أعضاء لبنانيين اختارتهم حكومة بيروت وثلاثة أعضاء آخرين فرنسى وانجليزى وأمريكى يمثلون اليونسكو. ومن المقرر أن تكون هناك مقاعد للبلدان العربية الأخرى بحيث يخصص لكل دولة مقعدان. إلا أن أيا من دول الشرق الأدنى لم ترسل حتى الآن ممثلين إلى هذا المركز، وهو ما يعنى فى الواقع أن هذا المركز ما زال مقصورا على اليونسكو ولبنان. ولكن هذا الوضع يستدعى بطبيعة الحال إبداء بعض الملاحظات.

فمن المؤسف أولا أن إنشاء هذا المركز لم يقترح على جميع حكومات الشرق الأدنى فى نفس الوقت، وهو ما كان سيسمح بإعداد اتفاقية يدرسها ويوافق عليها فى نفس الوقت اليونسكو والممثلون المؤهلون لحكومات الشرق الأدنى. فمن المستبعد بالنسبة لعضو جاء إلى المركز بعد تأسيسه أن يكون عضوا مؤسسا. وقد نأسف أيضا لأنه لم ينص على تخصيص نفس العدد من المقاعد لدول الشرق الأدنى الأربع – أى مصر ولبنان وسوريا والعراق - التى تبدى اهتماما واضحا تماما بالثقافة عن طريق الترجمة. والواقع أن المادة 4 من النظام التأسيسى تكرس نوعا من اللامساواة بين الدول. فلما كان أعضاء المركز الإقليمى يجب ألا يتجاوز عددهم اثنى عشر، فإن مصر وسوريا والعراق لن يكون لكل منها إلا مقعدان فى حين أن اليونسكو ولبنان يحتل كل منهما ثلاثة مقاعد. يضاف إلى ذلك أن هناك جوا من اللامساواة يشيع فى النظام التأسيسى، فى المادتين 12 و14 بصفة خاصة، حيث تحظى اليونسكو ولبنان بمعاملة محابية. ويبدو لى أنه لا مناص من تعديل كل ذلك، والاتصال على وجه السرعة بحكومات الشرق الأدنى للحصول على انضمامها، وتشكيل لجنة على قدم المساواة حتى لو اقتضى الأمر جعل عدد المقاعد خمسة عشر بدلا من اثنى عشر، فمن المستحسن فى مشروعات بهذه الضخامة أن نتلافى بقدر الإمكان كل ما من شأنه المساس من قريب أو بعيد بما يحق لكل دولة من اعتزاز بذاتها.

ويبدو لى إذن أن من الخطأ أن ننظر إلى هذا المشروع الرامى إلى الترجمة إلى العربية أو منها كما لو كنا نريد أن ننشئ شيئا من العدم أو كما لو أن شيئا على الإطلاق لم يتحقق بعد فى هذا المجال. فالواقع أن هناك تراثين متوازيين تحسن مراعاتهما من أجل تحقيق مثل ذلك المشروع. فهناك أولا تراث من الترجمة فى الشرق. وذلك أن العالم العربى أخذ منذ زمن طويل ينظر إلى الترجمة بوصفها وسيلة أساسية للثقافة. وليس هناك من يجهل ما فعله العرب القدماء وإلى أى حد أفادوا من الترجمات؛ وبحيث يمكن أن يقال إن الحضارة الإسلامية صارت إلى ما صارت إليه بفضل هذه الترجمات. وغنى عن القول أن العرب كانوا ورثة التراث اليونانى القديم بفضل أعمال الترجمة التى بدأت فى القرن الأول للهجرة وتواصلت حتى منتصف القرن الرابع، وأنهم استطاعوا تعريف الغرب بما هو مهم فيه. والواقع أن العرب ظلوا خلال ثلاثة قرون يأخذون عن الأمم التى سبقتهم إلى الحضارة كل ما ينبغى أخذه حتى لا تكون دولتهم الناشئة أقل شأنا من الإمبراطوريات التى سيطرت من قبل على العالم. فقد ترجم الطب والرياضيات وحكمة الهنود، والسياسة والإدارة الفارسيتان، وكل الفلسفة وكل العلوم اليونانية؛ وكان ذلك فى كثير من الأحيان بفضل مبادرة الدولة وبفضل المبادرة الخاصة فى بعض الأحيان.

وبدا العالم الإسلامى حينذاك مقسما إلى ثلاثة معسكرات تماما كما يرى اليوم فى الشرق الأدنى. فقد كان هناك أنصار الثقافة الشرقية الهندية الإيرانية، وأنصار الثقافة الهلنستية، والمحافظون الذين كانوا قانعين بالعلوم التقليدية المعنية بالدين واللغة العربية. فكيف لا ننظر على نحو مماثل إلى ما نراه فى أيامنا هذه فى الشرق الأدنى؟ أفلا نعرف حقا أنصار الثقافة الأنجلوسكسونية، وأنصار الثقافة الفرنسية، وأخيرا المحافظون الذين ما زالوا فى الظاهر على الأقل يريدون الاقتصار على التراث الإسلامى مع اِلإفادة فى نفس الوقت من المزايا المادية للحضارة الغربية؟ وإذا كان العرب لم يقطعوا شوطا طويلا فى ترجمة الأعمال الهندية والصينية، فقد كان لذلك سببان هما الملاءمة من الناحية الدينية وقلة المعرفة بهاتين اللغتين. ولكن ذلك لم يحل بينهم وبين معرفة هذين البلدين بقدر الإمكان، وذلك بفضل تقارير الرحالة والتجار، ويشهد على ذلك الكتاب الجميل المجهول المؤلف الذى نشر السيد سوفاجيه مؤخرا نصه العربى وترجمته الفرنسية فى مجموعة ج. بوديه. ويرجع الكتاب المذكور إلى القرن الثالث للهجرة. ومن المؤكد بالإضافة إلى ذلك أن العرب حرصوا على أن يعرفوا – واستطاعوا بالفعل أن يعرفوا - كل ما عرفه فى الواقع مسيحيو الإمبراطورية البيزنطية وعالم الشرق الأدنى من الهلنستية. فأفلاطون وأرسطو وأفلوطين وشراحهم والأعمال المنحولة المنسوبة إلى الفلاسفة الثلاثة؛ وجالينوس وبطليموس وإقليدس وشراحهم - كل هؤلاء ترجموا وشرحوا واستخدموا فى أغراض كلامية وفى أغراض فلسفية خالصة. وإذا كان العرب لم يترجموا الشعر اليونانى سواء أكان ملحميا أم غنائيا أم دراميا، فذلك لأن هذا النوع من الإنتاج الأدبى لم يكن ذا حظوة فى العالم المسيحى فى تلك الفترة ولم يكن يتفق مع الوحدانية الإسلامية كما لم يتفق مع الوحدانية المسيحية.

وقد أصيب هذا النشاط الشديد فى مجال الترجمة بالشلل لفترة بسبب طغيان العنصر التركى فى الإمبراطورية الإسلامية، ثم استؤنف فى بداية القرن التاسع عشر من التاريخ المسيحى عندما اتصلت مصر بأوروبا بفضل الحملة الفرنسية وعندما أعادت بلدان الشرق، ولبنان بصفة خاصة، الاتصال بالمأثورات الأوروبية بفضل المبشرين اليسوعيين والبروتستانت. ولكن رغم أن المترجمين طيلة القرن التاسع عشر لم يتقاعسوا عن تغذية الفكر العربى، فإن عملهم كان معيبا فى الأساس. فقد وجهوا جهودهم وجهة عملية ونفعية وهم الذين طغى عليهم الاهتمام بما هو عاجل. واستمرت متطلبات الحياة اليومية فى احتلال المرتبة الأولى من الأهمية كما حدث فى الماضى فى بغداد. ومن ثم كان هناك اهتمام مفرط بالمجال العلمى على حساب الأعمال الأدبية. بل ومن الممكن بالإضافة إلى ذلك أن نقول إن الأدلة والكتب المدرسية كانت لها الغلبة على الأعمال الكبرى فى نطاق هذا المجال العلمى.

أما التراث الآخر الذى أشرت إليه، فهو تراث المستشرقين. ولن أتوقف عند ترجمة الأعمال العربية إلى اللاتينية فى العصر الوسيط فى إسبانيا وغيرها من الأماكن. بل سأخص بالذكر الجهد الذى بذله المستشرقون بداية من عصر النهضة. فقد تعمقوا فى الأدب والفلسفة والعلوم الإسلامية، وأدوا بذلك الدور الذى حيل بين المسلمين أنفسهم وبين أدائه بسبب تقلبات تاريخهم. ويترتب على ذلك أن العالم العربى المعاصر لن يتمكن أبدا من أداء الدين الذى أصبح يدين به للمستشرقين الأوروبيين والأمريكيين. فاهتمامات هؤلاء تمتد لتشمل تقريبا كل فروع الثقافة الإسلامية التى درسوها وطوروها، كما تمتد إلى الأعمال الأساسية التى ترجموها أو نشروها وشرحوها، وسهلوا بذلك نقلها إلى أى لغة أجنبية.

ولكن المستشرقين علماء قبل كل شيء؛ فقد اهتموا حتى الآن بالقدماء، وهم من ناحية أخرى يعملون من أجل العلم الخالص ويخاطبون الأخصائيين. وهم لا يفكرون على الإطلاق فى عامة الجمهور، وليس من الممكن أن نطالبهم بذلك.. بل وأستطيع أن أقول إنهم لا يفكرون فى العلماء من غير المستشرقين؛ وهو ما يعنى أن ثمة صومعة منيعة تعزل أعمالهم عن التخصصات العلمية والثقافة المعاصرة رغم الجهود التى يبذلونها والنتائج الرائعة التى يتوصلون إليها. ومن شأن الفيلسوف غير المستشرق أن يصطدم نتيجة لذلك بصعوبات جسيمة إذا حاول أن يتحقق بطريقة مقنعة من التقدم الذى ساعد المسلمون الفلسفة اليونانية على تحقيقه. وشبيه بذلك أن مؤرخ الأفكار والعلوم بل والفنون التطبيقية سيعوقه دائما تبحر المستشرقين وخوضهم فى دقائق المعرفة.

وينبغى إذن الوصول إلى مايلى: 1) أن يتاح لعامة الجمهور ما يمكنهم إدراكه من الثقافة الإسلامية القديمة والمعاصرة؛ 2) أن يمكن أخصائيو الثقافة الأوروبية من معرفة ما قد يكون نافعا لهم من الفكر الإسلامى.

ويجد مؤرخ الفلسفة أن مما لا غنى عنه أن تتوافر لديه ثقافة يونانية لاتينية، وأن يتاح له التعرف على هذه الثقافة إما عن طريق معرفة اليونانية واللاتينية التى تسمح له بالرجوع إلى المصادر، أو عن طريق أخصائييى الآداب الإغريقية واللاتينية الذين يعرفونه بالثقافة المذكورة. ومن المؤسف ألا يتاح له مثل ذلك فى حالة الأعمال المؤلفة بالعربية أو الفارسية أو فى أى لغة شرقية. ومن الطبيعى إذن وضع تلك المؤلفات فى متناوله دون أن يتطلب منه ذلك أن يكون على علم بالعربية أو الفارسية أو الهندية.

ولا يفوتنا عند النظر فى هذين التراثين وما يقتضيه فهم هذين العالمين أحدهما عن طريق الآخر أن نلاحظ أن الكثير قد أنجز فى مجال الترجمة إلى العربية وعنها، ولكن ما زال هناك كثير مما ينبغى عمله، واليونسكو هى التى ينبغى لها تحقيقه. فمن شأن اليونسكو - إذ تنأى بنفسها عن خطرى النزعة النفعية والأوهام اللذين يبدو أن الحكومات والمبادرات الفردية تتعرض لهما - أن تجعل من الترجمة عملا منهجيا.

ومن شأنها إذا أرادت إثراء اللغات المختلفة أن تتجه إلى الأعمال الرئيسية التى تقوم من الفكر مقام الأساس ذاته. وهى بالتوازى مع ذلك ستحرص وفقا للمنهج الذى تتطلبه من المتعاونين معها على أن تترجم الأعمال موضوع الترجمة بطريقة تخلو من الغرض. ويجب أن تكون الفكرتان اللتان تدعمان وترشدان هذا المشروع الضخم هما إثراء اللغات من ناحية، وإطلاع الشعوب من ناحية أخرى على حقيقة الأفكار التى يجهلونها أو لا يعرفونها بما فيه الكفاية. ومن غير الجائز فى المرحلة الحالية من الفكر العالمى ألا يكون شكسبير بأكمله وديكارت بأكمله وجوته بأكمله على سبيل المثال لا الحصر فى متناول شعوب الشرق باللغة العربية. وبفضل هذا الجهد المبذول فى الترجمة، ستصبح هذه اللغة الأخيرة، من أجل مستقبل الثقافة ذاته، لغة للنزعة الإنسانية فى العصر الحديث كما كانت فى العصر الوسيط تسمح بالتقارب بين العقول على نطاق واسع. ولكن التبادل قيم بدوره، فقد آن الأوان لكى يترجم مؤلفون مثل الجاحظ وابن سينا وابن خلدون من العربية إلى اللغات الأوروبية وأن تصبح أعمالهم بأكملها معروفة مثلها مثل أعمال كبار المفكرين الكلاسيكيين فى العصور القديمة والعصر الحديث. وقد أصبح من الواجب إذن أداء المهمة الرامية إلى إعادة تلك العقول العظمى إلى مكانها اللائق. وقد تعمدت الحديث عن ""الأعمال بأكملها" عند ذكر بعض الأسماء، لأنه يتعين تماما تلافى الترجمات الجزئية التى تتيح مجالا لبقاء الأوهام التى سادت حتى الآن.

ومن العبث إنكار مدى جدية كل ذلك وأهمية الخدمة الكبيرة التى تستطيع اليونسكو تقديمها للفكر العالمي. ويبدو لى مع الاقتصار على الشرق الأدنى أن اليونسكو ستستطيع عن حق أن تفخر ذات يوم - إذا هى مضت فى هذه المشروعات إلى نهايتها- بأنها أعطت اللغة العربية كل موليير وكل شكسبير، وأعطت مختلف بلدان الغرب كل أعمال شاعر أو ناثر عربى. يضاف إلى ذلك أن بوسع اليونسكو أن تكون على اقتناع بأن جهدها لن يضيع؛ فهى بالعكس ستلقى فى الشرق الأدنى صدى قويا، وذلك لأنه يوجد فى الشرق بأسره حب استطلاع وشوق إلى المعرفة يجلان عن كل تعبير. ومن الواضح أن العالم العربى الحالى يمتاز على العالم العربى القديم بالميزة الكبرى التى هى معرفة اللغات الأوروبية. فالنخبة التى تتكلم لغة أو أكثر من هذه اللغات تقرأ بسهولة أعمال كبار الأساتذة فى نصها الأصلى، وتتعرض لتأثيرها وتنشره فى أوساط أخرى. ولكن الذين يفهمون اللغات الأجنبية يعدون وسيعدون دائما أقلية. ومما لا غنى عنه إذن أن يتاح لعامة الجمهور بدورهم وبلغتهم كل ما يتألف منه تراث الحضارة الإنسانية. وأذكر بهذه المناسبة أننى ألقيت منذ حوالى خمسة عشر عاما سلسلة من المحاضرات عن فولتير وروسو ورينان وتين، وأن آلاف المستمعين تابعوا هذه المحاضرات بانتباه واهتمام واضحين، بل ان معظم المستمعين جاءوا من بين الأزهرية، وهم طلاب الجامعة الدينية الذين يجهلون اللغات الأجنبية، ولكنهم كانوا يرغبون فى معرفة تفكير مؤلفين مثل من تناولتهم بشأن مشكلة أو أخرى. ولم يكن أى من هؤلاء الكتاب مترجما حينئذ بالعربية، وهم ما زالوا غير مترجمين. وليكن هذا المثال من بين آلاف الأمثلة الأخرى كافيا لإبراز الحاجة العميقة التى ستلبيها جهود اليونسكو والتى تسمح لنا بتوقع النجاح الذى سيحرزه مشروعها.

ومراعاة للجانب العملى، وللمساعدة على تحقيق خطة ضخمة من هذا القبيل ومهمة فكرية وإنسانية أستدعيها بكل أمنياتى، فإنى أقترح:

1) إنشاء مركز إقليمى يتخذ مقره فى بيروت ولكنه يتضمن مساواة كاملة بين الأعضاء. وسيتلقى المركز إعانة مالية من جميع الدول المشاركة فيه ومن اليونسكو.

2) تشكيل لجنة فرعية وطنية فى كل بلد تتألف من أشخاص أكفاء بالنسبة لكل ما يتعلق بترجمة الأعمال الكلاسيكية ونشرها وتوزيعها.

3) ستقتصر مهمة المركز بالفعل على إقرار الخطط الموضوعة فى كل لجنة فرعية، وتنسيق الأعمال ووضعها موضع التنفيذ.

4) يجب بالنظر إلى أهمية خطة الترجمة أن تعرض عند إقرار المركز الإقليمى لها على لجنة لخبراء اليونسكو.

وقد رأت لجنة اليونسكو التى اجتمعت فى ما يو 1948 إنشاء لجنة مركزية للخبراء تتخذ مقرها فى باريس وتتولى تقديم المشورة لليونسكو بشأن كل ما يهم الترجمة. ويبدو لى أنها ستكفل التوازن بين أعمال المراكز المختلفة والتوازن بين الأفكار والاتجاهات داخل كل مركز.

5) غنى عن الذكر أن ترجمة كل عمل ستعرض قبل الطباعة على خبراء يكونون هم المرجع فى اللغتين، لغة الأصل ولغة الترجمة.

وينبغى - كمهمة مزدوجة أولية سأقترحها على الهيئات المكونة على نحو ما تقدم، ولكى نتلافى بقدر الإمكان الأخطاء التى لم يستطع مركز بيروت أن يتحاشاها (مثل الرغبة فى ترجمة الجزء السيكولوجى فقط من كتاب أفكار باسكال مما يعرضه لخطر التشويه؛ أو التفكير فى ترجمة أعمال يوجد لدينا بالفعل منها نص عربى مثل الجزء الأول من فاوست و[مسرحية] يوليوس قيصر) – أن:

1- توضع القائمة الكاملة لكل ما أنجز فى مختلف البلدان فى مجال الترجمة، وفى إطار خطة العمل المنصوص عليها، وذلك بغية عدم التعرض لإعادة ترجمة أعمال سبق أن ترجمت، هذا إلا إذا كان ينبغى تحسين هذه الترجمات.

ولا مانع من أن توضع فى نفس الوقت - بالإضافة إلى هذه الببليوغرافيا المحدودة - القائمة النهائية لجميع ما ترجم، وذلك بغية وضع مجموعة بطاقات عامة تكون مصدرا ثمينا للتوثيق بالنسبة للباحثين ومرحلة أولية تسهل بعد ذلك تحقيق خطط عمل جديدة,

2- توضع خطة عمل لفترة محددة وأن يقسم هذا العمل بين البلدان واللجان الفرعية. ومثال ذلك أن تتولى مصر أمر جوته، وتتولى لبنان أمر ديكارت أو موليير أو ما إلى ذلك...

ولا مانع من مراعاة عامة الجمهور، بل ان ذلك أمر مستحب تماما، وأن يتقرر – بالإِضافة إلى الخطة الخاصة بترجمة الأعمال الكبرى - وجود خطة أخرى لترجمة أعمال المحدثين الذين يمكنهم التأثير على القارئ المتوسط مباشرة وبسهولة. وبذلك تكون هناك وسيلة فعالة للثقافة بالنسبة للجمهور وللتقارب بين العقول. بل ان من شأن البيع المؤكد لهذه الأعمال على نطاق واسع أن يسمح لليونسكو بترجمة أعمال توجه بصفة خاصة إلى النخبة وقد لا تتمكن من تصريفها بسهولة. وقد تعدل هذه المسائل المتعلقة بالتفاصيل للنزول أثناء سير العمل على حكم الضرورات التى يظهرها تحقيق مثل هذا المشروع. والمهم هنا هو بلوغ هذا الهدف الإنسانى الذى تعتزم اليونسكو السعى إليه، وأن يصبح من الممكن ذات يوم تعديل شعر كبلنج على نحو واضح فيقال إن "الشرق شرق والغرب غرب، ولكنهما يلتقيان ولن يفترقا أبدا".


الأهرام