اخطاء لُغوية على اللوحات الإرشادية والإعلانية

محمد سيد أحمد

 أعرب مواطنون ومقيمون عن شعورهم بالأسى وهم يقرؤون بعض اللوحات الإرشادية في الشوارع أو اللوحات الإعلانية فوق المحلات التجارية وهي مليئة بالأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية، وطالبوا الجهات المسؤولة بتفقد اللوحات وتعديل الأخطاء الجسيمة باللغة العربية على هذه اللوحات، وعدم اعتماد تعليق أي لوحة إلا بعد تدقيقها من قبل مختص باللغة العربية. وكثيرا ما يحز في نفوس المهتمين بلغة الضاد ذلك المستوى الذي وصلت إليه اللغة العربية في عقر دارها، بعدما أطلق العنان لكل من هب ودب من أصحاب المحلات الذين توكل إليهم مهمة كتابة اللوحات الإرشادية ولافتات الإعلانات الذين لا يهتمون بما يكتبون، لثقتهم في أن العرب لم يعودوا مهتمين كثيرا بلغتهم، فضلا عن أخطاء كتابتها التي تعج بها شوارع العواصم والمدن العربية الكبيرة عموما.
وأعرب مواطنون استطلعت «العرب» آراءهم عن خشيتهم من قرب اليوم الذي يجدون فيه أنفسهم وقد كتبت اللوحات الإرشادية بلغات أخرى، بعدما سيطرت اللغات الأجنبية على المشهد برمته في التعاملات التجارية وفي المحلات الكبيرة والمستشفيات والعديد من الهيئات الخدمية، فلا يكاد سائق السيارة يمر من أحد الشوارع –خصوصا تلك التي تجرى عليها تعديلات- حتى يشاهد عبارات عربية ركيكة مليئة بالأخطاء النحوية والإملائية، سواء من حيث السياق، أو من حيث المعنى، فعلى بعض واجهات المحلات يقوم العمال الآسيويون بترجمة بعض العبارات عبر وسائل ترجمة غير مختصة، مما يجعل صاحب المحل يقصد شيئا ومعنى العبارات المثبتة على محله تعني شيئا آخر، وطالب هؤلاء الجهات المعنية بزيادة المتابعة للغة التي تكتب بها اللوحات الإرشادية لأنها تعتبر إحدى واجهات البلاد التي يجب أن تصان لتبدو في صورة مشرقة للزائر والسائح على حد سواء. قلة الاهتمام بالكتابة العربية يقول راشد سالم إن الأخطاء اللغوية في المفردات والجمل العربية على الشوارع لم يعد أحد يهتم بها لكثرته، فاللوحات المختلفة في شوارع المدن العربية –ومن ضمنها الدوحة- والساحات والميادين مليئة بالأخطاء النحوية والإملائية التي تعصف بالمعنى والمبنى للكلمة، وقد تحولها إلى معنى آخر مثير للسخرية، حتى باتت هذه الظاهرة تشد انتباه المارة من ذوي الذوق اللغوي السليم، وحتى أكون أكثر وضوحا لا بد من أن نعترف بأننا نحن العرب من أوصل الاستهتار بلغتنا إلى هذا المستوى من خلال تركنا للعمالة الآسيوية حرية كتابة اللوحات الإرشادية ولوحات الدعاية والإعلانات التي تكتظ بها واجهة بعض المحلات دون رقابة تذكر، فقد كان من اللازم على الجهات المعنية بهذا الموضوع إلزام الشركات والأفراد التي تقوم بتعبيد الطرق وبناء العمارات بالتوجه إلى المحلات المعتمدة لهذه المهمة التي يجب أن تكون لها محلات خاصة بها، يشرف عليها خبراء في الخط العربي يتقنون قواعد اللغة العربية ويعرفون معانيها. وأشار إلى أن من يرغب في مزيد من اكتشاف الأخطاء اللغوية على هذه اللوحات بشكل ساخر، ما عليه سوى امتطاء سيارته والقيام بجولة على بعض أحياء الدوحة، خصوصا تلك التي تشهد شوارعها إعادة تأهيل، فقد أصبحت الأخطاء اللغوية في اللوحات الإرشادية والتجارية تشهد تزايدا ملحوظا مع زيادة الطلب المرتفع على مثل هذه الخدمة من قبل المحلات والمؤسسات التجارية وشركات المقاولات التي تنفذ مشروعات في جميع المناطق، حيث يتطلب الحصول على تراخيص عمل لهذه المشاريع تنفيذ لوحات تعريفية بها، إلى جانب اللوحات الإرشادية وكتيبات الدعاية التي توزعها المجمعات والمحلات التجارية التي تحمل في طياتها الكثير من الأخطاء اللغوية الواضحة، وهو ما يستدعي إجبار هذه الشركات على التوجه إلى المحلات المتخصصة حتى نحافظ على لغتنا فوق شوارعنا، لأن زوار الدولة وضيوفها يبدون ملاحظاتهم حول ما شاهدوه، وبالتالي يجب علينا أن نجعلهم يخرجون بملاحظات جيدة عن مدننا ودولتنا. العبث بلغتنا شبه متعمد بدوره يرى أحمد الشمري أن العبث باللغة العربية يكاد يكون متعمدا، والدليل على ذلك هو حرص أصحاب اللوحات على سلامة اللغة الأجنبية التي تكتب إلى جانب اللغة العربية، حيث لا تجد فيها أي خطأ حتى لو كان نقطة أو علامة ترقيم، في الوقت الذي تجد فيه جانب اللوحة العربي مليئا بالأخطاء الإملائية والنحوية، حتى الأخطاء التي تنقل معنى الكلمة من المعنى الذي وضعت من أجله إلى معنى آخر مغاير تماما. وأضاف: هناك عبارة لا يكاد يخلو منها شارع أبداً هي: «لا تعيق حركة المرور»، فهذه الياء في كلمة «تعيق» تحوّل معنى الكلمة إلى عكسه تماما، والصحيح هو «لا تُعق حركة المرور». لأن «تعق» فعل أمر مجزوم معناه: أيها السائق لا تتسبب في تصرف يعيق حركة المرور، ومن المعروف أن «لا تعيق» تؤدي إلى معنى يفيد بأن تصرفك أيها السائق مهما كان خاطئا وأرعن لا يعيق ولا يؤثر سلبا على حركة المرور، بمعنى أن عبارة «لا تعيق» التي يكثر استخدامها ليست فعل أمر وتحذير. ولفت الشمري إلى أن هذا الاستهتار باللغة العربية ما كان له أن يتم لولا جهل العديد من أبناء العرب بلغتهم، ولو كانوا يعرفون قواعدها لخصصوا لها برامج حوارية على أثير الإذاعة والتلفزيون تطالب بتلافي هذه الأخطاء الموجودة في شوارعنا التي تعتبر واجهة للبلد، وأشار إلى أن محاربة هذه الظاهرة تتطلب جهودا فردية تقود إلى تصحيح هذه الأخطاء في حالة ما إذا وجدت هيئة أو جهة رسمية لديها الاستعداد لتلقي الاتصالات في هذا الجانب، فإذا وجدت هذه الجهة الرسمية، وتفاعل الجمهور مع الموضوع وقام كل فرد بالإبلاغ عن أي خطأ يلاحظه محددا مكانه فسيساعد ذلك كثيرا على تصحيح هذه المهزلة الموجودة في شوارعنا. غياب لغتنا العربية عن تعاملاتنا اليومية من جهته نبَّه خليل الخياط إلى أن المشكلة ليست مشكلة كتابة اللغة العربية بشكل سيئ على اللوحات وواجهات المحلات فقط، وإنما في غيابها عن تعاملاتنا اليومية في معظم الأماكن الخدمية، فعند دخولك إلى مطار حمد الدولي وخروجك منه ودخولك إلى أبسط محل للبقالة في قطر، لن تجد من يتكلم اللغة العربية، والجهات الخدمية لا تجد في معظمها من تستطيع الحديث معه إذا لم تكن متقنا للَّغة الإنجليزية، والعاملون في مكاتب الخطوط القطرية لا يتكلمون العربية، ومكاتب الاستقبال في المستشفيات كلهم عجم يتكلمون الإنجليزية فقط، ناهيك عن العديد من الهيئات والمؤسسات التي تصدر أوراقا وشهادات مكتوبة باللغة الإنجليزية، هذه هي المشكلة الكبرى التي تفرعت منها مشكلة سوء كتابة اللوحات الإرشادية، ويبدو أن عقلية العقدة الأجنبية تسيطر على فئة مؤثرة في البلدان العربية بشكل عام، وهي غير مهتمة باللغة العربية، فمن لا يتكلم الإنجليزية يصنف في ذيل قائمة النخبة، ولا يحق له البحث عن وظيفة أو عمل، والقطاع العام والخاص يشترطان لشغل أبسط وظيفة عندهم إتقان اللغة الإنجليزية، ولن تجد أحدا منهم يسألك عن مستواك في اللغة العربية، وإذا كنت لا تحسن إعراب كلمة «به» فذلك لن يكون عائقا أمامك في شغل أي وظيفة مهما كانت، لكن عندما تكتب في سيرتك الذاتية أنك تتقن اللغة الإنجليزية، فسيكون ذلك مفتاحك إلى ولوج أي وظيفة حتى لو كنتَ من أجهل الجهلاء، هذه حقائق يجب أن نعترف بها قبل تتبعنا لكتابة آسيوي لكلمات عربية بشكل ركيك، فلو لم يلاحظ هذا الآسيوي أو غيره من الأجانب استهتارنا واستخفافنا بلغتنا، لوجد نفسه مضطرا لتعلم اللغة العربية، لكن الأماني شيء والواقع شيء آخر.

العَرب