لماذا .. لغتنا تستحق مجهوداً أكبر

أ. فريدة العبيدلي

شدني حوار تربوي هادف طرفاه والدتا طفلين في الصف الأول الابتدائي يتلقيان تعليمهما في مدرسة أجنبية، قالت إحداهما تسأل الثانية: هل اطلعتي على كتاب قراءة الصف الأول الابتدائي الجديد؟

أجابتها: تصفحته ولكني وجدت نفسي حائرة من أين أبدأ؟ وكيف سأبدأ تدريس طفلي؟ المنهج غير واضح ولا يتناسب مع المرحلة السنية للأطفال، ردت عليها زميلتها: أنا الحقيقة فوجئت بما تضمنه الكتاب من محتوى لغوي مكثف وغير واضح ناهيك عن طريقة تصميم الكتاب وإخراجه، وأردفت قائلة: الكتاب صعب، وغير متدرج، وبه شرح كثير حتى خَيل إلي أنه دليل للمعلم وليس كتابا للطالب.

وأضافت زميلتها: عرض المحتوى معقد لا يعرف الطالب أو من سيقوم بتدريسه من أين سيبدأ، الصور مرسومة باليد والشخصيات غير واضحة ومن الصعوبة على الطالب أن يفهمها.

لم يراع في إخراج الكتاب المرحلة العمرية للطلاب، صفحاته ممتلئة بشكل كبير مما يشتت أذهان الطلاب، يخلو من المساحات الفارغة التي تعين الطلاب على التركيز، إضافة إلى أن الأناشيد طويلة وغير مناسبة.

الله يرحم أيام كتابنا حمد وسحر اللي درسناه، حيث هناك فرق بينه وبين كتاب أطفالنا الآن من حيث السلاسة والتدرج والبساطة والوضوح،

نحن جامعيات ونلقى صعوبة في تدريسه فكيف سيكون حال أطفالنا واستيعابهم له، وهم في سن لا زالوا يفكون الحرف فيه، وفي بداية تعلمهم للغة، وساد بينهما صمت أعقبه تعليق إحداهما بنبرة صوت يملؤها التخوف والشجن: كلي خوف من أن يكره أطفالنا لغتنا العربية الجميلة وهم أبناء أمة اقرأ، ويقبلوا على تعلم اللغة الانجليزية برغبة ودافعية وحماس لجمال عرضها في الكتب ومتعة طريقة تدريسها.

أكدت زميلتها تخوفها قائلة: تخوفك في مكانه لقد لاحظت ذلك عند تدريسي لابني يركض مسرعاً ليحضر كتاب اللغة الإنجليزية ويتململ عندما أسأله عن كتاب اللغة العربية، فعلاً هناك فرق واضح في طريقة عرض محتوى المادة، وطريقة إخراج الكتاب وتصميمه.

وواصلت حديثها: اللغة مهما اختلفت جنسيتها وموطنها، أساسها قائم على تعلم الحروف الهجائية وبناء الكلمات، وما يصاحبهم من تهيئة وتدريبات وأنشطة، الفن كل الفن يكمن في طريقة وضع المنهج ومحتوى المادة وإخراجها بما يتناسب والمرحلة العمرية للطلاب.

فوجئت بتأكيد الأم الأخرى لما قالته زميلتها وقلقها هي الأخرى من أن تؤثر طريقة عرض منهج اللغة العربية على حماس الأطفال ودافعيتهم لتعلمها عند مقارنته بكتاب تدريس اللغة الإنجليزية.

سرني متابعة الأُمٓين لطفليهما، ووعيهما بأهمية اللغة العربية لغتنا الأم، وتخوفهما النابع من واقع يتعاملان معه ويتخوفان من انعكاساته المستقبلية على أطفالهما.

حوار تربوي هادف يحتاج لوقفة من مسؤولي اللغة العربية في التعليم العام خاصة أنها تلقى منافسة من اللغة الإنجليزية لدى طلاب المدارس الأجنبية، وأن يعملوا جاهدين على إعطاء أهمية قصوى لطريقة ترتيب وتسلسل محتوى المادة وطريقة عرضها بما يتناسب والمرحلة العمرية للأطفال.

الراية