العربية . . لغة المسرح

أ. يوسف أبولوز

تقف الإمارات في طليعة البلدان العربية والإسلامية التي تهتم اهتماماً موصولاً باللغة العربية الفصحى، وفي الإمارات مؤسسات لحماية العربية، وتحظى لغتنا الأم بتوجيهات حكيمة من أصحاب السمو الشيوخ حكام الإمارات لناحية الاهتمام بالعربية والحفاظ عليها وتعزيز التعامل اليومي بها وتعميق ثقافتها وتاريخها وجمالياتها عبر تظاهرات فنية كبرى مثل مهرجان الفنون الإسلامية في الشارقة، ومهرجان الخط في دبي، ومسابقة أمير الشعراء في أبوظبي . . المسابقة العربية الكبيرة التي تتخذ من شعر الفصحى بشقيه العمودي والتفعيلي أساساً لها في اختيار المتسابقين وتكريمهم مادياً ومعنوياً من شرق الوطن العربي وغربه .
نقول ذلك ونحن نشهد هذه الأيام مهرجان دبي لمسرح الشباب الذي تتنافس فيه سبعة عروض محلية اشترطت إدارة المهرجان أن تكون كلها باللغة العربية الفصحى، وبأقلام مسرحيين إماراتيين شباب وضعوا لغة الشعر ولغة القرآن في قلب المسرح، ونحن نعرف شعبية هذا الفن المتقدم في الإمارات والإقبال عليه في تظاهرات مسرحية نوعية في كل مدن الدولة، وتعني شعبية المسرح وانتشاره المحلي بالفصحى أن اللغة العربية وجدت لها وسيطاً مهماً جداً لانتشارها وتعميمها بين جمهور المسرح وجمهور الثقافة بشكل عام .
اللغة العربية في المسرح الإماراتي موجودة في تجارب مسرحية محلية مبكرة، كما أن مهرجان أيام الشارقة المسرحية شهد منذ ثمانينات القرن الماضي عروضاً بالعربية الفصحى بأقلام إماراتية أو تأليف إماراتي أو بمعالجة نصوص مسرحية عالمية أجنبية بالعربية الفصحى، ولقيت هذه العروض ترحاباً جماهيرياً، ولقيت أيضاً، حفاوات نقدية مسرحية عربية من لجان التحكيم ومن جانب المسرحيين العرب ضيوف المهرجان .
اللغة العربية الفصحى كما هي لغة الشعر أو لغة ديوان العرب، هي أيضاً لغة ديوان المسرح، وتظهر جماليات العربية على الخشبة بالأداء والتمثيل ولغة الإشارة ولغة الجسد بوضوح كبير ذلك أن الممثل الذي يمتلك فن الإلقاء وفن الإيقاع يستطيع بمهاراته هذه أن يكشف عن جماليات اللغة العربية ويضيف من طاقته المسرحية إلى هذه الجماليات على الخشبة .
ولد المسرح، قديماً، من ضلع الشعر على خشبات الرومان والإغريق وأثينا مدينة الفلسفة، وكانت اللغة جذراً أصيلاً في هذا الفن التاريخي . . واللغة العربية مازالت هي الجذر الأصيل لأبي الفنون وأبي اللغات .
إذا كانت لغتك ساطعة مشرقة حية، فعقلك كذلك، وكذلك حتى جسدك . . فالجسد الحيّ وحده الذي يتكلم .

الخليج