لغتنا مفقودة في بعض مؤسساتنا
ميساء راشد غدير
منذ أسابيع قليلة أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حزمة من المبادرات التي تهدف للحفاظ على اللغة العربية. شملت هذه المبادرات ميثاقاً للغة العربية لتعزيز استخدامها في الحياة العامة، بجانب مبادرات تتعلق بإحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة، وإبراز المبدعين من الطلبة فيها، كما شملت إطلاق كلية للترجمة، ومعهد لتعليم العربية لغير الناطقين بها، إضافة إلى مبادرة إلكترونية لتعزيز المحتوى العربي على شبكة «الإنترنت».
كيف لا وهي الأداة الرئيسة في تعزيز هويتنا الوطنية لدى الأجيال الحالية والمقبلة التي فقدت الكثير من عناصر اللغة بسبب التغريب الذي طال المناهج، وبسبب أسلوب الحياة الذي فرض عليهم التخلي عن استخدام هذه اللغة أو ممارستها والاعتزاز بها، مفضلين لغة أخرى لا سيما الإنجليزية.
نجاح مبادرات اللغة العربية في مجتمعنا المحلي مرهون أولاً وأخيراً بمبادرات المسؤولين في مؤسساتنا المحلية قبل الاتحادية في تطبيق هذه المبادرات، وفي فرض اللغة العربية كلغة خطاب وحوار في أروقة المؤسسات، فما نلاحظه على غالبية العاملين في تلك المؤسسات هو اعتبار اللغة العربية اللغة الثانية بعد الإنجليزية التي تعد الأولى والمفضلة.
والمعيار الذي يقيم به المتقدمون لطلب الوظائف، ومن ثم المعيار الذي يقاس به نشاط الموظف وتميزه على أقرانه، ما دفع كثيراً من الطلاب للتخلي عن هذه اللغة والاتجاه لتعلم اللغة الإنجليزية والتمكن فيها، على حساب لغتهم الأم التي أصبحنا نواجه فيها ضعفاً واضحاً، بل مخجلاً لدى أبناء وبنات مواطنين أباً عن جد، لا يعرفون في اللغة أقل ما نتوقعه منهم.
لا نبالغ فيما نصف أو نقول، فهناك مديرون ومسؤولون في المؤسسات الاتحادية والمحلية عينوا مساعدين لهم فقط ليتولوا كتابة الرسائل عنهم باللغة العربية أو ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية، والأكثر أن بعضاً منهم يرفض الحديث لوسائل الإعلام بالعربية، لأنه يعرف مواطن الضعف لديه في هذه اللغة.
بل ويجعل لغة تخاطبه في الاجتماعات مع موظفيه بالإنجليزية، باعتبار وجود موظف أجنبي من هنا أو هناك لا يمكنه فهم لغتنا، في حين أن ذلك ليس إلا حجة يخفي بها ضعف قدرته على التعبير عن أفكاره بلغته العربية أمام زملائه الذين أصبح الضعيف منهم في اللغة الإنجليزية مقصياً من الترقيات، وغير قادر على مسايرة أجواء العمل التي سيطرت عليها أجواء أجنبية، يوم فقدت أهم أداة للتفكير والثقافة، وهي اللغة.
نريد لهذه المبادرات أن تنجح وأن تعيد الاعتبار للغة العربية من خلال المسؤولين في جميع المؤسسات، بدءاً بالتعليمية، مروراً بباقي القطاعات، من خلال فرضها كلغة تفكير وحوار وتخاطب، ومن خلال احترامها قولاً وفعلاً في مؤسسات طغى عليها التغريب، وأصبحت في عداد من يقولون ولا يفعلون!
البيان
|
|
|