اكتب_بالعربي ..... لُغتكَ هويتُكَ

slabnews

 في تعريفه للغة يقول ابن جني وهو أحد أبرز علماء الفقه واللغة في تاريخ العربيّة: "حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"، أما العالم اللغوي السويسري "دي سوسير" فقد اعتبر في تعريفه للغة أنّ "اللغة نظام من العلامات أو الإشارات للتعبير عن الأفكار"، وللُغة تاريخ لا ينضب ومُناظرات لا تهدأ، عن كيفية وصولها إلينا وهل هي توقيفية أم اصطلاحية، فانطلاقا من الآية الكريمة "وعلّم آدم الأسماء كلها"، اختلف علماء العربية في أصل اللُّغة فمنهم من عدها أول اللغات وكل لغة سواها حدثت فيما بعد إما توقيفاً أو اصطلاحاً، واستدلوا بأنّ القرآن كلام الله تعالى، وهو عربي وهو دليل أنّ لغة العرب أسبق اللغات وجوداً، وعن كيف أُرخت اللُّغة أو وجدت عبر الكتابة، فلقد كانت الكتابة في عصر قبل الاسلام مقصورة على فئة، وتم تناقل العديد من المرويات والقصائد عن طريق الحفظ، وفي الأزمنة اللاحقة ازدهر التدوين، تدوين العلوم وكتب الحضارات مما أسس لنمو العقل العربي وتوجيه مُدركاته نحو العلوم الإنسانية والمخبرية أيضًا، فكانت العربية منال الداخلين في الحضارة العربية كالفرس واليونان الذين رغبوا في تعلمها والكتابة بها فكان منهم علماء وشعراء وفلاسفة.

إذا فتاريخ لُغتنا كثيف وتذخر المعاجم وكتب اللُّغة بتاريخها الطويل وبالاختلافات حول أصلها وفصلها، ولكنّنا للمُفارقة هُنا نواجه في عصرنا الآني تحديًا مختلفًا تواجهه لغتنا في ظل هجمة اللُغات الوافدة وخاصة اللُّغة الإنكليزية كونها اللُّغة العالمية، وكأنّ هذا لا يكفي لنُمعن فيها نحن أبناؤها تنكيلًا فننفي حرفها ونكتب باللاتينية ونمزج ألفاظها بمركبات لغة أجنبيّة مُفاخرين بأن ذلك هو التطور والحضارة.

إن اللُغة التي تذخر بالكثير من التأويل وحمّالة الأوجه، الغنيّة عن التعريف تفتقر اليوم الى من يُرجع لها مكانتها ويُشجّع على التحدُّث والتبرك بها، وهو لأمر إن دلّ على شيء فهو يدُل على عمق الهُوّة التي تفصلنا عن ذواتنا نحن لما تشكله اللّغة من أسس تكويننا وكيف إذ بتكويننا يفتقر الى صلابته وصرامته اللفظية ويضيع في مدلهمّات القول العابث والكتابة المُفبركة..

18  كانون الأول يوم اللغة العربية
هو يوم تحتفل به الدول العربية كونه اليوم الذي أطلقت فيه الامم المتحدة قراراً بالاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية وذلك عام 1954، ولكن لا الاحتفال ولا اعتراف أي من الدول يحل محل اعترافنا بها! ولا يكفي الاحتفاء باللغة "كتراث شعبي" لنعيد اللغة لحياتنا اليومية ونمحو طغيان اللغات الاجنبية وخاصة في بلد كلبنان يعترف بالفرنكوفونية كونها حضارية اكثر من اللغة العربية ويفرض تعليم اللغات الاجنبية منذ الطفولة عكس باقي الدول. فما هو الحل؟

حملة #اكتب_بالعربي
حملات التشجيع على الكتابة باللغة العربية ليست الأولى في لبنان أو حتى في العالم العربي، وقد بدأت هذه الحملات في السابق مع سفيرة اللغة العربيّة ورئيسة جمعية "فعل أمر" سوزان تلحوق والتي حثتنا على استخدام اللغة العربية في كتاباتنا ومحادثاتنا وصاحبة مقولة: “مين قال إنه إذا حكينا بالعربي منبطل كول”. كما أقيمت عدة حملات في الدول العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستخدام اللغة العربية وآخرها كان في الأردن.

من لبنان قامت ناهلة سلامة بإطلاق حملة مكملة لما سبق عبر مواقع التواصل الإجتماعي وعبر تشجيع رواد هذه الصفحات بدعم وحماية اللغة العربية واحترامها وعدم التنازل عنها واستبدالها بالأحرف اللاتينية "عربيزي". وتنطلق الحملة عبر هاشتاغ #اكتب_بالعربي ويشارك فيها عدد كبير من رواد موقع فايسبوك وتويتر من صحافيين وكتّاب وذلك لإيمانهم بضرورة الحفاظ على اللغة العربية.

وهذه الحملة ليست فردية ولا تخص اشخاص معينين فقط، هي حملة تخص مجتمع ولغته وهويته وعدم نكرانها. هي احساس بالمسؤولية تجاه لغتنا ومعرفة حجم الضرر الذي تسببه لغة الانترنت الحديثة ونسياننا للغتنا الأساسية وعدم استخدامها بتاتًا.

الحملة مستمرة ونحن بدورنا ندعو كل المهتمين بالحفاظ على اللغة العربية وتاريخها دعم هذه الحملة لنرتقي الى مرحلة نفتخر بها أنّ لغتنا عربية.

slabnews