|

اللغة العربية
أ. سناء عاصم
لنعترف أمام ملكة جمال اللغات أننا جميعا مقصرون في حقها...ولنعترف أن لغة القرآن الكريم هي أعظم اللغات وأقدسها على وجه الأرض..وأكثر اللغات اكتنازا بالمعاني والمفردات التي تعبر عن أدق المشاعر وأرقها..وأنها تحوي من السحر والبيان والاعجاز ما لا تحويه أي لغة أخرى..
ولنعترف كذلك أن هذه اللغة تعرضت للكثير من الظلم بسبب العولمة التي اجتاحت العالم ، ففتحنا لها الباب على مصراعيه فنالت من هويتنا وثقافتنا ،رغم أن كثيرا من دول العالم تتمسك بلغتها في وجه العولمة حتى لا تنمحي هويتها وثقافتها ، لدرجة أنها ترفض عرض الأفلام الأجنبية الا مدبلجة بلغتها..
لقد ازدهرت اللغة العربية عبر العصور فأصبحت لغة العلم والأدب والسياسة والحضارة ولغة الدين والعبادة..واستوعبت هذه اللغة العظيمة الحضارات المختلفة كالفارسية واليونانية والهندية لكنها حوصرت حتى في مدارسنا حيث تدرّس اللغة العربية في حصة اللغة العربية فقط..أما باقي المواد فتدرّس باللغة العامية..وحتى الكثيرين من مدرّسي العربية يدرّس العربية باللغة العامية لعجزه عن توصيل الفكرة باللغة العربية..أما في الجامعة فتكاد العربية تتلاشى في غالب التخصصات..
بينما نشهد أن دولا تسنّ قوانين تحرم اللجوء الى ألفاظ أو عبارات أجنبية، في حال وجود لفظ أو عبارة مماثلة، في اللغة الأصلية وفرضت عقوبات على من يخالف ذلك ،بحجة الحفاظ على الهوية لأن اللغة تمثل هوية الشعب وأصالته..
ونستغرب حين نرى أن اليهود أحيوا لغتهم العبرية وقد ماتت هذه اللغة منذ ثلاثة آلاف عام..حين اصبحوا يدرّسونها ويتعاملون بها ليحافظوا على هويتهم.
نحن لا نخشى على لغتنا لأن الله تكفل بحفظها فهي لغة القرآن الكريم قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
ولكن نخشى على هويتنا التي انساحت في مزيج من الحضارات واللغات وأصبح شبابنا يتعاملون بلغات أجنبية ويكتبون العربية بحروف أجنبية.......
في الوقت الذي نجد أن عددا من الجامعات في كوريا تشترط على طلابها النجاح في امتحان مستوى اللغة العربية، كشرط لدخول الجامعة..هم ليسوا عربا..وكثير منهم ليسوا مسلمين ولكن ما أغراهم في هذه اللغة هي أنهم اكتشفوا أن اللغة العربية أجمل لغات العالم وأعظمها موسيقا وحيوية وسحرا.
وقد أقبل الكثيرون من الشباب في كوريا على تعلم اللغة العربية..
وعندما سئل العلامة الأردني الدكتور ناصر الدين الأسد عن سبب ابتعادنا عن اللغة العربية أجاب: ( يجب أن يكون مدرّس اللغة العربية عاشقا للغة العربية لكي يقنع طلابه بعشقها والارتواء من معينها..)
ومما يبعث على التفاؤل أن الكثير من قنوات الأطفال تبث برامجها باللغة العربية مما يجعل الطفل يحتفظ في ذاكرته بمخزون لغوي يمكنه من التعبير بهذه اللغة وهي فرصة لنعيد الألق الى لغتنا العربية.
..بقي ان نقول أن أهم درس في اللغة العربية هو درس التعبير لأنه يختبر قدرة الطالب في القراءة والكتابة والاملاء والخط، كما يختبر قدرته على التفكير والتحليل والاستنتاج..وقد تراجعت حصة التعبير في كثير من مدارسنا فأصبح الطالب عاجزا عن كتابة سطر واحد بلغة صحيحة، واملاء صحيح، وخط واضح..ومادام أطفالنا استطاعوا فهم البرامج باللغة العربية فهذا دليل على أنها لغة سهلة ومادام أن بعض الدول العربية تدرس في جامعاتها كل العلوم باللغة العربية فهذا معناه أن لغتنا صالحة لكل زمان ومكان. وأنها حية تنبض بالحيوية والابتكار..
أنا البحر في أحشائه الدرّ كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
الرأي
|
|
|
|