مطلوب تحرك سريع لمواجهة تراجع اللغة العربية بالدولة, الخلل بالتركيبة السكانية خلق لغة جديدة بالشارع المحلي
البيان
اللغة هي الوعاء الفكري والمحتوى الثقافي الذي يميز بين شعوب الارض واممها كما انها احد الروافد والاسس التي تتكون بداخلها الحضارات وتنطلق منها الثقافات ومن هذا المنطلق حرصت الشعوب والامم على الارتقاء بلغتها من خلال المحافظة عليها من تداخل وطغيان اللغات الاخرى, وبذلك يتضح لنا اهمية الحفاظ على لغتنا العربية التي تتبلور بداخلها هويتنا وحضاراتنا الثقافية العربية والاسلامية وتظهر قدسية اللغة العربية في نزول القرآن الكريم بها وفي ذلك تكريم كبير لها واعلاء من شأنها وحفظ لها من خلال تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن الكريم من الضياع او النقصان (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). ولكن ما يحدث من انهيار لغوي لدى الانسان العربي يدعونا الى التفكير سويا للبحث عن الاسباب وطرح العلاج فقد بدا واضحاً سيطرة اللغات الاخرى على الشارع العربي في كل اساليب المعاملات ليست التجارية والرسمية فقط وانما امتدت لتصل الى المنزل الذي يعج بالخدم الذين فرضوا لغتهم على الكبار والصغار بدلاً من ان يحدث العكس وتفرض اللغة العربية على كل القادمين والراغبين بالعمل في البلاد. ولما اصبح الخطر مسلطا على اللغة ومحدقاً بها من كل جانب ادرك البعض ذلك فسعوا الى انشاء جمعيات تهدف الى الحفاظ على اللغة العربية واعادتها الى سابق عصرها. (البيان) التقت القائمين على هذه الجمعيات واهل اللغة وعدداً من الجمهور للوقوف على اسباب ذلك الانهيار اللغوي وكيفية معالجته. شرط للتوظيف يقول الدكتور علي حسن استاذ الحضارة الاسلامية بجامعة زايد ان اللغة تستمد قوتها من شعوبها وبالتالي فان انهيار الشعوب وضعفها ينجم عنه انهيار في اللغة فهي ليست شيئاً منفصلاً عن المجتمع بل احد مكوناته لذلك ما نشاهده من ضعف وركود في الامة العربية انعكس بدوره على اللغة حتى وصلت الى ما نحن فيه الآن. ورغم ان اللغة العربية كانت عبارة عن مجموعة من اللهجات بين القبائل قديماً ولكن الله سبحانه وتعالى اراد ان يعطي لهذه اللغة شأناً عظيماً فأنزل القرآن الكريم بها فأراد لها ان تصبح لغة مشتركة بين المسلمين من خلال هذا الكتاب الذي منح الامة العربية التكريم والفخر بين الامم. ولما قويت الامة العربية والاسلامية ازدهرت معها اللغة العربية مثل غيرها من اللغات الاخرى التي انتشرت عندما كانت دولها تعيش في عصورها الذهبية وليست اللغة اللاتينية بعيدة عن ذلك فكان لها الانتشار الواسع عندما سيطرت الامبراطورية الرومانية على ارجاء واسعة من العالم ولما انهارت الامبراطورية انهارت معها اللغة ولكننا يجب ان نعرف ان اللغة العربية مازالت بخير في ظل حال الامة العربية ولكن يجب الحفاظ على اللغة والا ستصبح مثل غيرها من اللغات القديمة التي لم يعد لها سوى الذكرى فكل دول العالم تحرص على ان تتحدث بلغتها وتجبر القادمين اليها على التعلم والتحدث بلغتها ولكن حدث لدينا العكس فأصبحنا مطالبين بتعلم لغات الآخرين حتى نتحدث معهم وليس الامر في الداخلين على اللغة فقط وانما هناك اسباب اخرى للانهيار اللغوي هي ضعف ابناء اللغة في اجادة قواعدها وطغيان العامية من اللهجات على اللغة وفي ذلك لابد من العودة الى القرآن لانه مصدر اللغة وكذلك الشعر فمن اراد ان يشعر بجمال اللغة ويعرف محتواها فعليه بالقرآن ثم الشعر وهذه العودة الى القرآن لا تأتي الا بعودة الكتاب وتشجيع الاطفال على حفظ القرآن الكريم ومن الاولى ان تشجع وزارة التربية على ذلك فتقوم بمنح التلميذ الذي يحفظ عدة اجزاء من القرآن عدة درجات بالثانوية العامة او غيرها من مراحل التعليم من اجل التشجيع كذلك يجب ان يكون اختيار المدرسين القائمين على عملية التدريس ذوي الكفاءة في اللغة العربية وشرط للتوظيف في كل المؤسسات والهيئات بالدولة. كذلك على المجمع اللغوي ان يكون هيئة ذات سلطة لغوية تعادل في قوة تأثيرها السلطات الاخرى وتقوم بمهام متابعة البرامج العربية بالتلفزيون ويكون له القدرة على ابعاد اي برنامج يضر باللغة. التغير التدريجي ويقول بلال البدور احد المؤسسين لجمعية اللغة العربية ورئيس اللجنة الثقافية: ان التدهور الذي اصاب اللغة في وطنها وبين ابنائها كان الدافع لانشاء جمعية تسعى الى الحفاظ على اللغة العربية بعدما اصبح الجميع يسعى الى تعلم اللغة الانجليزية وغيرها من اللغات الاخرى وانحسر الاقبال على تعليم اللغة العربية بل ان الغالبية العظمى من المدارس تدرس باللغة الانجليزية وبذلك يكبر الطفل ولا يعرف عن اللغة العربية الا القليل من كلماتها ويجد صعوبة في التحدث بها في الوقت الذي يتحدث فيه اللغات الاخرى بطلاقة واسترسال ولذلك تسعى الجمعية حالياً الى بث الاحساس بأهمية اللغة العربية لدى المجتمع واقناع الهيئات والمؤسسات للعمل بها وفي هذا الاطار تقوم الجمعية بزيارات لكبار المسئولين من اجل عرض هذا الموضوع امامهم لاصدار القرارات التي تلزم هذه المؤسسات والدوائر للعمل باللغة العربية ولعل اصدار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى للاتحاد حاكم الشارقة اوامره الى كافة الدوائر المحلية ان تكون كافة مراسلاتها باللغة العربية الزم الجميع على التعامل باللغة العربية, كما ان القاء الفريق اول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع كلمته امام المؤتمر الاقتصادي بدافوس باللغة العربية لخير دليل على الاحساس والتفاخر باللغة مثلما تفعل كل الامم فهناك العديد ان لم يكن كل الزعماء يتحدثون اكثر من لغة ولكنهم عندما يتحدثون باسم بلادهم فلا يتحدثون الا بلغتهم فاللغة هي التعبير عن الهوية والفكر والثقافة والاعتزاز بالانتماء الى الوطن. كما تسعى الجمعية الى التغير التدريجي للمصطلحات الاجنبية التي تسيطر على كافة المحلات والشركات. كذلك تسعى الى تعريب المستندات المعمول بها بالدوائر الحكومية والقطاع الخاص ففي التعريب اعطاء الفرصة للمواطن بالعمل واغلاق الباب امام الوافد, كما يجب ان يكون بكل مؤسسة تقوم بصناعة اللوحات الاعلانية احد الاشخاص الذين يجيدون اللغة العربية للقضاء على تلك الاخطاء المنتشرة باللوحات الاعلانية نتيجة لقيام شخص لا يجيد اللغة او ليس من ابنائها بصنع هذه اللوحات كما تسعى الجمعية الى مد جسور التعاون مع الجمعيات المماثلة في العالم العربي من اجل الحفاظ على اللغة الفصحى لتكون اساس الحوار بين البلاد العربية حتى يتيسر الفهم ولا تذوب اللغة وسط اللهجات المحلية لكل بلد. ولكن لا يمكن القول ان التغيير والعودة باللغة الى سابق عهدها يمكن ان يحدث خلال يوم او شهر او سنة وانما يحتاج الى وقت طويل وتعاون من كل المسئولين والجهات الاعلامية المختلفة لبث الوعي بأهمية اللغة والبدء التدريجي في التعريب بكل المحتويات بالدوائر والشركات. المحتوى الحضاري والثقافي ويؤكد الدكتور احمد علي الحداد العضو بجمعية حماية اللغة العربية اهمية الحفاظ على اللغة العربية لما تمثله لنا من محتوى حضاري وثقافي واسلامي فهي لغة القرآن ولغة العرب واذا ضاعت فقدنا معها الهوية العربية التي تميزنا عن غيرنا من الشعوب والامم الاخرى. وتتميز اللغة العربية بالمرونة فهي تستوعب كل التطورات بداخلها. ولكن ما يحدث في الشارع العربي بوجه عام والاماراتي على وجه الخصوص جعلنا نسعى جميعاً الى محاولة الحفاظ على اللغة فالوجود الاجنبي والاعداد الغفيرة من العمالة الوافدة التي لا تعرف العربية وتحدثها بلغتها خلق لدينا هجيناً لغوياً غريباً من نوعه بل ادى الى انحدار اللغة العربية فبرزت لغات هؤلاء العاملين بالدولة وغابت اللغة العربية عن الشارع كذلك سيطرت اللغة الانجليزية سيطرة تامة على البنوك والشركات الخاصة وبالتالي لم يعد مجال ومكان لتمارس فيه اللغة العربية سوى منازل بعض المواطنين. وكان من بين اسباب انهيار اللغة قيام الجامعات بالدولة بالتدريس باللغة الانجليزية مثل جامعة زايد وكليات التقنية واقسام كثيرة من جامعة الامارات بالاضافة الى ان المدارس لم تعد تعطي للعربية اهمية وكأنها احدى المواد العابرة. وخلق سوق العمل بالدولة جواً سيطرت فيه اللغات الاخرى وخاصة اللغة الانجليزية فقد ربط بين تعلم وإتقان اللغة الانجليزية وبين الرقي الوظيفي وبذلك سعى الجميع الى تعلم الانجليزية بما فيهم مواطنو الدولة وحرص الآباء على الحاق ابنائهم بالمدارس الاجنبية فقد تم فرنجة الابناء بدلاً من ان نسعى الى تعريب العلوم الطبية والهندسية ولعل محاولات بعض الدول العربية بتعريب الطب والهندسة خطوة هامة على الطريق الصحيح للتعلم باللغة العربية. فاللغة يجب ان تظل حية وقائمة ومتداولة في كل مؤسسات المجتمع لان الشعب الذي يفقد لغته لا مناص من ان يفقد هويته كما ان اللغة يجب ان تكون مصدراً للتفاخر والتباهي فكل دول العالم تحرص على ان يتحدث القادمون اليها بلغتها ولا تمنح اي شخص جنسية إذا كان لا يتقن لغتها. ولكن الوضع القائم لدينا من ركاكة في اللغة تسيطر على الشارع والمنزل من خلال الشغالات والمربيات اللواتي يلقن الطفل لغتهن يدعونا الى بذل الجهد والتعاون بين كافة الجهات القائمة وذات المسئولية في المجتمع من اجل التوصل الى حد للانهيار اللغوي الذي نعيشه. نتاج الماضي والحاضر اما معتز ضفدع متخصص باللغة العربية فيقول ان وجود هيئات وجمعيات تقوم بالتوعية وبدور المعلم والمرشد لابناء العربية امر مهم خاصة بعدما سيطرت العامية على حديث الناس وبالتالي تهميش الفصحى وجعل ابناء اللغة ينسلخون عن لغتهم ومن المؤسف ان نجد سيطرة العامية على وسائل الاعلام وغياب الفصحى عنها فاننا اذ تتبعنا اخبار سلفنا الماضين نجدهم قد اعتنوا باللغة اعتناء لا نظير له وكان من نتاجهم هذا الكم الهائل من الشعر الذي نعجز عن صياغة مثله الآن. ويعتبر تعريب المصطلحات العلمية احد الاسس الصحيحة للحفاظ على اللغة العربية فلغتنا ولله الحمد واسعة ورحبة بحيث تستطيع ان تستوعب كل ما هو جديد من مصطلحات وليست المشكلة في ايجاد المصطلحات العربية عوضاً عن الاجنبية ولكن المشكلة في التمسك بتلك المصطلحات وتداولها على حساب المصطلحات واللغة العربية كما ان تعود الطفل على التحدث باللغة الفصحى منذ النشأة الاولى افضل طريق ليشب النشء على اللغة الصحيحة. لغة تاريخية اما عمر الباشا متخصص لغة عربية فيقول: ان خوفنا على اللغة العربية ينبغي ان يكون اكثر حساسية وافراطا من اي لغة اخرى والا ستتحول الى لغة تاريخية غير متداولة ولا مفهومة الا عند المتخصصين بها والمعنيين بشأنها وفي ذلك ينبغي ان تتضافر كل الجهود والطاقات وان تبذل كل الامكانات في سبيل ابقائها حية متداولة بين كل طبقات المجتمع لذلك اصبحنا في حاجة بالفعل الى مثل هذه الجمعيات التي تنشأ لحماية اللغة العربية بعد ان سيطرت العامية على الشارع العربي وانتشرت الالفاظ الاجنبية بين الشباب والاطفال كما ان تفعيل دور المجامع اللغوية الموجودة ببعض العواصم العربية في الاوساط العلمية والثقافية والاجتماعية المتنوعة خير من انشاء المزيد من الجمعيات الاخرى وربما تكون الجهات الرسمية ووسائل الاعلام العربية خير من يشجع على دور هذه المجامع لتقوم بدورها المناط بها كما ان تعريب العلوم امر لابد منه ولا غناء عنه إذا اردنا النهوض بلغتنا وإذا استمر النهل من العلوم بلغة غيرنا فاننا حتما سنعرض هويتنا للتشويه ان لم نفقدها كلياً ومن ثم طمس واضمحلال اللغة العربية, كما ان المناهج الدراسية الحالية غير مفيدة لذا وجب علينا ان نعيد النظر فيها من اجل وضع مفاهيم واسس تعمل على ترسيخ قواعد اللغة العربية لدى التلاميذ كما ان وسائل الاعلام والاوساط الاجتماعية والثقافية يجب ان تقوم بدورها جراء الحفاظ على اللغة كذلك يجب العودة الى استخدام الالفاظ والمصطلحات العربية بعد ان غرق الشارع في الاعجمية فاصبحت المحلات تحمل اسماء غريبة والشركات تسمى بأسماء لا تمت للغة العربية بصلة وغيرها من المسميات الاجنبية التي نراها ونسمعها يومياً. مراقبة ولكن في اطار حرص بلدية دبي على تلاشي اخطاء اللوحات الاعلانية اكد محمد النوري رئيس قسم الاعلان ان كل اللوحات التي تخضع لسيطرة واشراف البلدية يتم التأكد من خلوها تماماً من الاخطاء قبل ان توضع بالمكان المخصص لها ولكن هناك العديد من اللوحات لا تخضع لاشراف ورقابة البلدية مثل اللوحات التجارية الموضوعة على ابواب المحلات والشركات ولوحات تتبع لادارة الطرق وغيرها من الجهات الاخرى في الوقت الذي تخضع فيه اللوحات الموجودة بأعلى المباني ولوحات الطرق الخارجية والبوسترات الموجودة بالشوارع لرقابة واشراف البلدية فاننا نقوم بالاشراف الكامل والرقابة المستمرة للتأكد من عدم وجود اخطاء لغوية حفاظاً على لغتنا العربية والتي تتطلب تعاون جميع الاطراف بدءاً من صاحب اللوحة الى الخطاط الى الشخص العادي حتى نصل الى الحرص الكامل على اللغة العربية والصورة الصحيحة لها.
البيان
|
|
|