|

لغة آدم: ما هي لغة آدم؟
أ. خالد فردان
عند الحديث عن لغة آدم فإننا نستطيع أن نضع بعض النقاط لعلها تكون مدخلاً لمن أراد البحث في هذا الموضوع، ولعل الكشوفات العلمية المقبلة تزيل الغموض عن هذا الموضوع، أو لعل تطور علم «اللغة الكونية» يكشف عن لغة آدم.
إن الباحثين عن لغة آدم في الأغلب ليسوا من مناصري نظرية التطور لداروين التي ترى أن التطور الخلقي يشمل تطور اللغة، وقد يوافقهم بعض المسلمين في مسألة التطور، وهو ليس تطوراً بمفهوم الداروينية ولكنه اعتقاد بوجود بشر قبل آدم، ويستدلون بالآية «إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين»، فيرون أن اصطفاء آدم كان اصطفاءً من بين آخرين… وهناك حديث عند الصوفية «قبل آدم ألف آدم..»، ولكن هؤلاء أيضاً يختلفون مع الداروينيين في مسألة اللغة؛ هل تطورت أم هي مما خُصَّ به آدم.
يقول نعوم تشومسكي عالم اللغويات الأمريكي: «إن اللغة سمة بشرية» أي قابلية الكلام والتعبير غريزة في البشر، وهناك أمر آخر وهو زمن آدم؛ متى كان؟ أو متى كان بدء هذه الدنيا؟.
في التوراة نجد عمر الحياة على الأرض بل عمر الكون 6018 سنة!!! والاكتشافات الأثرية وحدها جديرة بتكذيب ذلك.
القرآن لم يحدد متى بدأت الحياة، ولكن في الأحاديث هناك ما يشير إلى ذلك؛ ففي حديث أبي سعيد الخدري: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر فما ترك شيئاً إلى يوم القيامة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس النخل وأطراف الحيطان، قال: أما إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا».
يقول الحافظ البقاعي في تفسيره: وبحساب ذلك، يكون ما بقي من اليوم هو عشر العشر؛ أي (1%)، أي بقي من عمر الدنيا (1%)، وبحساب بسيط للإمام البقاعي الذي عاش في القرن التاسع الهجري قال إن خلق آدم كان قبل 100 ألف سنة تقريباً.
فهذا العمر التقريبي لزمن آدم يجعل التغيير في لغته حتى وصلتنا تغييراً كثيراً، وقد تكون لغة آدم بدأت كلغة واحدة ثم انفجرت منها جميع اللغات على غرار نشأة الكون «Big Bang»، وليس فيما بقي الآن من اللغات ما يشابهها، ومسألة أن اللغة توقيفية أو اصطلاحية مسألة خلاف؛ فأصحاب مدرسة التطور المعرفي «أوغست كونت» يرون أن الإنسان انتقل في مراحل تطويرية من الهمجية إلى الخرافة إلى الأديان إلى العلم وخلال هذه المراحل تكونت اللغة.
وعند المسلمين مثلاً نجد الغالبية يميلون إلى أن اللغة توقيفية ويستدلون بقوله تعالى: «الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان» والبيان: هو الإفصاح والتعبير، وهذا لا يكون إلا بلغة، فهي ضمناً مما علمه الله الإنسان، ولكن هناك اتجاه يرى أنها مصطلحة كالمعتزلة أو اللغوي الكبير ابن جني.
والتوراة تشير إلى أن اللغة كانت واحدة حتى عهد نوح عليه السلام وأن الألسن تبلبلت بعد النزول من السفينة وصار هناك 80 لغة!!.
الكتب السماوية تشير إلى أن الله علَّم آدم اللغة ولكن الخلاف في: ماذا علَّمه؟.
في القرآن «الكتاب المحكم» يقول الله: «وعلم آدم الأسماء كلها»، وفي تفسير ابن كثير يقول ابن عباس إنه علمه أسماء الأشياء من الملائكة والأرض والمخلوقات… ولكن هناك بعض المفسرين المتأخرين يفسرون هذه الآية بأن الله علّم آدم اللغات كلها وبقيت في نسله أي علمه تقريباً 6000 لغة التي لم يبقَ حياً منها سوى 601 لغة، ولكن هذا الرأي لا يصمد أمام تشابه اللغات واشتقاق بعضها من بعض، فبعض اللغات بل أكثرها ما هي إلا حفيدة للغة أخرى… بل إن اللغويين حديثاً يجمعون على أن جميع اللغات ترجع لأصل واحد فقط هي السامية.
في التوراة نجد تحديداً جازماً للغة آدم وأنها السريانية «السوريانية» وهي نفسها الآرامية، وبعض اللغويين يجعل السوريانية إحدى لهجات الآرامية..
والتوراة تشير إلى أن لغة إبراهيم عليه السلام هي الآرامية وهي لغة قريبة للعربية، وقد تكون كلمة الآرامية ترجمة غير دقيقة للعربية مع إسقاط العين، وقد أخذ العرب رسم حروفنا هذه التي نكتب بها «س، ص، ع» من الآرامية.
وفكرة التوراة في أن لغة آدم هي السريانية انتقلت لبعض المسلمين الذين ينقلون عن أهل الكتاب ونجدها واضحة في كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني (ت. 329 هـ) وغيره.
الشرق
|
|
|
|