حول اللغة العربية في يومها العالمي

أ. خليل برهومي

 مرّ منذ أيام، أي في الثامن عشر من شهر كانون الأول الجاري «اليوم العالمي للغة العربية» الذي تقرر الاحتفال به في هذا التاريخ لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العالم في الأمم المتحدة بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية وليبيا خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
وحيث أن اللغة العربية تراجعت بشكل ملفت على ألسنة الشباب والطلاب وأقلام الكتاب والمحررين ومذيعي نشرات الأخبار فاننا نرى أنه من واجبنا أن نرغب شباب العرب والمسلمين بلغتهم العربية، ونحضّهم على دراسة قواعدها وأحكامها، ونؤكد عليهم ضرورة التمسك بها وعدم التنازل عن أي حرف من حروفها لصالح لغة أخرى، والتغني بها باعتبارها واحدة من أشهر لغات العالم على الاطلاق، والتفاخر بها لأنها تحتوي على كنوز غير موجودة في أية أخرى من لغات العالم...
والعجيب الغريب أن جميع أهل الأرض يتمسكون بلغتهم الأم، سواء كانوا ألماناً أم فرنسيين أم أميركيين أم هولنديين، ولم نسمع بتاتاً أن واحداً من هؤلاء استبدل لغته، أو بعضاً من مفرداتها بلغة سواه ومفرداتها، فهم حريصون عليها كل الحرص، يدرسونها ويتوارثونها أباً عن جدّ، ولا يتنازلون عنها لصالح لغة أخرى، باستثناء العرب، الذين مسخوا لغتهم، وشوهوا مفرداتها، وأهملوا دراستها وتقاعسوا عن دراسة قواعدها وأحكامها وصرفها ونحوها، والأسوأ من كل ذلك أنهم أخذوا يطعّمون لغتهم بمفردات انجليزية أو فرنسية، فصار عندهم لغة جديدة هي «الفرانكو أراب» وهي مزيج اللغة العربية بالأجنبية...
أما لغة «الشات» و«الواتس أب» فمعظم شبابنا مع الأسف يستعملون الجمل العربية بالكتابة اللاتينية أو الأجنبية وهم بهذا الأسلوب يدمرون اللغة العربية ويقوّضون أركانها، إلى أن أصبحت هذه اللغة العظيمة، لغة الآباء والأجداد في خطر حقيقي، لا بد أننا سنلمس عواقبه الوخيمة في السنوات القليلة القادمة...
إننا نريد أن نفتح عقول الناشئة على حقائق هم يجهلونها عن لغتهم، ونريد أن نخاطبهم هم بالذات لأنهم هم أول من يحمل معول الهدم لهذه اللغة الكريمة، وهم أيضاً أول من يتعيّرون باستعمال ألفاظها أمام أصحابهم واصدقائهم، فيستعملون مثلاً كلمة «هاي» بدلاً من مرحبا، و«سي يو» بدلاً من «نلتقي» و«باي» بدلاً من «إلى اللقاء» وعشرات المفردات غيرها وقد أصبحت على مدار الألسنة وأزرار لوحة المفاتيح «الكيبورد» وكأنها من صلب لغتنا الأم...
اللغة العربية أيها الشباب هي أكثر لغات المجموعة الساميّة تحدثاً، وهي احدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأهواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال واريتريا.
واللغة العربية هي لغة ذات أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة القرآن الكريم، ولغة أهل الجنة ولا تتم الصلاة وعبادات أخرى في الاسلام الا بإتقان بعض مفرداتها، وقد أثر انتشار الاسلام وتأسيسه دولاً في ارتفاع مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وقد إثّرت العربية تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الاسلامي، كالتركية والفارسية والأوردية والألبانية وبعض اللغات الأفريقية الأخرى، وبعض اللغات الاوروبية كالروسية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والايطالية والألمانية، كما أنها تدرّس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الاسلامية والدول الافريقية المحاذية للوطن العربي، وهي اللغة الوحيدة المعربة في العالم، أي تظهر عليها جميع علامات الاعراب فضلاً عن قدرتها دون سائر اللغات الأخرى على الاشتقاق..
فأي لغة أغلى من لغتكم يا أمة العرب؟

اللواء