التعليم بين ناقد وناصح

أ. نجلاء غانم

 مع بداية اختبارات نهاية الفصل الأول، تبدأ الأجواء في المنازل والمدارس بالتوتر، ويكثر الكلام والجدل حول المجلس الأعلى وسياساته وتكثر الشكاوى، كما لو كان موسماً لتصيد أخطاء المجلس الأعلى للتعليم، ولكن بالرغم من وجود الأخطاء والمشاكل إلا أنني أرى أن المجلس الأعلى للتعليم تجربة ناجحة إذا قارنا التغيير الذي حصل على مر حوالي اثني عشر عاماً منذ بدايته وحتى يومنا هذا، قد يخالفني الكثير من الناس ولكن من الإنصاف أن نشهد بأن المسؤولين في المجلس الأعلى يأخذون بالاعتبار آراء الجمهور من مفكرين وناقدين وكتاب وأولياء أمور، وأكبر دليل هو قرار العودة إلى التعليم باللغة العربية، وبالرغم من تأخر القرار فإنه بحد ذاته قرار شجاع يدل على حكمة القائمين على المجلس الأعلى واهتمامهم بالرأي العام.
إن الإصلاح لا يأتي دفعة واحدة، فذلك من شأنه أن يجعل الإصلاح ضعيفاً هشاً متخبطاً وغير قادر على مقاومة الآراء المختلفة، ولو أنصت المسؤولون في المجلس الأعلى للتعليم لكل الشكاوى، وبناء عليها تم إلغاء الكثير من السياسات لفسد التعليم، ومثل ذلك مثل الطاهي الذي يعد الطعام، فيمر عليه الناس الجاهل والعالم والخبير والقتير فينصحونه بإضافة هذا البهار وتلك التوابل، وهذا ينصحه بالطهي على نار هادئة وذلك ينصحه بإيقاد النار تحت الطبخة ليسرع في الطهي، فيفسد الطعام ولا يأكل الناس! وكذلك التعليم، فإن أنصت المسؤولون لكل انتقاد وتراجعوا عن قراراتهم فقط لأن ذاك ينتقدها لعدم توافقها مع أهوائه أو لرسوب أبنائه، فلن ينجح التعليم وسنخسر الكثير.
ليت مجتمعنا يترك الانتقادات العمياء وينتهي عن ترديد كل ما يقع على مسامعه، ويجرد نفسه من الانتقادات الوهمية، ويركز على ما هو خبير فيه وعالم به فقط، فلو عمل كل في اختصاصه لصلح الأمر، وإن كان لا بد من الانتقاد، كان لزاماً على من ينتقد ويسلط الضوء على المشاكل أن يذكر الحلول المناسبة والمدروسة للمشاكل المطروحة.
بعدما حضرت الاجتماع التشاوري للكتاب مع قيادات المجلس الأعلى للتعليم، وبعدما سمعت ردودهم، وبخاصة حديث السيدة فوزية عبدالعزيز الخاطر مديرة هيئة التعليم أصبحت على يقين بأن التعليم في أيدٍ أمينة، وبإذن الله سيظهر من تحت أيديهم جيل مختلف، مؤثر ومنتج ومبدع، ولكنني أناشدهم بالاستعانة بخبراء من أهل البلد وما أكثرهم، لأن هؤلاء فقط من سيعملون لرفعة الوطن تماماً كما أنتم تعملون لهذا الوطن.

العَرب