|

غايتنا الأسمى هو أن تبقى لغتنا العربيّة رمز وجودنا
أ. وليد صادق
أهلًا وسهلًا بكم في مدينة الطيّبة التي تفتح ذراعيها لاستقبالكم بحرارة المحبّة والاحترام، إنّ وجودكم بيننا شرف كبير، خصوصًا وأنّ المناسبة عظيمة،عزيزة علينا، وهي يوم اللغة العربيّة.
هذه اللغة الرقيقة العميقة بآدابها وقواعدها، ويكفيها عزّة وفخرًا أنّ أُنزل بها القرآن الكريم عربيًّا لا أعجميًّا. وليس غريبًا أنّ كبار الشعراء والكتّاب الأجانب حثّوا كتّابهم على تعلّم العربيّة لعمقها وحسن وأصالة تعبيرها مثل وليم مرسيه وهنري لوسيل وغيرهم، هكذا يقول الأعجام، ونحن أصحابها نهملها ولا نعطيها حقّها.
اليوم يومك أيّتها المظلومة، تنكّرنا لك ودسنا على كرامتك لأنّنا شطبنا هويّتنا ودخلنا في سراديب الظلام التي أملاها علينا حكّامنا طبقًا لما يريده الغرب من إذلالنا، فاللغة هي الهويّة وهي العمود الفقري لبقائنا والمترجم لوجودنا والمعبّر عن كينونتنا وحضارتنا، ونحن نلاحظ استبدالها بلغات أخرى كتابة وكلامًا. العيب كلّ العيب فينا وليس في لغتنا.
لا شكّ أنّ هناك موازاة بين العزّة والرفعة القوميّة ورقي اللغة وبين احتضار الحسّ الوطنيّ واضمحلال اللغة. اخرجوا وشاهدوا اللافتات في البلدات العربيّة، فإنّها تكاد تخلو من اللغة العربيّة. اقرأوا الفيس بوك فستقرأون اللغة العربيّة بالإنجليزيّة والمسمّاة العربيزي أو العبرية، والمحزن أنّ العديد من المثقّفين والمحامين تسمعهم يتكلّمون بالعبريّة، وكأنّ الحديث بلغة أخرى يزيدهم علوًّا ومرتبة، هناك صراع بيننا وبين السلطة في إسرائيل التي تحاول طمس شخصيّتنا وتجريدنا من هويّتنا عن طريق إهمال اللغة العربية والتاريخ العربي، وللأسف عن وعي أو غير وعي نهرول مسرعين لمساعدة السلطة في نواياها الخبيثة.
وجودكم هنا في هذا اليوم هو أنّ لسان حالكم يرفض هذا الانزلاق، بل جئتم لنعلو بلغتنا إلى ما تستحقّه من الاحترام. اسمحوا لي أن أذكر مجهوداتنا في الطيّبة لرفع المستوى الأدبي. لقد قامت ثلّة من الغيورين على لغتنا الجميلة ووضعت نصب أعينها رفع الحراك الأدبيّ في الطيّبة. فالإطار الأوّل هو منتدى أدبيّ، يجتمع رسميًّا كلّ شهر لنقاش أدبيّ أو لقراءات شعريّة أو مناقشة إنتاجات أدبيّة محليّة وخارجيّة. أمّا الإطار الثاني فهو العمل على تشجيع البراعم الأدبيّة الواعدة من شبابنا وطلّابنا على الكتابة والإبداع، وحتّى الآن طبع ونشر ستّة كتب من أقلام مبدعة لطلّابنا، وهنا أخصّ بالشكر البلديّة على دعمها الماليّ الآن وللمستقبل. شكر خاصّ للأستاذ عبد الرحيم الشيخ يوسف والأستاذ أحمد عازم على دعمهما الأدبيّ .
كلمة أخيرة أوجّهها لمدرّسينا، اهتمّوا بتشجيع القراءة وزيارة المكتبة العامّة لتوسيع الآفاق والاطّلاع على الأدب المحليّ والقطريّ والعالميّ.
مرّة أخرى أسعدتمونا بوجودكم وكلّ عام ولغتنا أرفع وأبدع وأفضل.
(ألقيت في مهرجان اليوم العالميّ للغة العربيّة الذي نظّمه مؤسّسة محمود درويش للإبداع واتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين في مدينة الطيّبة)
بانيت
|
|
|
|