ترجمة 64 ألف مصطلح طبي إلى العربية

استضاف المجلس الأعلى للصحة الندوة التعريفية الأولى لمركز تعريب العلوم الصحية التابع لجامعة الدول العربية، التي ناقشت نشاط وجهود المركز منذ انطلاقه، ومعوقات التعريب، وأهمية التعريب وعرض تجارب الدول العربية في هذا المجال.

قدم الندوة الدكتور يعقوب أحمد حسن الشراح، الأمين العام المساعد بمركز تعريب العلوم الصحية "أكملز" بمجلس وزارء الصحة العرب بالجامعة العربية، وشارك فيها عدد من المهتمين بحركة تعريب العلوم الصحية من مختلف المؤسسات الصحية بالدولة.

وقال الدكتور يعقوب الشراح إن المركز يهتم بوضع القواميس والمعاجم الطبية و"أطالس" كوسائل تعليمية تساعد طلاب كليات الطب والأساتذة في العالم العربي فضلا عن المهتمين بهذه المجالات الهامة، مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية اتفقت على 150 ألف مصطلح طبي ضمن مشروع توحيد المصطلحات، والمركز يضع تفسيرًا لهذه المصطلحات باللغة العربية، ويقوم حاليًا بترجمتها وفق خطته وطبقا للترتيب الأبجدي لهذه المصطلحات، منوها بالانتهاء من ترجمة تلك المصطلحات حتى الحرف "د"، مشيرًا إلى مشاركة أكثر من طبيب متخصص في هذا الجهد العلمي الواسع.

وأشار إلى أنه تم الانتهاء من ترجمة 64500 مصطلح منذ تم البدء في المشروع قبل 5 سنوات، منها 5000 مصطلح خلال العام 2014، مشيرًا إلى التنسيق مع العديد من كليات الطب في الوطن العربي.

وأضاف: غالبية كليات الطب العربية تدرس بلغات أجنبية وهناك عدد قليل من كليات الطب تدرس باللغة العربية في السودان وسوريا والجزائر.

 التعريب وليس التغيير

ونبه إلى أن التعريب لا يعني التغيير في المنهج الطبي عند التحول إلى اللغة العربية، وإنما ترجمة المصادر الطبية إلى العربية لتعظيم استفادة الطلاب، خصوصًا في السنوات الأولى من الدراسة التي تعد صعبة على الطالب الذي يعاني ضعفًا في اللغة الأجنبية.

وأكد أن المركز يسعى إلى ترجمة أكبر عدد من الكتب الطبية إضافة إلى ترجمة عدد كبير منها، كاشفًا عن ترجمة 320 كتابًا من أمهات الكتب الطبية، وتأليف 20 كتابًا في مختلف فروع العلوم الطبية، فضلا عن تأليف 70 كتابًا تنتمي إلى فئة الثقافة الصحية والمتاحة للقارئ العادي.

وأوضح أنه تمت طباعة 245 إصدارًا طبيًا خلال الفترة 2000 - 2014 تشمل الكتب الطبية الأساسية وكتب الثقافة الصحية "الأطالس" والمعاجم، مشيرًا إلى مشاركة أكثر من 359 مؤلفًا ومترجمًا مؤهلًا إضافة إلى 163 محررًا ومراجعًا للمادة العلمية، موضحًا السعي إلى زيادة تلك الأعداد في المستقبل.

ونبه الدكتور الشراح إلى أن واقع استخدام اللغة العربية في كليات الطب العربية يتعارض مع دعوة الحكومات العربية للاهتمام بهذه اللغة في مؤسسات التعليم، مبينًا أن غالبية الدول العربية تدرس العلوم وبالذات الطب باللغات الأجنبية.

وتابع: "تشير الدراسات والإحصائيات عن التدريس باللغة الأجنبية في كليات الطب العربية أن هناك حوالي 78 كلية تدرس الطب باللغة الإنجليزية، و6 كليات تدرسه باللغة الفرنسية حسب إحصائية عام 2000.

وقال : "نتيجة للعزوف عن استخدام اللغة العربية في التدريس الجامعي في مجالات العلوم والطب وغيرها وتنامي إحلال اللغة الأجنبية مكانها في التدريس عقدت منظمة الصحة العالمية مؤتمراً في القاهرة عام (1999) بعنوان "تعريب الطب" حضره على المستوى الإقليمي العمداء والأطباء والمهتمون بالتعريب، وكان من أبرز توصياته الدعوة للتدريس باللغة العربية، وأن تعليم العلوم الصحية باللغة الأم عمل ثقافي وحضاري وعلمي يضمن حسن الاستيعاب، ويؤدي إلى تحسين الخدمات الصحية، ورفع المستوى الصحي بوجه عام".

وشدد على أن التعريب لا يعني فقط العناية الفائقة باللغة وتفعيلها في التعليم ونقل الأفكار والثقافات والتواصل، وإنما أيضًا الانفتاح على اللغات الأخرى، والخروج من حالة الانفصام بين بنية اللغة والواقع المعيشي أو التواصلي، مضيفًا "التركيز على فهم قواعد اللغة لا معنى له دون تنمية مهارات التعبير والتفاهم والتواصل، فالقدرة اللغوية لا تتحقق إلا بتعزيز القدرة التواصلية".

 السلبيات العديدة

وأضاف : "رغم السلبيات العديدة لإحلال اللغة الأجنبية محل العربية في تدريس العلوم الصحية، إلا أنه للأسف مازال البعض يعارض استخدام اللغة العربية في تدريس الطب، وأكدت دراسات أن سرعة القراءة والاستيعاب لدى طلاب كلية الطب، في حالة كانت الكتابة باللغة العربية، فإن هذه السرعة باللغة العربية تزيد بنسبة 43%، مقارنة بسرعة الاستيعاب إذا كانت الكتابة باللغة الإنجليزية. كذلك تزيد نسبة الاستيعاب العام بحوالي 15%، وأيضاً وجد أن نسبة التحسين في التحصيل العلمي تصل (64%) بين أطباء الدراسات العليا".

ونوه بأن ضعف العناية باللغة العربية في المدارس، وخاصة في المراحل الأولى من التعليم، يؤدي إلى الكثير من المشكلات لدى الطلاب سواء في بداية حياتهم أو أثناء مزاولتهم المهنة أو في التفاعل مع الناس..مضيفًا : "فليس من المقبول أن يكون الفرد ضعيفًا في لغته وقويًا في لغة أجنبية، فإن استقراء واقع التعليم العربي، يعكس الضعف العام في اللغة العربية لدى الطلاب، ويتمثل ذلك في تدني مهارات اللغة الأم أو حتى مهارات اللغات الأخرى.

ونبه إلى أن عدم استخدم اللغة العربية في التدريس في بعض الكليات الجامعية، وخاصة في كليات الطب والهندسة والعلوم والإدارة في الوطن العربي وهو السبب وراء مشكلة ضعف اللغة العربية.

ومن ناحيته، أوضح السيد أحمد بن عبد الله الخليفي- مساعد الأمين العام للشؤون الإدارية بالمجلس الأعلى للصحة أن استضافة الدوحة للندوة تأتي في إطار تفعيل قرار مجلس وزراء الصحة العرب في دورته الـ39 الذي أقر تنظيم ندوة علمية في إحدى الدول العربية لإبراز جهود المركز.

وأكد الخليفي في كلمته أن تنظيم الندوة يعكس حرص المجلس الأعلى للصحة على تعزيز التعاون مع المراكز والهيئات الإقليمية والدولية، والعمل على تعريف المتخصصين في الأجهزة الحكومية والجامعات والمؤسسات في القطاعين الخاص والعام في دولة قطر بمركز تعريب العلوم الصحية.

ونبه إلى أن الندوة تحظى بأهمية نابعة من خصوصية المركز الذي يعول عليه في تحقيق أهدافه الكبيرة والإسهام في تعريب التعليم الطبي، مشيرًا إلى أن المتابع لأعمال المركز يلاحظ إسهاماته المميزة في ترجمة وتأليف الكتب الطبية باللغة العربية، وبناء القواميس والأطالس الطبية، وحصر وتخزين الوثائق والمعلومات الطبية في قاعدة بيانات شاملة يسهل استرجاعها عند الحاجة.

الراية