|

الإيرانيّون يتعلّمون العربية.. بصعوبة
أ. فرح الزمان شوقي
هل ترغب بتعلم اللغة العربية بأبسط الوسائل؟ هل ترغب بالانضمام إلى دروس خصوصية سهلة وممتعة وبأسعار مناسبة؟ هذه مجرد أمثلة من أسئلة كثيرة تجدها على إعلانات، تلصق على الجدران القريبة من مركز العاصمة الإيرانية طهران، حيث كليات جامعة طهران المختلفة. تجدر الإشارة إلى أن تعلّم اللغة العربية إلزامي في المدارس بدءاً من المرحلة الإعدادية.
تلتقطُ سيدة إحدى هذه الأوراق. تقول إن ابنها (16 عاماً) يواجه صعوبة في تعلّم العربية، وعادة ما يحصل على علامات متدنية، وأحياناً متوسطة. في المقابل، ترى أن عليه فهم هذه اللغة جيداً وتعلمها وإتقانها، حتى لو كان من خلال الدروس الخصوصية، لأنها ستساعده في حال اختار دراسة الآداب أو الحقوق أو العلوم الدينية في الجامعة.
في الوقت الذي تعد فيه اللغة العربية مهمة لكثير من الإيرانيين، يلاحظ إقبالهم أيضاً على تعلّم اللغة الإنجليزية. في هذا الإطار، تقول المتخصصة في تعليم اللغات الأجنبية فرح مقدم ، إن "تعلم لغات ثانية غير الفارسية بات أمراً ملحاً وضرورياً للغاية، لكن الإقبال عليها مرتبط بحسب الحاجة إليها". تضيف أن الشباب يفضلون الإنجليزية كونها لغة العالم، وبهدف استخدام الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
تقول مقدم لـ "العربي الجديد"، إن اللغة العربية وحتى الفرنسية تأتيان في الدرجة الثانية. وتوضح أن الإقبال على اللغة الإنجليزية مرتبط أيضاً بكثرة المعاهد والأساتذة، حتى أصبح تعلّم هذه اللغة أمراً سهلاً وبسيطا ومتاحاً لغالبية الإيرانيين. وترى أن المدرسين ما زالوا يحتاجون لدورات تقوية، لمعرفة كيفية التعاطي مع التلاميذ الراغبين بتعلم اللغات الأجنبية.
يجدُ عدد كبير من الإيرانيين صعوبة في تعلّم اللغة العربية. وبحسب مقدم، لا يتعلق الأمر بكونها لغة معقدة. فبين الفارسية والعربية تقاطعات كثيرة. الأحرف الأبجدية هي ذاتها وطريقة الكتابة هي نفسها، إلا أن الصعوبة تكمن في المناهج المعتمدة في المدارس الإيرانية، التي تركز على القواعد أكثر من التركيز على تعليم المفردات، ما يتسبب بإرهاق التلاميذ وبالتالي ابتعادهم عنها على الرغم من حاجتهم الماسة إليها.
إذاً، صعوبة هذه اللغة تدفع الأهالي إلى الدروس الخصوصية. في المقابل، هناك فئة تُقبل على هذه الدروس لتعلم العربية إما حباً بها أو بحسب أهميتها. تُعطي ديانا محمود دروساً في اللغة العربية لبعض الإيرانيين الذين يقصدونها، كونها عربية الأصل. تقول إن غالبية الطلاب الذين تدرسهم تزيد أعمارهم عن الثلاثين عاماً، ومعظمهم يطلبون منها تعلم لهجة أهل بلاد الشام أو العراق وحتى الدول الخليجية. هؤلاء يريدون تعلم اللغة العربية كونهم يعملون في التجارة.
يدرك الإيرانيون أن تعلّم اللغة العربية قد يساعد الشباب على إيجاد فرص عمل، وخصوصاً أن نسبة البطالة ترتفع في إيران، ما يدفع كثيرين للسفر إلى الخارج، أو العمل في التجارة بين إيران والبلدان العربية، وخصوصاً الإمارات.
وفي ما يتعلق بالمعاهد التي تدرس العربية، فعادة ما تستقبل الطلاب الجامعيين أو الراغبين بتعلم العربية لأسباب دينية. وتقول أستاذة اللغة العربية في معهد اللغات التابع لجامعة طهران، شيرين سمارة لـ "العربي الجديد"، إن "عدداً كبيراً من الطلاب يحتاجون إلى العربية وخصوصاً في عدد من التخصصات الجامعية".
تنتقد سمارة عدم دقة الكتب والمناهج التي تعتمدها المعاهد. تشير إلى وجوب الاستعانة بأساتذة عرب بهدف تحرير وطباعة هذه الكتب، لتلافي الأخطاء التي قد يقع بها الطلاب، بالإضافة إلى من يدرسون هذه الكتب من أساتذة إيرانيين متخصصين بالعربية.
من جهتها، تشير نرجس إلى أهمية اللغة العربية بالنسبة للإيرانيين، كون إيران بلداً مسلماً، ويحرص مواطنوه على تعلم لغة القرآن. تضيف أنها تدرس العربية لفهم القرآن بالدرجة الأولى، ولأنها تحب الذهاب في رحلات دينية إلى العراق والسعودية. فيما يقول زميلها أحمد إنه كان مضطراً لتعلم العربية، لأنه يدرس الأدب الفارسي في الجامعة. لكنه مع الوقت، اقترب أكثر من هذه اللغة وبات تعلمها أمراً ممتعاً بالنسبة له.
تتشابه أسباب لجوء الشباب إلى تعلم اللغة العربية. هي ضرورة بالنسبة للبعض بحسب تخصصاتهم الجامعية، فيما لا ينكر آخرون حبهم لهذه اللغة. في الوقت نفسه، يجمع متخصصون على ضرورة إيجاد طرق أكثر سلاسة لإيصال هذه اللغة إلى الإيرانيين.
العربي الجديد
|
|
|
|