|

مجلس النوّاب وقانون حماية اللغة العربيّة
د. صلاح جرّار
أخذت مناقشة قانون حماية اللغة العربيّة في مجلس النواب مدّة طويلة، وذلك أمرٌ له دلالات مهمّة، أتمنّى أن يكون على رأسها أنّ النوّاب ينظرون إلى هذا القانون نظرتهم إلى القوانين الحيويّة ذوات الأهميّة البالغة لسلامة المجتمع وصلاح أحواله.
وفي مثل هذه الحالة فإنّ من حقّهم أن يأخذوا الوقت الكافي لفحص كلّ مادّة من مواد هذا القانون بدقّةٍ متناهية، وإن كان الأمر كذلك فإنّه يعكس حماسة كبيرة عند هؤلاء النوّاب للغة العربيّة وما تمثّله من هويّة الوطن والأمّة.
إلاّ أنني أخشى أن تكون إطالة الوقت في مناقشة هذا القانون تمثّل شكلاً من أشكال المماطلة والتلكؤ وترحيل المسؤوليات الكبيرة إلى دورات لاحقة، لحاجة في نفوس بعض هؤلاء النوّاب.
وربّما كان لبعض النواب اعتراضٌ على مادةٍ أو أكثر من مواد القانون، أو اختلاف في الرأي فيما بينهم حول بعضها، فإن كان الأمر كذلك فإنّه لا يجوز إعاقة السير في استكمال إجراءات المصادقة على القانون بسبب هذا الاختلاف أو الاعتراض، بل يمكن حصر هذه المواد المختلف عليها ومناقشتها مع المختصين، ثمّ الخروج بالصيغة المناسبة التي تحقق مصلحة المجتمع وتطلعات الأمّة في الحفاظ على لغتها وفكرها وثقافتها وهويتها.
إن إقرار قانون حماية اللغة العربيّة والمصادقة عليه يعدّ مسؤولية وطنيّة وقوميّة ذات أولوية متقدّمة، وصورة من صور الجهود المبذولة لاستعادة ما فرط من أركان هوّيتنا وشخصيتنا الثقافيّة والحضارية، كما يعكس رغبة في الإمساك بما تبقّى من قيمنا ومبادئنا السامية وعقيدتنا السمحة، لأنّ اللغة العربيّة هي مستودع كلّ مقومات تماسك الأمّة ووحدتها ومنجزها العقلي والروحي، فبإتقانها والمحافظة عليها نستطيع استخراج رصيدٍ كبير من عوامل النهضة والتقدّم والمنعة والصمود وبناء المجتمعات السليمة، كما أنّ المحافظة عليها سوف يساعد في تعزيز انتمائنا لأمتنا العربيّة وديننا الحنيف، ومتى فرّطنا بها فإننا نكون قد مهّدنا للابتعاد عن ارتباطنا بالأمّة العربيّة والعقيدة الإسلامية. واللغة غنية بكلّ ما يمثّل الأمّة وما تحتاج إليه في نهضتها واستمرار وجودها.
إنّ مجلس النوّاب الكريم مدعوٌّ إلى الإسراع في المصادقة على هذا القانون، ومتى فعل ذلك فإنّ هذا الإنجاز سوف يسجّل له بوصفه واحدة من أهم مآثره.
الرأي
|
|
|
|