|

التلاقح الحضاري بين العربية والإسبانية
أ. يحيى شقير
من الطبيعي أن يؤثر الوجود العربي الذي امتد ثمانية قرون في إسبانيا في اللغة الإسبانية؛ حيث كانت العربية لغة المنتصرين ولغة الأدب والعلم والثقافة كالإنجليزية حاليا.
وقد امتد الحكم العربي من سنة 711 حتى سنة 1492، ولم يكن مصادفة أن جرى عقد مؤتمر مدريد "للسلام" بعد خمسمئة سنة من انتهاء الحكم العربي في إسبانيا.
وطيلة هذه القرون الثمانية تأثرت الإسبانية بالعربية وبالعكس وبدرجة أقل على العربية.
وفي الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي استضافته لاتفيا (3 ايار الماضي) وجدت اسمي في برنامج المؤتمر كمتحدث باسم جامعة "بلانكيرنا" في برشلونة لأني أقوم بتنفيذ مشروع صغير peer 2 peer (أي النظير لنظيره) معهم ضمن برنامج "ميد ميديا" الذي يجمع صحافيين وباحثين من جنوب أوروبا مع نظرائهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والتقيت في الزيارة بعميد كلية الإعلام في الجامعة واثنين من اساتذتها، ووجدتها فرصة لاستعادة الذكريات هناك، وتقوية لغتي الإسبانية التي تعلمتها في مدريد قبل ثلاثين سنة. وعندما سألني أحدهم أين كنت أسكن أجبت: في شارع اسمه Alcala وهو محرّف عن اسم القلعة. وهكذا بدأ الحوار عن بقايا العربية في الإسبانية.
وفي اسبانيا تعتبر أكلة الـ paella وينطقونها "پائيّا" كالمنسف في الأردن، ويقال إن أصلها عربي، ويقولون إن الخدم الإسبان كانوا يجمعون ما تبقى من طعام الأمراء والأغنياء العرب فيحصلون على أكلة سموها البقية، وهي مكونة من مختلف انواع الأكل البحري والزيتون والبزيلاء.
أما كلمة ريال فيبدو أن أصلها إسباني منسوب إلى الملك rey ، ومنه وصف النقد بالملكي real، وفي المغرب يقولون تريَّل اي صار غنيًا، أو مريِّل: غني.
ويبدو أن الرتبة العسكرية للبحرية amiral تعود إلى أمير البحر، والـalcalde القاضي. وكذلك tarifa اي التعرفة الجمركية اي الثمن المحدد رسميا، وaduana وتعني الديوان أي الجمرك، و mezquina وتعني مسكين، alcazar وتعني القصر، almohada وتعني المخدة، taza وتعني طاسة (شاي)، alquiler وتعني الكراء، وalamzara وتعني المعصرة، faquir وتعني فقير وandorra وتعني الغندورة أي الفتاة الجميلة.
وهناك مئات الكلمات لو دققنا فيها لوجدنا التأثير العربي فيها خاصة تلك البادئة بأل التعريف al.
ولنا أن نتخيل كما أن فتيان وفتيات "عبدون" يتكلمون بالإنجليزية كنوع من "البرستيج"، فإن فتيات إسبانيا في العصور الأندلسية كنَّ أيضا يتباهين بالكلام بالعربية، وقرأت مرة في كتاب أن امرأة إسبانية أرادت أن تعدد مواهب ابنتها لتسويقها كعروس بقولها إنها تتقن العربية لا بل تحفظ أشعارا بالعربية عن ظهر قلب.
العرب اليوم
|
|
|
|