لغة الضاد.. لتكن ضوءنا الذي نبثه إلى العالم

د. اسمهان ماجد الطاهر

افتتحت جلالة الملكة رانيا العبد الله النسخة العربية للموقع الأمريكي هافنغتون بوست، بمقال تحت عنوان «ميزان المرء»، تحدثت فيه عن أن ثراء اللغة العربية بمفرداتها وما تحملُه من معان جميلة، وافكار تعبر عن قيمنا العربية والاصالة فيها. كما تحدثت عن أن اللغة العربية عامل أساسي من عوامل الحفاظ على كيان الامة العربية، وفي حقيقة الامر أنه اذا أهملنا لغتنا نكون قد أهملنا أنفسنا، وحضارتنا، وتاريخنا، وتراثنا.
الموضوع جميل وهو من أهم المواضيع التى تخص اُمتنا العربية خصوصاً في ظل الاقبال على الدراسة والتدريس في اللغة الانجليزية في العالم العربي، فقد اصبح من أهم الأولويات في العالم العربي الاهتمام بتعليم اللغات الاجنبية خصوصاً اللغة الانجليزية، وقد يكون ذلك جميلاً من ناحية، وسلبيا من ناحية اخرى، فالإيجابية في تعلم اللغة الأجنبية، هى زيادة القدرة على تحصيل وتبادل المعرفة والثقافة بيننا وبين الغرب، أما الناحية السلبية فهي أن كثيرا من الطلاب يتم تعليمهم اللغة الاجنبية قبل أن ينضجوا ويتمكنوا من لغتهم العربية لغة الضاد، وهذا الامر أن لم يتم الانتباه له فقد يؤدي الى ضياع وفقدان الشخصية العربية الاصيلة، خصوصاً أنه بات من الدارج وضع الأبناء للدراسة ببرامج اللغة الاجنبية، وبات يعتبر ذلك مؤشر تطور ورفاهية، وكثير من الأسر لا تنتبه لموضوع تطور الابن بشكل سليم باللغة العربية قراءة وكتابة ونطقاً. فمهما كان لتعلم اللغات الأجنبية فوائد عظيمة، فأن تعلمها يجب أن يبدأ بعد أخُذ الطالب جرعة كافية من لغته الأم وهي اللغة العربية. ومن اروع ما جاء في مقال جلالتها تأكيدها على أن اللغة هي انعكاس للبيئة والواقع الفكري والثقافي للأفراد والشعوب الناطقة بها، لذلك من المهم آثراء المحتوى الالكتروني بلغة الضاد، كما لابد من إنشاء مزيد من المواقع الناطقة بالعربية والتي يجب أن تحتوي على العلوم النافعة لتاريخنا، وحضارتنا العربية، فالأجيال القادمة لها حق علينا لكي ننشر لها محتوى غنيا عن تراثنا وحضارتنا.
من المؤسف أن لا يعرف الجيل الجديد عن العلماء العرب الذين وضعوا الكثير من اصول العلم والمعرفة في كل المجالات، كذلك التاريخ والحضارة، والادب العربي، والشعر والثقافة العربية الغنية العميقة المليئة بمخزون معرفي غني بالقيم الطيبة الكريمة، التى تحث على مكارم الاخلاق، الكرم، والشهامة، والايثار، وتقبل الآخر، والدعوة للترحال والتنوع، وتقبل التغيير.
دعونا نقول لمن يستمتعون بجلد الذات، ونشر الهزيمة النفسية، يكفي !
ولنبدأ باستخدام أساليب التحفيز والدعم والتشجيع على الاقبال على التمعن في الحضارة العربية والدور المهم الذي لعبه العرب في نشر العلم والمعرفة في العالم، وتطوير البشرية ونقلها من العصور المظلمة الى النور، وذلك بأعتراف الكثير من المثقفين الغربيين.
علينا الاهتمام أكثر بمناهجنا الدراسية حيث باتت للأسف تركز أكثر على تاريخ الحرب والهزائم، نريد للجيل الجديد أن يكون بداخله الكثير من الايمان والعزيمة، والثقة والاعتزاز بثقافته، وتاريخه، وحضارته، ولغته العربية الجميلة، وذلك لن يتعارض مع الانفتاح على الاخر وتعلم اللغات الاخرى، وتبادل العلم والمعرفة، نريد حفز التفكير الابداعي العربي من خلال لغة الضاد لتكون حقاً كما قالت جلالة الملكة رانيا العبد الله « لتكن ضوءنا الذي نبثه الى العالم».

الرأي