|

تعريب التعليم : ضرورة أم ترف؟
د. يعقوب أحمد الـشـراح
موضوع تعريب التعليم له أهمية بالغة في عالم تتصارع فيه اللغات على القوة والتأثير والانتشار. اللغة العربية إحدى اللغات الحية الثرية التي لها تاريخ طويل تشهد له مؤسسات التعليم الغربي عندما كانت العربية لغة المعرفة والعلم لديها . واليوم نواجه عزوفاً من أهلها يستدعي البحث والتمعن لما في ذلك من خطورة بالغة. ونظراً لأهمية الموضوع فإننا سنتناوله في حلقات عدة. إن قضية التعريب هي المرتكز الأول الذي يتحاج منا إلى تحديد لمفهومه ودلالاته وأهدافه وتباين المواقف منه لذا لابد أن نتناقش في القضية في إطارها الشامل ، وهي ليست محصورة في دائرة واحدة كمجال المصطلح العلمي، أو نطاق مستلزمات التعريب والترجمة بقدر ما يتطلب الأمر مواجهة كل هذه الأمور في إطار ما نواجهه من محاربة شديدة للمؤسسة التعليمية والعربية، وللغة العربية بالذات من قبل البعض ممن يرى في التعليم الأجنبي واللغات الأجنبية القوة والغلبة، والقدرة على استيعاب مستجدات العصر، ومسايرة التطورات العلمية والتكنولوجية ، وهي تحديات كبرى تحتاج إلى تشخيص دقيق لها وموقف صامد تجاهها، وحلول جذرية ، حفاظاً على المؤسسة التعليمية وخاصة حماية ورعاية اللغة العربية .
يمثل التعريب أساساً للعمل التعليمي باعتبار أن دستور الدول العربية ينص على أن اللغة العربية هي لغة الدولة، وقد أكدت الأهداف العامة للتعليم على الالتزام القومي والديني باللغة العربية، ونتيجة لذلك فقد تأكد هذا المبدأ في قرار المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنص صريح وهو الالتزام بتعريب التعليم الجامعي بكل فروعه وتخصصاته والتعليم العالي كلما كان ذلك ممكناً . فهل هذا المطبق على أرض الواقع ؟ وأين المشكلة ؟ وما نوعها ودرجاتها ؟ أننا ونحن نبحث في واقع التعريب وصلته بالمؤسسة التعليمية وبالمجتمع فإذ لم يكن هناك تعاون دائم ورؤية مشتركة لاستراتيجية عربية للتعريب في المؤسسات التعليمية العربية فإن استكمال مشروع التعريب بالكامل في هذه المؤسسات يظل متعثراً وبطيئاً . الوضع في المؤسسات العلمية والتطبيقية مع الأسف ينطبق عليه مقولة ابن خلدون في مقدمته من أن المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب ، وفي ذلك يقول إن النفس أبداً تعتقد الكمال فيمن انقادت إليه إما لنظرة بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب ، إنها فعلاً هزيمة نفسية وفكرية .
|
|
|
|