عشقت العربية منذ صباي.. تعلمتها ثم درًّستها ببرشلونة

حسان مرابط

 فيما خسر بوعلام صنصال رهانه على الفرنكوفونية والصهيونية في دخول غمار الغونكور، كسب الكاتب والمترجم الفرنسي ماتياس إينار رهانه على الإنسانية، وتفوق حبه للغة العربية رغم -فرنسيته- ليعلن صاحب "شارع اللصوص" متوجا بجائزة "الغونكور" منذ يومين. التقته الشروق في سيلا 20 فكان هذا الحوار.


علاقتي بلغة الضاد جاءت بناء على يومياتي، بعد ما كانت حلما راودني في الصغر، وبعد ما كبرت، تعرفت على زملاء وأصدقاء من فلسطين ومصر وسوريا ومن المشرق العربي بصفة عامة، لأنّني عشت سنوات طويلة هناك بمصر وسوريا، وبفضل احتكاكي معهم تعلمت العربية، كما درّستها فيما بعد ببرشلونة بإسبانيا. ما جذبني أكثر إلى اللغة العربية هو ثراءها بكافة العناصر، وعمقها في التاريخ، بحيث تكتشف كل يوم لفظا جديدا، وهذا التنوع يمتد إلى قرون طويلة من خلال الشعر الكلاسيكي والأدب العربي الجاهلي القديم وغيرها من العوالم التي تساعدك في التعلق بالعربية، كما أنّها تتصل بظروف اجتماعية واقتصادية وأخرى.

قلت بأنّ اللغة العربية ثرية ومتنوعة، لكن أين مكامن الخطر الذي يتربص بها؟ 

صراحة، اللغة العربية لغة جميلة وثرية، ويقابل الإنتاج الأدبي العربي باهتمام كبير في دول المتوسط من قبل الباحثين والمهتمين بالأدب، لكنّها تعاني اليوم بسبب ظروف عديدة أبرزها قلّة الترجمة بالرغم من المجهودات المبذولة في المجال من طرف عديد الكتّاب، وفي النهاية لم تجد مكانتها بعد بأوروبا وغير كافية، وهي الصورة الحقيقية، لذا يجب بذل المزيد لتحقيق تطور وقفزة في الترجمة لبلوغ الكتابة العربية إلى أوروبا، ضف إلى ذلك معوقات النشر المتعلقة بالأدب العربي والتي لا تسمح بسيرها الحسن وتوسعها.

برأيك، هل يمكن أن تكون اللغة العربية "ضحية" عوامل جيوسياسية؟ 

أعتقد بأنّ واقعها الحالي مرتبط أساسا بما يحدث في العالم العربي اليوم، وتأثير وسائل الإعلام، وفي الوقت ذاته أعتقد بأنّ المهتمين سواء في فرنسا أو ألمانيا أو إسبانيا بالعربية وبالثقافة العربية لديهم إمكانية قبولها بالنظر إلى وجود مترجمين ونصوص مترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، وكذا وجود كتاب وناشرين وجميعهم يخلق جسرا بين العربية ولغات هذه البلدان، أي الفرنسية والألمانية والإسبانية، وهذا ما يسمح بمرور النصوص بين الجهتين، لكن من جهة أخرى لا بد من تطوير اللغة العربية بهدف مجابهة الخطابات التي تقلل من أهميتها، وصراحة لابد من قراءة النصوص العربية الحديثة، لأنّها مثيرة للاهتمام.

بعيدا عن الأسباب التي جعلت العربية ضحية، ألم يساهم الكتاب الإلكتروني في نشرها بأوروبا؟ 

الكتاب الإلكتروني منح الكتاب والناشرين والمترجمين في الدول الأوربية فرصة الإطلاع على ما ينتج من أدب سواء الشعر أو الرواية في العالم العربي، كما يسمح بالتنقل السلس أو المرور السهل للنصوص المترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بين الضفتين، بينما وجب تضافر الجهود لاسيما وسائل الإعلام التي لا بد أن تعمل على نقل المعلومات بشأن ما يكتبه ويترجمه الكتاب العرب، وعلى العموم يبقى الوضع الاقتصادي في مجال نشر وتوزيع الكتاب العربي معقد.
 

 

الشروق